كليك – كلاك جاسوس وفاشل

"كليك – كلاك".. "جاسوس" وفاشل؟!

"كليك – كلاك".. "جاسوس" وفاشل؟!

 لبنان اليوم -

كليك – كلاك جاسوس وفاشل

حسن البطل

كان الإغراء لا يُقاوَمْ : "الحدود أمامك" على يافطة باللغات الثلاث: الإنكليزية، اليونانية.. والتركية. اليمام لا يفهم غير لغة سماء مفتوحة. واضح أن الجنود الزرق في منطرتهم.. ولولا أنها ذات أربع أرجل، لكانت أشبه بالأخطبوط.
الأخطبوط باليونانية هو "أوكتوبوس" (ثُماني الأطراف، لأن "أوكتو" تعني ثَمانية، و"بنتاغون" تعني خُماسي الأطراف، لأنّ "بِنْتا" تعني خمسة).
.. وكان الإغراء لا يُقاوم، عند تلك المنطقة العازلة. يمام حرّ، وجنود دوليّون يشربون الجعّة كما نشرب الماء، يتسلّون بمناظير المراقبة العسكرية.. وبنثر الطعام للحمام.
كاميرا "كانون" المحترفين جديدة، وذات بؤرة عدسة (FOCUS) ممتازة. كل شيء يغري بالتجرية. كبسة زر و"هَدَلت" الكاميرا مرتين: "كليك – كلاك ".. وفي ظنّي أنّ صورة فنية قُرب موقع عسكري دولي على أطراف نيقوسيا الريفية المقسومة، أمر لا غُبار عليه.
مشيت وصديقي، كأن شيئاً لم يحصل، وأي شيء لن يكون. لكن، بعد مئة متر: "قف". توقفنا. "الكاميرا باراكالو" (الكاميرا من فضلك) قال جندي الحرس الوطني القبرصي فقال صاحبي حانقاً "اللعنة عليك علِقْنا".
"أوخي" (لا)، "نْي" (نعم)، "إيغو لافوس" (أنا غلطان)، "أفْتَو أورايّو" (أنت مزبوط).. لا فائدة. وخلال الجدال فتحت غطاء الكاميرا من وراء ظهري.. وأغلقته. وبكل براءة أعطيتها للجندي، الدمث والمصمّم.. بل وساعدته على "لف الفيلم" وإخراجه.. وتسليمه إيّاه.
جنود الحرس الوطني، استدعوا الشرطة المدنية التي تتقن الإنكليزية. الهويات أوّلاً (وهي قبرصية تُعطى لذوي الإقامة المتجددة). صحافيون؟ فلسطينيون؟ P.L.O، وحمّلونا إلى مكتب م.ت.ف.. و "مع السلامة " قالوا، و"شكراً"(إفخاريستو)..قلنا.
وفي صحف اليوم التالي القبرصية صرتُ مشبوهاً.. بالتجسّس! وبالطبع، ليس على الحمام الذي لا يقرأ لغة "الحدود أمامك" بأية لغة إنسانيّة.. والذي يفزعه أي صوت بأية لغة كانت. "كليك – كلاك" يطير الحمام، وأنت تحصل على لقطة فنية، ومراسلو الصحف في نقاط ومخافر الشرطة يحصلون على خبر: "ضَبْط فلسطيني من م.ت.ف يتجسّس!".
بعد أربعة أيام، استدعوني وزميلي إلى المقرّ المركزي للمخابرات القبرصيّة، وأنا خائف من الطرد والإبعاد.. إلى العالم العربي أكثر من تجريب السجن القبرصي.. الفاخر فعلاً.
كانوا قد ظهّروا الفيلم، الذي احترقت صورتا الدليل فيه، وبقية الصور صارت فنية.. سورياليّاً. أطلقوا سراحنا، لنعرف - عَبر الهاتف من أثينا - أن القصة وصلت الصحافة اليمينية هناك. الناطق الأمني القبرصي، قال: "لا دليل. والأمر سوء تفاهم" والصحف اليمينية قالت: "إنكم تَحَابُّون أصدقاءكم رجال م.ت.ف".
"كليك – كلاك" بريئة (والله يشهد) فكدت أصير "جاسوساً" لأنّ الصحافي مشتبه به مشروع جاسوس.. منذ ما قبل قصة المخمور كيم فيلبي، مترنّح الرأس ووقّاد الذهن.. في بيروت الستينيّات.

2 – "كليك – كلاك ". يا فاشل؟
هاوي التصوير، حتى مع كاميرا للمحترفين، يسقط سقوطاً ذريعاً في امتحان الاحتراف. تجربة السقوط المدوّي كانت خلال مؤتمر قمّة دول اللاانحياز في هاراري عاصمة زيمبابوي 1986. كاميرا "كانون" خاصتي بلا عدسات، وكاميرا "نيكون" خاصة المكتب بعدسات "زووم" لا تُوائِم الأولى.. وغشامتي جعلتني أجتاز "الكونترول" الإلكتروني جيئة وذهاباً، والأفلام الخام في جيبي، وهكذا أرسلتها "مضروبة" عَبر البريد السريع إلى نيقوسيا، فتلقيت بعد يومين توبيخاً عَبر "التلكس".
سعياً لرد اعتبار "الهاوي" إلى نفسه، أكثرت من نشر صور الأفلام السليمة التي عُدت بها. لكنني فشلت، عندما "نططت" من درجة الهاوي إلى درجة محترف.. وفي مؤتمر دولي.
بالطبع، لن أفعلها مرّة ثانية؛ ولن أُخطِئ مرّة ثالثة.. غير أنّني خَجِلٌ من الفشل، وغير خائف من الالتباس بالتجسُّس.
علي حليمة، سفيرنا في هاراري، مسح مرارة الفشل، وأخبرنا أنّ وزارة الإعلام في زيمبابوي نوّهت بـ "فلسطين الثورة " كصاحبة أفضل تغطية صحافيّة أجنبيّة للمؤتمر.
ستقولون: "كليك – كلاك "مع برهان فشل، أرحم من "كليك – كلاك" مع شبهة جاسوس.. غير أنّ نكهة الفشل تظلّ أطول مرارة. ولعلّ زميلي القبرصيّ (الصحافيّ والمصوّر.. والشيوعي) بنايوتس بسخاليس يوافقني الرأي.
في العام 1976 صوّر لنا "يوم الأرض" فحبسه الإسرائيليّون أربع سنوات. في الأسبوع الماضي، كان في غزّة يجري حواراً مصوراً مع الرئيس عرفات. هو محترف: محرّراً ومصوّراً، وأنا أبقى هاوياً.. في كل شيء!

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كليك – كلاك جاسوس وفاشل كليك – كلاك جاسوس وفاشل



GMT 16:45 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تحليل التحليل «السياسي»

GMT 16:42 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية منظمة التحرير!

GMT 16:39 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

هذه النغمة غير المُريحة

GMT 16:35 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

التغيير الدرامي لمسلمي وعرب أميركا تجاه ترمب

GMT 16:31 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

البحث عن «الفستان الأبيض» رحلة خجولة فى أوجاع الوطن!

GMT 16:27 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عصافير عدّة بحجر واحد

GMT 16:21 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتخابات الأميركية والألبوم العائلي القديم

GMT 16:18 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

شوية كرامة بَسْ

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:39 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك
 لبنان اليوم - البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك

GMT 19:31 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة
 لبنان اليوم - نصائح للعناية بنظافة المنزل لتدوم لأطول فترة ممكنة

GMT 06:48 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

توقعات برج الميزان لشهر أكتوبر / تشرين الأول 2024

GMT 10:20 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

معرض الجبل للفن برعاية حركة لبنان الشباب

GMT 21:10 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 06:05 2024 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي الإنكليزي يتصدًر قائمة أفضل 10 أندية فى العالم

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

البرتغال وجهة سياحية جاذبة لعشاق الطبيعة على مدار العام

GMT 12:31 2022 الأحد ,10 تموز / يوليو

أفضل أنواع الماسكارا المقاومة للماء

GMT 17:22 2021 الجمعة ,23 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon