النبي صالح  المسافة صفر

النبي صالح : المسافة صفر !

النبي صالح : المسافة صفر !

 لبنان اليوم -

النبي صالح  المسافة صفر

حسن البطل

في أعداد أيام السبوت أتملّى الصور أولاً قبل الإلمام برؤوس الأخبار. عدد السبت يغطّي بالصور ما أصفه بـ «نبض الشعب»، وما يعتبرونه في إسرائيل إما انتفاضة هادئة، وإما مقدّمات انتفاضة ثالثة.

نسمّي نبض قلب الشعب، منذ اعتماد نموذج بلعين 2006، مقاومة شعبية سلمية، تبدو علاقتها مستقلة عن المفاوضات، سواء إن نشطت، أو توقفت، حتى وإن نشبت منذ العام 2006 ثلاث حروب في قطاع غزة، تخلّلها انقسام سلطوي.

قلتُ نبض قلب الشعب؛ وقلب الشعب سليم، فهو ينبض بانتظام منذ عشر سنوات كل يوم جمعة كما ينبض القلب نبضة انقباض، وباقي الأيام ينبض نبضة انبساط مهما كان الوضع السياسي.

إن عشر سنوات من نبضات مقاومة شعبية سلمية، تعادل مجموع سنوات الانتفاضتين الكبيرتين الأولى السلمية والثانية المسلحة. هذا نَفَس الشعب الطويل.

عموماً، صارت للمقاومة الشعبية ما يشبه «قواعد اشتباك» تبدأ بمسيرة احتجاج ترفع الأعلام دائماً، أو لافتات حسب المناسبات أو الظرف أو الحدث، وتنتهي إما بتدافع مع الجنود من المسافة صفر، أو بـ «طوشة» لفك أسر متظاهر، أو تبدأ كما تنتهي بمباراة تراشق بين الحجارة والمقاليع وبين رصاص الجنود وقنابلهم الغازية.

في بيت جالا، يوم الأحد الفائت، خلع المتظاهرون المحتجون بأيديهم العارية بوابة حديدية، وفي النبي صالح انهالت النسوة والفتيات بأيديهن العارية ضرباً ولكماً على جندي لتحرير اعتقاله فتى حدثاً له من العمر 13 سنة، حتى أن فتاة صغيرة عضّت أصابع يد الجندي لتحرير الغلام.

الغلام كان مكسور اليد اليمنى في مظاهرة احتجاج سبقت، ومحاولة الجندي اعتقاله في مظاهرة احتجاج لاحقة، أدت إلى إصابة ذراعه بكسر جديد، وفي نهاية «الطوشة» تمكنت النسوة من تحرير الغلام، وتمكن جنود آخرون من تحرير الجندي من قبضات النساء العارية!

يقولون في إسرائيل إن قوة جيشهم ردعت الجيوش العربية عن تحدّيها، وتوصلت إلى نوع من توازن الردع مع حزب الله وحركة حماس، لكن الأمر مختلف مع نبض الشعب الفلسطيني، وبخاصة منذ تفشي نموذج بلعين.

من المسافة صفر يتدافعون مع جنود مدججين، وبالأيدي العارية يتطاوشون معهم، ومن مسافة أبعد قليلاً تجري مباراة بين مدى رميات الحجارة والمقاليع، والمدى المجدي لطلقات الرصاص على أنواعه، وقنابل الغاز على أنواعها.

لا أحد في فلسطين أو في جوارها يحكي عن «موازين القوى» لكن في فلسطين، بالذات، لا أحد لا يحكي عن موازين الإرادات.

يعرف الذين يخرجون في مظاهرات الاحتجاج أن بعضهم سيعتقل، وأن الموت برصاصة أمر محتمل، كما سقط الشهيد مصطفى التميمي عام 2011 في مظاهرة احتجاج سلمية، وهو من النبي صالح، التي بعض سكانها في الاعتقال المؤبد لنشاطهم في الانتفاضتين الشعبية والمسلحة.

النبي صالح، التي تذود دفاعاً عن أرضها وعيون الماء فيها، قرية صغيرة يسكنها أكثر قليلاً من نصف الألف، ومعظم سكانها من شجرة عائلة التميمي (حوالي 90%).

هذه القرية ينبض قلبها بانتظام منذ العام 2009 وهي، أيضاً، تعدّ من بين أكثر القرى في نسبة التعليم العالية لناسها.

صحيح، أن الوضع السياسي الوطني ليس حسناً، والوضع السياسي العربي أكثر من سيئ.. وأولاً موازين القوى مختلة لصالح العدو، لكن نبض إرادة الشعب متنظم.

.. ومن «المسافة صفر» يتجرَّؤون على التدافع و»التطاوش» مع جنودهم المدجّجين، وفتاة صغيرة تعضُّ بأسنانها يد الجندي، ولكمات النساء تنهال على رأسه وجسمه.

هل تتذكرون زمناً كان جيشهم يتمدّح بأن ذراعه طويلة؟! نتحدّاهم من المسافة صفر.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النبي صالح  المسافة صفر النبي صالح  المسافة صفر



GMT 16:45 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تحليل التحليل «السياسي»

GMT 16:42 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية منظمة التحرير!

GMT 16:39 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

هذه النغمة غير المُريحة

GMT 16:35 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

التغيير الدرامي لمسلمي وعرب أميركا تجاه ترمب

GMT 16:31 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

البحث عن «الفستان الأبيض» رحلة خجولة فى أوجاع الوطن!

GMT 16:27 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عصافير عدّة بحجر واحد

GMT 16:21 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتخابات الأميركية والألبوم العائلي القديم

GMT 16:18 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

شوية كرامة بَسْ

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:39 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك
 لبنان اليوم - البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك

GMT 19:31 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة
 لبنان اليوم - نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة

GMT 06:48 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

توقعات برج الميزان لشهر أكتوبر / تشرين الأول 2024

GMT 10:20 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

معرض الجبل للفن برعاية حركة لبنان الشباب

GMT 21:10 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 06:05 2024 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي الإنكليزي يتصدًر قائمة أفضل 10 أندية فى العالم

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام

GMT 12:31 2022 الأحد ,10 تموز / يوليو

أفضل أنواع الماسكارا المقاومة للماء

GMT 17:22 2021 الجمعة ,23 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon