مهزلة في ميدان عرفات

مهزلة في ميدان عرفات ؟!

مهزلة في ميدان عرفات ؟!

 لبنان اليوم -

مهزلة في ميدان عرفات

حسن البطل

"حسن البطل فضحنا.. لكن أفادنا". بهذا المعنى نقل إليّ صديق مشترك تعقيب ناصر القدوة على إثارتي فضيحة الكسوة الحجرية الرديئة لضريح القائد ـ المؤسس: ياسر عرفات.
بالفعل، تمّ إكساء الضريح بحجر ذي مواصفات فيزيائية تقاوم الحتّ الميكانيكي، أو التآكل الكيميائي، بفعل المطر، لحجر مغشوش امتلأ بالتخاريب.
ما أثار عجبي واستهجاني، وقت إثارة الموضوع، هو أن بلادنا ذات مقالع حجرية بمواصفات عالمية، وتصدر من مقالع ومناشير الحجر الفلسطيني إلى دول الخليج والولايات المتحدة، وما بينهما إلى الأردن وإسرائيل.
ربما رخام منطقة كرّار الإيطالية له جودة عالمية مطلوبة، حتى في فلسطين، لكن هذا للمطابخ الفاخرة مثلاً في بلادنا، أو لصنع تماثيل.
هل "فضحتُ" بلدية رام الله "على السكت" عندما أثرت، مرتين، رداءة الكسوة الحجرية لـ "ميدان ياسر عرفات" ثاني أشهر ميادين رام الله، بعد دوار المنارة.
كنتُ سأثير الفضيحة الثانية لاسم ياسر عرفات، لولا أن زميلاً أخبرني عن قراءته لعطاء من بلدية رام الله لكسوة جديدة ثانية لحجارة الميدان.
ما بين الكسوة الرديئة، ومشروع كسوة أقوى وأحسن، خضع الميدان لأعمال "ترقيع" بحجارة من نوع الكسوة، ثم بأخرى من نوع ولون آخر.. حتى أضحى مثل موضة سراويل الجينز القديمة، مرقعاً وممزقاً، أو مثل فم العجوز ذي الأسنان الدرداء.. وباختصار: مليئاً بالمطبات أو "الهامب".
الهندسة الجديدة لما كان (ولا يزال) يسمى "دوّار الساعة" لم ترقني، فقد محقت اخضراراً كانت تمنحه شجرات زيتون معمّرة معادة الغرس، ولم يشفع لهذا المحق غرس أشتال أشجار حرجية للزينة على الرصيف (لا توفر بعضها تعديات عابثة للكسر ثم الغرس من جديد ثم الكسر)، كما لم تعجبني سارية عالية لعلم فلسطيني، يتسلق عليها فتى، كأنه محكوم بالإعدام على خازوق تركي؟!
فضيحة الميدان (والناس تبقى تسمّيه دوّار السّاعة) أن رصفه كان بحجارة سوداء صناعية ـ على ما يبدو ـ برهن مرور عام أو أقل أنها لا تقاوم الانفراط والتفتت الفيزيائي بفعل حركة السير، ولا الانفراط الكيميائي بفعل زخات المطر.
هكذا صارت الساحة ـ الميدان كأنها فم عجوز أدرد الأسنان، أو كثيرة المطبات.
بالتالي، أقدّر أن سائقي السيارات العابرة للميدان، على مهل، لأن السير عليها رجراج، يسبُّون على متعهد الكسوة وعلى البلدية.. وربما لا يوفرون إهانة اسم ياسر عرفات.
غلطة إنشاءات ثانية، أو فضيحة، تحمل اسم ياسر عرفات.. هذا كثير. لكن، في الأصل، اعترضت على تغيير اسم ساحة السّاعة/ المهاجرين إلى أي اسم آخر، فما بالك باسم ياسر عرفات. لماذا؟
الناس دَرَجَت على نطق الاسم القديم، وتبقى عليه، حتى أن تحديثا جميلا ونافعا ويسهل حركة السير، لميدان "السبع نجوم" وسط شارع يافا وإطلاق اسم "ميدان فلسطين" عليه، لم يغيّر أو يبدل لسان الناس.. حتى بعد رحيل "سوبرماركت الخمس نجوم" عن الاطلالة على الميدان، وهو تقاطع حركة سير كثيفة، أحسنت البلدية في تصميمه وتنفيذه، والحفاظ على ما أمكن من أشجاره.
بلدية رام الله مشكورة لإطلاق أسماء مشاهير وقادة فلسطينيين وغير فلسطينيين على شوارعها.. لكن فيما يخصّ الميادين أو "الدوّرات" والمستديرات كان عليها أن توفّر إهانة اسم عرفات بديلاً لاسم "دوّار السّاعة" وتطلقه على ميدان جديد.
أظنّ أن ميدان الملك عبد الله الثاني واحد من أجمل ميادين المدينة، وهو قريب من قصر الثقافة، ومن متحف وضريح محمود درويش، وكان يصلح لإطلاق اسم عرفات عليه، وتسمية ميدان آخر على اسم ملك الأردن.
لا أدري ما لون الحجارة الجديدة لرصف (وإعادة تصميم؟) ميدان ياسر عرفات، ولماذا تقليد رصف حجارة سوداء في بعض شوارع البلدة القديمة في عمان (هل رام الله تقلّد عمّان؟). هذا أولاً، فإن كان لا بد من حجر أسود فليكن من حجارة البازلت الطبيعية لا الصناعية، وهي تستخدم على نطاق واسع لرصف مسافات أرصفة المشاة في شوارع مدن سورية، ومقاومة للانفراط الميكانيكي والفيزيائي.
هذه الحجارة متوفرة في الجولان وحوران، وغير متوفرة كثيراً في بلادنا.. إلاّ في بعض المناطق مثل صفد لبناء بيوت أو "أجران" لدقّ الحبوب وطحنها يدوياً.
يقال: "نار على علم" كناية عن اسم شهرة مكان أو حدث، واسم ياسر عرفات معروف على كل نطاق وطني أو عربي أو عالمي، قبل فضيحة حجارة الضريح وحجارة كسوة الميدان، لكن هذا لا يعني إهانة مكانته واسمه مرتين، أو انتحال ساحة قديمة باسم جديد.
خذوا مثلاً: كل الناس تقول عن أحد أشهر شوارع رام الله "شارع رُكب" وهو محل بوظة لكن له اسم آخر يسهل نطقه على الأجنبي وهو "الشارع الرئيسي" رغم أنه شارع ضيق يشفع له تمركز حوانيت البلد فيه، وتجديد هذه الحوانيت باستمرار بديكورات جديدة وجميلة، لكن معظمها بخسة، باستثناء ديكور ذلك المحل الذي أعطى الشارع اسمه، فهو ديكور قوي وجميل ومتين ويبقى سنوات طويلة، دون حاجة إلى تحديث و"بهرجة".
***
سؤال أخير: لماذا رفعوا عبارة محمود درويش عن مبنى ياسر عرفات؟! هل لأنها تتكئ على كتف "مسجد التشريفات".

 

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مهزلة في ميدان عرفات مهزلة في ميدان عرفات



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:45 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 09:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:05 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 08:48 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

أبرز العطور التي قدمتها دور الأزياء العالمية

GMT 15:27 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

علي ليو يتوج بلقب "عراق آيدول" الموسم الأول

GMT 11:57 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

برومو ”الاسكندراني” يتخطى الـ 5 ملايين بعد ساعات من عرضه

GMT 16:26 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:28 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لاستغلال زوايا المنزل وتحويلها لبقعة آسرة وأنيقة

GMT 09:37 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

طرق تنظيم وقت الأطفال بين الدراسة والمرح

GMT 14:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

متوسط أسعار الذهب في أسواق المال في اليمن الجمعة

GMT 19:03 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منى عبد الوهاب تعود بفيلم جديد مع محمد حفظي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon