في موقع الحال من الأحوال

في موقع الحال من الأحوال

في موقع الحال من الأحوال

 لبنان اليوم -

في موقع الحال من الأحوال

حسن البطل

محمد حمزة "يضحك على حاله"، وأنا المدعو عنده اضحك على حالي، وهكذا لدينا خصيصة مشتركة: الضحك على أحوال الدنيا السياسية، استطراداً لأحوالها الفكرية... والثقافية، او لكل ما سبق يجوز الضحك على موقع الحال من الأحوال... وربما العكس.
الحال مضحكة أحياناً.. والأحوال مضحكة غالباً، لكن، الحياة تبدو جدية بين حدي: الولادة والموت، ومحمد حمزة غنايم، ابن باقة الغربية، يجد كثيراً من الأحوال المضحكة بين هذين الحدين غير المضحكين بأي حال.
كلما التقيت هذا الحمزة تبادلنا مباضع التشريح الشخصية للأحوال الشقية، هو القادم للسياسة مقنطراً بعدة الأدب، وأنا المتلصص على الأدب من ضفاف السياسة الصاخبة والموحلة، احسده لأنه "يطزطز" على أحوال الدنيا، وبخاصة غربي "الخط الأخضر"، هذا يفاجئني نوعا ما، كما يفاجئه - يبدو لي - "طزطزتي" على أحوالنا "شرقي" الخط. هو ينظر بجدية إلى أحوال فلسطين شرقاً، وأنا الى أحوالها غرباً، كلانا يأتي الى نصه بـ "حشيشة القلب" متوتراً، كمن يناور بين البيضة التي تنكسر، وبين اللغم الذي ينفجر.. وإلا انفجر الضحك في موقع الحال من الأحوال.
* * *
دوّرت على "صخرة طانيوس" في قبرص، وانشغلت عنها.. فذكّرتني بنفسها في مكتبة محمد حمزة. جن اللبنانيون برواية أمين معلوف عام زفافها إلى جائزة "غونكور" الفرنسية، الأقل صيتاً وعالمية من "نوبل" بدرجة، ما ألهاني عنها في نيقوسيا أننا كنا هناك "مخبوطين" بين مدريد وأوسلو... مبتهلين لبشائر "العودة".
في مكتبة محمد حمزة تصفحت كل ما صدر، مترجماً، حتى تاريخه، من روايات أمين معلوف.. وعلى "صخرة طانيوس" فضّلت رواية " ليون الإفريقي" لأفطر عليها وأتسحر، وفيها ابلغني مضيفي قولاً للمرحوم اميل حبيبي، اتركه لاستخدامات سامعه الأدبية. اكتفي بإهدائكم الفقرة الثانية من الصفحة الأولى، الأفضل رواية عن الأفول الأندلسي:
"لسوف تسمع في فمي العربية والتركية والقشتالية والبربرية والعبرية واللاتينية والعامية الإيطالية، لأن جميع اللغات وكل الصلوات ملك يدي، ولكنني لا انتمي إلى أي منها، فأنا انتمي لله وللتراب، واليهما راجع في يوم قريب".
اللاتينية - الأم اندثرت، و"العامية الإيطالية" تفصّحت لغة حية، والقشتالية تطورت إسبانيا وبرتغالياً.. والعربية والعبرية تتجاوران في فلسطين "اللا - أندلسية"، وفي مكتبة محمد حمزة، ولسانه الثقافي، وحاسوبه ويافطات حوانيت الباقة الغربية، فتشعر بهذا الاختلاف الفريد بين الباقتين.
* * *
فجاءة، "تمسخرت" على حالنا والأحوال قائلاً لحمزة: "جينا نضمك يا باقة للضفة الغربية"، هو ضحك... وأنا ضحكت لأسباب اخرى: أواخر الخمسينيات، مئات الألوف من اللبنانيين أمّوا دمشق هازجين أمام ناصر: "جينا نضمك يا لبنان للجمهورية العربية". ناصر رفض، والأسد قبل بطريقته.
على الخارطة، موقع لبنان من سورية الاحتوائية أشبه، شكلاً، بموقع الضفة من خارطة فلسطين، كالكلية في الجسد.. وفي الشارعين السياسيين الأمنيين السوري والإسرائيلي. في الشارع وقفنا في الثانية صباحاً، ليقول لي ساخراً: "هذا الجانب من الشارع الرئيسي باقة شرقية، وما يقابله باقة غربية، وبمحاذاته نزلة عيسى، وانا ضحكت وقلت: والباقتان أشبه بمخيم اليرموك بدمشق منهما الى مدينة مقسومة في فلسطين الواحدة، فالمنقسمة، فالموحدة.. فالسائرة نحو تقسيم جديد، ينقسم بسببه الفلسطينيون والإسرائيليون حتى في مواقفهم المستجدة من التقاسم الجديد (ينبغي قراءة "ليون الإفريقي" عن غروب مشترك لأندلس كانت مشتركة).
ما أرجوه، أن يترجم العبرانيون المعاصرون "ليون الإفريقي" الى العبرية الإسرائيلية.. ففيها عِبَر تنفعهم.. فتنفعنا معهم، بأكثر من حنين الى اندلس مشتركة كانت تحت حكمنا الرحيم، بينما اندلس هنا تضيع تحت حكمهم الغاشم.
.. وأهديكم الفقرة عن الختام الأندلسي لـ "ليون الإفريقي": "اطلقنا، للمرة الثانية، قوى لم نتمكن من احتوائها: هناك ثورة فلاحي (منطقة) ساكس، المنبثقة عن تعاليم لوثر (البروتستانت).. وهناك، الآن، تدمير روما (الكاثوليك).
.. وفي الرواية، تلفّظ "ليون الإفريقي" (البربري، او العربي، او العبري) نصف العبارة السابقة بالعربية، ثم اكمل بالعبرية، وهي لغة يملك زمامها خيراً من تلك.. كما يملك حمزة "الباقاوي" زمام مفاتيح الحاسوب بالعبرية، خيراً مما املكه بالعربية والعبرية معاً.
ختام - الختام، في الرواية وفي الحياة: "لا يحس أحد، قط، بالغربة أمام وجه الخالق".
.. لاحقاً رأى محمد وجه الخالق .. بعد أن رثا نفسه شعراً؟

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في موقع الحال من الأحوال في موقع الحال من الأحوال



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon