مصر واستعادة قيادة عروبة المركز

مصر واستعادة قيادة عروبة "المركز"

مصر واستعادة قيادة عروبة "المركز"

 لبنان اليوم -

مصر واستعادة قيادة عروبة المركز

حسن البطل

مصر ليست نعجة او جاموسة، بل هي فجر حضارة الدولة المركزية. مع هذا، فلعلّ "الجمهورية الثانية" المصرية بقيادة عبد الفتاح السيسي، في أهمية "الجمهورية الأولى" المصرية بقيادة جمال عبد الناصر؟!
صحيح، أن مصر هي دولة ـ أمة، لكنها تتوسط جناحي العالم العربي، لتكون له مثل القلب الخافق، بمعنى: مع الجمهورية الأولى المصرية بدأت حقبة عربية جديدة، صارت فيها مصر قدوة عروبة التغيير، وما بدأ انقلاباً عسكرياً تطور إلى "ثورة من فوق".
في ثورة يناير 2011 بدأت ثورة شعبية غير مشهودة عربياً (مليونيات ساحة التحرير) ولكنها وضعت "الدائرة الثالثة" المصرية، أي دائرة العالم الإسلامي أولاً، قبل "الدائرة المصرية" ثم "العربية"، ثم "دول عدم الانحياز" كما حدّد جمال عبد الناصر دوائر ثورة يوليو 1952.
ربما كان عنوان رواية قديمة وضعها توفيق الحكيم عام 1927 باسم "عودة الروح" تصلح لوصف انقلاب فثورة 1952، وربما كان عنوان الرواية، وحده لا متنه، يصف انقلاب 30 يونيو بقيادة الجيش، الذي اتكأ على إعادة مشهد "المليونية" إلى شوارع مدن مصر، ومن ثم صار "ثورة" ولكن من فوق!
"لا ثورة بلا ثوريين" كما يقال، فهل نقول: "لا ديمقراطية بلا تنمية".. ولا تنمية بدون استقرار، ولا استقرار بدون انتخابات، ولو كانت انتخابات تشكل عودة إلى "تسعينيات" الحكم الاستبدادي، أو "بيعة" في صناديق الاقتراع.
قلت: مصر ليست "جاموسة" ولو أن ديمقراطية ناصر الاجتماعية وزعت قراريط من الأرض على الفلاحين المصريين ومعها جاموسة. أمّا لماذا مصر ليست "نعجة" فالمقصود ليس نعجة للولايات المتحدة، بل هي "نعجة" ثورية تدعى "دوللي" كانت مخلّقة وفق خارطة الجينوم.
خارطة مصر الوراثية، منذ الفراعنة، تذكّرنا بعبارة "دور يبحث عن بطل" أو دولة تقود بصفتها مصر ـ المصرية عالمها العربي، وتكون قدوته، وقدوة قارة أفريقيا، وقائدة في حركة العالم الثالث.
هل يشبه عبد الفتاح السيسي جمال عبد الناصر أم يشبه محمد علي، أم هو طبعة جديدة ومنقحة للاثنين معاً! التنمية والقيادة معاً..؟ لأن برنامج المشير لتنمية مصر طموح كبرنامج ناصر ومحمد علي، وبهما كانت مصر "قدوة" عالمها العربي لأنها عادت قلبه وقبضته معاً.
بعد حرب اكتوبر 1973 بدأت مصر تنسحب من دور قبضة العرب (مشاركتها في تحرير الكويت مع أميركا)، ثم قلب العروبة السياسية، وفشلت العراق وسورية في هذا الدور، فانتقل "مركز" العالم العربي إلى "أطرافه" وصارت دول الخليج في دور المركز المالي والاقتصادي، والإعلامي، والعمراني.. وحتى الثقافي أيضاً، لأنها جذبت إليها كثيراً من مفكري دول المركز، وأولاً الخبراء والعلماء والإداريين.. ولكنها تبقى أشبه بـ "مدن الملح"!
لم تعد القدوة تقود، والدول الخارجية التي أجهضت الناصرية ومن قبل أجهضت محمد علي، هي نفسها التي تحاول منع مصر من عقد قران بين التنمية والديمقراطية.. وقيادة العالم العربي.
مع ذلك، فإن "الجمهورية الأولى" المصرية كانت تقود الشارع المصري، أما "الجمهورية الثانية" المصرية فقد انخرط فيها الشارع في ثورة التغيير، وشهدت مصر حركة شعبية ديمقراطية حقيقية، كانت قادرة، خلال عام واحد، على لفظ وإسقاط حكم جاء عبر صناديق الاقتراع حقاً، لكن حاول سلب روح مصر ـ المصرية، واستبدال "عبقرية المكان" كما قال جمال حمدان، من دور مصر العربي في "عبقرية مكان" إلى دور مصر الإسلامي، مستنداً إلى أن شعب مصر هو في طليعة الشعوب الإسلامية تديناً.. لكنه شعب مصر أولاً.
صحيح أن أول انتخابات مصرية ديمقراطية حقاً كانت تعددية وانتخبت بأغلبية كسور عشرية حكماً إسلامياً، لكن ثاني انتخابات مصرية تبدو منافسة ثنائية، لكنها أكثر ديمقراطية من الأولى، ولو دارت بين مرشح ناصري مباشر، وآخر ناصري غير مباشر، له برنامج تنمية سريع وجذري، وبرنامج ديمقراطي يكون في نتيجة التنمية، ونتيجة الاستقرار. وعد بالديمقراطية بعد عشرين سنة، لدولة وشعب أمة عمرهما آلاف السنوات.
تونس ومصر هما بلدا "الربيع العربي" لكن وزن تونس في المغرب العربي ليس كوزن مصر في العالم العربي، عدا عن أن تونس كانت ذات تقاليد وقوانين علمانية أوضح بكثير من تقاليد وقوانين مصر في "الجمهورية الأولى".
مع عودة مصر إلى روحها وإلى عالمها العربي، تعود إلى دورها مركز ثقل عربي بعد مراكز الثقل في تركيا وإيران وإسرائيل.. هكذا يكون شرق أوسط جديد حقاً.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر واستعادة قيادة عروبة المركز مصر واستعادة قيادة عروبة المركز



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:45 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 09:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:05 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 08:48 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

أبرز العطور التي قدمتها دور الأزياء العالمية

GMT 15:27 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

علي ليو يتوج بلقب "عراق آيدول" الموسم الأول

GMT 11:57 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

برومو ”الاسكندراني” يتخطى الـ 5 ملايين بعد ساعات من عرضه

GMT 16:26 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:28 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لاستغلال زوايا المنزل وتحويلها لبقعة آسرة وأنيقة

GMT 09:37 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

طرق تنظيم وقت الأطفال بين الدراسة والمرح

GMT 14:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

متوسط أسعار الذهب في أسواق المال في اليمن الجمعة

GMT 19:03 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منى عبد الوهاب تعود بفيلم جديد مع محمد حفظي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon