كيري أعطى إشارة الانطلاق

كيري أعطى "إشارة الانطلاق"

كيري أعطى "إشارة الانطلاق"

 لبنان اليوم -

كيري أعطى إشارة الانطلاق

حسن البطل

أتذكّر دعاء أبي في صلوات الصبح: "ربّنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا".. وهذا عن علاقة المخلوق بالخالق. أمّا علاقة المواطن بحكومته (والثائر بثورته) فلا مكان للنسيان، أما للأخطاء والتقصير فهناك مكان.. المحاسبة للأخطاء في علاقة المواطن بحكومته، أو "النقد والنقد الذاتي" في علاقة الثائر بثورته، والثورة والمنظمة والسلطة تجمع المحاسبة والنقد الذاتي. ماذا عن التقصير؟ أخطأت القيادة وتخطئ، وأخطأ الشعب ويخطئ (انتخاب "حماس" مثلاً: عقاب ذاتي، أو هدف في المرمى الذاتي).. ولا مكان للنسيان، فهل هناك مكان للتقصير؟ لا القيادة ولا الشعب مقصّران، لا في الحرب (الفدائية والانتفاضية) ولا في السياسة الممكنة بعد قصور برنامجي التحرير القومي والوطني (برنامج السلطة الوطنية 1974، ثم أوسلو هذه).. ولا في التفاوض، أيضاً، (هذا الأيلول تمرّ عشرون عاماً تفاوضياً). يقولون: إن الحرب سياسة بوسائل أخرى، فهل نقول: التفاوض سياسة بوسائل أخرى، والفلسطينيون، شعباً وقيادة، جربوا الحرب والسياسة والتفاوض، كما لم يجربها، ربما شعب ونظام عربي. كان في صفوفنا (الثورة) من رأى خطأً سياسياً في اعتماد برنامج النقاط العشر ـ برنامج السلطة الوطنية 1974، ونسي أنه ضريبة لفشل "حرب العبور" 1973 في "إزالة آثار العدوان" 1967. الانتقال من برنامج 1974 إلى برنامج 1988، أي من برنامج السلطة الوطنية إلى برنامج إعلان الدولة لم يمرّ دون انتقاد، لكن برنامج التفاوض منذ أوسلو يلقى أعظم الانتقاد والتخطئة (والتجريح وحتى التخوين!) في صفوف بعض غلاة الوطنية والفصائل مبدئياً وعملياً، لأنه، عملياً، لم يثمر بعد، دولة مستقلة بعد20 سنة تفاوضية، حتى وإن أثمر بعدها بثلاثين عاماً، فالبعض يفضّل دولة مشتركة. نقّاد خطيئة أوسلو في الشعبين وأحزابهما وفصائلهما، والمحبّذون خيار الدولة المشتركة يوجدون في الشعبين. الفلسطينيون لم يكونوا "شعباً" إلاّ في نظر أنفسهم قبل الثورة، وبعدها صاروا كذلك في نظر العالم. والمنظمة لم تكن "ممثلاً" سياسياً إلاّ في نظر معظم شعبها، وصارت كذلك في نظر العالم، والدولة لم تكن سوى مطلب فلسطيني، وصارت مطلباً دولياً. خصوصاً منذ العام 2003 وموضوعة "الحل بدولتين". للشاعر القومي ديوان اسمه "محاولة رقم 7".. هذا إبداع أدبي لا علاقة له بالسياسة التفاوضية التي أدارها جون كيري في سبع جولات، انتهت بانطلاقة جديدة تفاوضية، لعلها الأوضح والأنضج حتى الآن.. والأكثر خطراً ومخاطرة. البعض فينا ينسى أن أبو مازن كان رئيس دائرة المفاوضات بعد أوسلو، وكان كبير المفاوضين قبلها، وانتخبه الشعب رغم معارضته المبدئية للانتفاضة الثانية المسلحة، وقبل هذا وذاك فهو "خبير" في الشؤون الإسرائيلية، ونال فيها درجة الدكتوراه من موسكو. قال ابو مازن في أوسلو: إما تقودنا إلى الدولة أو إلى التلاشي! برهن أبو مازن عن عميق التزامه ببرنامج السلطة والدولة في مفاوضاته مع ايهود أولمرت 2008، ثم مع بنيامين نتنياهو 2010، ومرة ثالثة عندما تحدّى الولايات المتحدة وطلب عضوية فلسطين دولة من مجلس الأمن وأخفق، ثم من الجمعية العامة دولة مراقبة.. ونجح. أميركا كانت من بين تسع دول صوّتت ضد العضوية المراقبة، لكنها تقود، مرة أخرى، المفاوضات "الحاسمة" من أجل اتفاق سلام نهائي يشمل دولة فلسطينية ويضمن أمن إسرائيل (الأمني والديمغرافي والديمقراطي والسياسي الدولي). انتزع كيري موافقة أبو مازن على العودة للمفاوضات، ومن نتنياهو موافقة على تحرير الأسرى القدماء، ومن ثم أعطى إشارة انطلاق مفاوضات اليومين في أميركا وستليها مفاوضات مطولة ثلاثية صعبة وشاقة في المنطقة. الموافقتان كانتا صعبتين على المستوى المسؤول وعلى المستوى الشعبي في الجانبين، فهناك ما هو أكثر من المواقف المسبقة ومن الشكوك والتجربة ما يجعل نجاح مفاوضات جديدة و"حاسمة" أمراً قليل الاحتمال، لكن كيري وإدارة أوباما ترى أن استعصاء الحل وصل نقطة لا بدّ من الخروج فيها "باختراق" تاريخي، أكبر من "اختراق" أوسلو التكتيكي. .. ومن ثم، وبعد قرار حكومة إسرائيل بشأن الأسرى والاستفتاء، فقد أعطى كيري إشارة الانطلاق لسباق حواجز وتتابع على مدى تسعة شهور.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيري أعطى إشارة الانطلاق كيري أعطى إشارة الانطلاق



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:45 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon