بين أم الإنسان، وأمّ الإنسانية

بين أم الإنسان، وأمّ الإنسانية!

بين أم الإنسان، وأمّ الإنسانية!

 لبنان اليوم -

بين أم الإنسان، وأمّ الإنسانية

حسن البطل

والآن؟ حقوق الأرض على شعوبها وناسها. ميثاق الأمم المتحدة عن حقوق الشعوب، وتلاه ميثاق جنيف عن حقوق الإنسان.

هل نقول إن مؤتمر باريس للمناخ، سيعطي الأرض ما يقيم أودها من حقوقها على شعوبها وناسها؟ هذه حضارة قوامها الطاقة.

ما هو قوام حياة الأرض؟ ماء وهواء، ومناخ، هو محصلة الجوع الى الطاقة على حال الماء والهواء.

الماء العذب يشكل ١٪ من مياه الأرض (أنهار، ينابيع، بحيرات عذبة) وباقي ماء الأرض مالح وأجاج، يحتاج طاقة لتحويله ماء عذباً.

معظم رصيد الأرض من ماء عذب موجود في القبعتين الجموديتين اللتين تذوبان وتنزفان بمعدل هو الأسرع منذ ١١٥ عاماً (بدء القياس) بفعل احترار جو الأرض الذي هو الأعلى منذ الثورة الصناعية وقوامها طاقة أحفورية: فحم حجري، نفط. الآن مطلوب أكثر ما يمكن من «طاقة خضراء» لا تنفد ما بقيت الشمس مشتعلة في صهر الهيدروجين وتحويله الى هليوم.

ماذا عن الماء؟ كان هناك من اقترح أن تكون القبعتان الجموديتان ما يشبه مقالع الماء العذب، ونقل جبال الجليد بعد تقميطها بلباس أسود، ثم جرّها بحراً بالسفن الى مدن السواحل العطشى؟!
جليد ماء القبعتين غيره الماء المجلد آلياً وبطاقة التبريد. إنه قاس كالصخر وأقسى، ولا تنفع «البلطات» مثلاً في تفتيته، لكن حرارة الجو تذيبه شيئاً فشيئاً.

ماذا عن الهواء؟ في أخبار ما بعد مؤتمر باريس للمناخ، أن تلوث الهواء في بكين وصل الدرجة الرابعة، وارتدى ناسها «كمامات» أو ذهب البعض منهم الى المشافي، او غادروا العاصمة الى أماكن أخرى في البلاد وحتى خارجها!

في طهران، ايضاً، ذات الـ ١٤ مليون ساكن، بلغ تلوث الهواء ١٨٠ درجة، علماً أن الحال الطبيعية هي من صفر الى ٥٠ درجة، فإذا وصل التلوث ٢٠٠ درجة يجب إغلاق المدارس. في العام ٢٠١٢ مات ٤٥٠٠ إنسان هناك بمضاعفات تلوث الجو.

ما هو الحل الذي يتفرع حلولاً؟ في فرنسا فكروا بطاقة من مفاعلات نووية جديدة، أي تعمل بالانشطار وليس بالانصهار كما المفاعلات النووية العادية. هذه «طاقة خضراء» تسد بعض الحاجة.

في المغرب دشنوا اكبر محطة عالمية لإنتاج الطاقة الشمسية توفر انبعاث ٢٤٠ ألف طن من ثاني أكسيد الكربون، فإلى مضاعفة الرقم حتى تغطي ٤٢٪ من حاجة المغرب الى الطاقة، وتخفّض انبعاثات الكربون تسعة ملايين طن، التزاماً بخفض المغرب غازات الدفيئة بنسبة ٣٢٪ بعد ١٥ سنة.
كم مليار طن من الغازات يلزم هذه الأرض وهواءها حتى لا تزيد حرارة جوّها عن ١،٥ درجة؟
مؤتمر باريس منح الدول خيارين تطّوعين: تخفيض تبعاً لكل حصة دولة، او تخفيض تبعاً للنمو السكاني في كل دولة.

إسرائيل، مثلاً، فضّلت الخيار الثاني، وبموجبه سيزداد إطلاقها غازات الدفيئة ١٤٪ عملياً عام ٢٠٣٠ تبعاً لزيادة السكان.

فلسطين انضمت الى اتفاقية المناخ، وهي لا تساهم في تلويت الجو، لكنها ضحية له، حيث مصانع اسرائيل ومستوطناتها تؤثر على جو البلاد، بينما فلسطين بلد يحبو في الطاقة الشمسية، لكنها تنمو في عدد السيارات، وربما الشكوى المحقة هي إشعال العجلات في الانتفاضة مثلاً!

توصل العلم الحديث الى «الهندسة الوراثية» في المحاصيل، ورغم محذوراتها، فإنها سدّت بعض حاجة العالم الى الغذاء، لكن تلوث الجو سيؤثر سلباً على هذا النجاح، لأنه «سيخربط» التهطال المطري من موجات جفاف الى موجات إعصار وسيول.

تغلب العالم على قسم من الأوبئة الفتاكة، وعلى حاجته الى تطوير الزراعة، والآن يقف أمام سؤال مستقبله: علاج كوكب الأرض: ماء وهواء وحرارة، وإلا فإن الثورة الصناعية هي أن يقوم الإنسان بحفر قبره بيديه.

لا توجد سوى أم واحدة لكل إنسان؛ ولا توجد سوى الأرض في دور أمّ الإنسانية.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين أم الإنسان، وأمّ الإنسانية بين أم الإنسان، وأمّ الإنسانية



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon