تمــــاس

تمــــاس ؟!

تمــــاس ؟!

 لبنان اليوم -

تمــــاس

حسن البطل

حال رام الله، المدينة والمحافظة، من حال التقسيم الأوسلوي الثلاثي لأرض الضفة (أ. ب. ج). إنه تقسيم مبرقش كجلد النمر والقط مثلاً، أي ليست هناك مناطق متصلة جغرافياً بل متداخلة.

يفسّر هذا التعقيد بعض جوانب «التنسيق الأمني»، وهذا ازداد تعقيداً بعد أن أسقط اجتياح العام 2002 حصانة المنطقة السيادية السلطوية المسمّاة (أ).

البعض، خارج فلسطين، يتصور، مثلاً، أن المنطقة (ب) شبه عازلة بين المنطقتين (أ) و (ج). معظم المدن مناطق (أ) ومعظم القرى مناطق (ب).. لكن أحياناً يكون هناك تماس جغرافي بين المنطقة «السيادية» السلطوية وتلك ذات السيطرة الإسرائيلية التامة.

هل يفسر هذا التعقيد حالات أخيرة في مدينتي رام الله وبيت لحم، مثلاً؟ أي تماسهما في البيرة و»بيت إيل»، أو في بيت لحم وما يدعوه الإسرائيليون «قبر راحيل» وندعوه «مسجد بلال بن رباح»؟

صار في بيت لحم، قبل أسابيع، احتكاك بين الشرطة الفلسطينية ومظاهرة شبابية تعتزم «الزحف» إلى القبر ـ المسجد، وصار احتكاك، أول من امس الجمعة، بين مظاهرة دعت إليها «القوى الوطنية والإسلامية» للزحف إلى أسواق مستوطنة بيت إيل.

حتى ساحة «فندق سيتي إن» تنتهي المنطقة (أ) وتبدأ المنطقة (ج) ومن الساحة يمر شارع نابلس.
في الانتفاضة الثانية كانت المظاهرات يومية تقريباً، وسقط فيها كثيرون من الشهداء، لكنها لم تصل الساحة.

إلى أن اندلعت هذه الثالثة، فتغير الشارع نحو الأحسن والأجمل، وكذا ارتفع في الساحة نصب تذكاري يعلوه علم فلسطيني، يرفرف فوق سحب سوداء من دخان اطارات مشتعلة، وتتداخل فيها سحب بيضاء من قنابل الغاز الإسرائيلية.

هل هناك حاجة للإشارة على ما تعنيه رام الله للسلطة الفلسطينية، وما تعنيه بيت إيل للاحتلال الإسرائيلي؟ هذا تماس متفجّر، كما في حالة تماس مخيم الجلزون وبيت إيل، حيث سقط ويسقط شهداء بالرصاص في الانتفاضتين.

في مناطق تماس تحيط برام الله، مثل معسكر ـ سجن عوفر على حدود بيتونيا (رام الله كتلة تضم مدن البيرة وبيتونيا) أو حاجز عطارة شمال بيرزيت، أو منطقة التماس بين سطح مرحبا ـ البيرة ومستوطنة بسغوت، غير الحال الحساسة بشكل خاص المحيطة بمعكسر/ مستوطنة بيت إيل.
لا تبعد ساحة السيتي ـ إن سوى مسافة قصيرة عن بيت رئيس السلطة، ومن ثمّ فإن زحفاً شعبياً إلى أسوار بيت إيل قد يجابه بالنيران الإسرائيلية، ومطاردة الشبان، بما يعني احتمال صدام مسلح بين الحرس الرئاسي الفلسطيني وقوات الاحتلال.

السلطة لا تمنع مظاهرات احتجاج حتى ساحة فندق السيتي ـ إن، لكنها تدخلت وحالت دون الاقتراب من أسوار بيت إيل، حيث المخاطرة بالأرواح أعلى، لأن هذه المستوطنة هي «عاصمة» عسكرية ـ مدنية لما يسميه الإسرائيليون «قطاع بنيامين» بل لما يسمونه «يهودا» أو حتى مقر الإدارة المدنية الاحتلالية للضفة بأسرها.

جاء منع الشرطة الفلسطينية مظاهرة يوم الجمعة من الاقتراب والاحتكاك بعد يوم من استشهاد ما وصفه الارتباط الفلسطيني بضابط مخابرات هو أب لأربعة أطفال، حيث يقول الإسرائيليون إنه أطلق النار على حاجز إسرائيلي في حزما (طريق القدس ـ أريحا)، واصاب جندياً بجراح بالغة.
على الأغلب، هذه مبادرة فردية أخرى، ولكن صدرت من عضو في جهاز أمني فلسطيني، وقد تشجّع الادعاءات الإسرائيلية ضد السلطة «التحريض» إلى الانخراط، ومن السكاكين والدهس إلى إطلاق النار، ومن ثمّ شرارة بداية انتفاضة عامة ونارية شعبية ـ سلطوية!

في الانتفاضة الأولى لم يكن لإسرائيل جواب عسكري، وفي الثانية كان لها جواب عسكري، وفي الثالثة الجارية لا جواب أمنياً لها ولا يجب أن نعطيها فرصة لجواب عسكري.

صحيح، أن «المقاطعة» في رام الله سقطت عسكرياً في الانتفاضة الثانية، كما دمّرت بقية «مقاطعات» المدن الفلسطينية في المنطقة (أ)، لكن التدمير الأمني عجز عن تدمير سياسي للسلطة، بدلالة أن موضوعة «الحل بدولتين» طُرحت أثناء الانتفاضة الثانية وقويت عالمياً بعدها.

ليست الانتفاضات مثل «قهوة مضبوطة» يختلف شاربوها على نكهتها وأنواعها العديدة، فالأولى خرجت عن السيطرة الأمنية الإسرائيلية، والثانية خرجت عن السيطرة الأمنية الفلسطينية.

حل السلطة تهديد فارغ، وانهيار السلطة له عقابيل سيئة على الجانبين، لكن المستحيل هو ترويض الشعب على الخضوع للاحتلال حتى بعد اجتياح ثان وتدمير السلطة.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تمــــاس تمــــاس



GMT 16:45 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تحليل التحليل «السياسي»

GMT 16:42 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية منظمة التحرير!

GMT 16:39 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

هذه النغمة غير المُريحة

GMT 16:35 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

التغيير الدرامي لمسلمي وعرب أميركا تجاه ترمب

GMT 16:31 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

البحث عن «الفستان الأبيض» رحلة خجولة فى أوجاع الوطن!

GMT 16:27 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عصافير عدّة بحجر واحد

GMT 16:21 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتخابات الأميركية والألبوم العائلي القديم

GMT 16:18 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

شوية كرامة بَسْ

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:39 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك
 لبنان اليوم - البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك

GMT 19:31 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة
 لبنان اليوم - نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة

GMT 06:48 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

توقعات برج الميزان لشهر أكتوبر / تشرين الأول 2024

GMT 10:20 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

معرض الجبل للفن برعاية حركة لبنان الشباب

GMT 21:10 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 06:05 2024 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي الإنكليزي يتصدًر قائمة أفضل 10 أندية فى العالم

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام

GMT 12:31 2022 الأحد ,10 تموز / يوليو

أفضل أنواع الماسكارا المقاومة للماء

GMT 17:22 2021 الجمعة ,23 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon