والثالثة

.. والثالثة ؟!

.. والثالثة ؟!

 لبنان اليوم -

 والثالثة

حسن البطل

"انتدافة".. كما نطقتها صحافية في سؤال، وصوّبها وزير الخارجية، جيمس بيكر "انتفادة"، في جوابه.. وفي العادة يُصوّب الصحافيون للسياسيين. العربية لغة الضاد، والانتفاضة صارت مفردة عالمية. حصل هذا في مؤتمر مدريد الدولي، قبل عشرين عاماً وعام واحد، فكم من الحروب مرت تحت جسر السلام، وكم من المشاة عبروا الجسر؟ الآن، شرر حريق انتفاضة ثالثة، ربما ولّعت لهيب نار بعد موت عرفات جرادات، أو بعد إضراب الجوع، أو بعد مسيرات وصدامات الاحتجاج ضد الجدار.. أو بدأ الشرر، قبل سبع سنوات، في بلعين، أي بعد عام واحد من رحيل عرفات وخمود الانتفاضة الثانية! يقولون: حافة الحرب، أو نقول: حافة الانتفاضة، وبينما العرب مشغولون بحكامهم، والإسرائيليون بحكومتهم.. والفلسطينيون بحريتهم من احتلال استطال في الزمن مدة تيه موسى في صحراء سيناء. للنار منطقها، ولنار الانتفاضة منطق النار، وفي الانتفاضتين الأولى والثانية كان انتشار اللهيب سريعاً وشاملاً.. وأما الثالثة فتبدو بطيئة على نار هادئة منذ بلعين. ماذا، أيضاً؟ في الانتفاضتين السابقتين كان الوضع الاقتصادي الفلسطيني حسناً وحتى جيداً، وأما في بوادر الثالثة فالوضع سيئ اقتصادياً وسياسياً، وإن كان أمنياً هادئاً في مقياس الهدوء الإسرائيلي، حيث لم يسقط قتيل إسرائيلي طيلة العام المنصرم. أيضاً، في الانتفاضة الأولى كانت قيادتان متنافستان وطنية موحدة وإسلامية، وفي الثانية تسابقت قيادات الفصائل والأحزاب إلى تشكيل ميليشيات، ومن ثم إلى العمليات الفدائية.. والانتحارية في ذروة الانتفاضة الأولى، جمع رابين كبار ضباطه للإجابة على سؤال: هل هناك حسم عسكري؟ رئيس الأركان دان شومرون أجاب: "لا".. ومن ثم أُطفئت نار الانتفاضة بحركة سياسية مفاجئة في أوسلو.. قبل أن تأكل الانتفاضة نفسها بعنف داخلي باسم تصفية العملاء. الثانية؟ عفوية أو مقصودة، أو انتهزتها القيادة بعد خيبتها من "كامب ديفيد"، أو حرفتها إسرائيل من سلمية إلى مسلّحة عمداً.. وفي النتيجة فقدت القيادة الفلسطينية السيطرة، وصارت متهمة إسرائيلياً بأنها "ملوّثة بالإرهاب". في الثالثة؟ لا أحد في إسرائيل يتهم القيادة السياسية الفلسطينية الحالية بالإرهاب، والتنسيق الأمني في أنجع حالاته، لكن القيادة تشجع الاحتجاج الشعبي السلمي نحو مقاومة سلمية (ابن قائد جهاز الأمن الوقائي أصيب، أمس، في "عوفر"). في الانتفاضة الأولى كان الاحتلال، وفي الثانية كانت السلطة الفلسطينية.. وأما في الثالثة فهناك دولة معلنة معترف بها. ما هي الانتفاضة؟ شكل من أشكال "حرب الشعب" وهذه طويلة المدى كما كانت مرحلة الكفاح المسلّح، وهذه إشارة مهمة، لأن هناك من يدّعي أن الانتفاضتين تم تطويلهما دون داع، وأن الانتفاضة الثالثة ستكون سريعة لتحرز نتائج سياسية حاسمة. هذا ضلال! كيف قصيرة وسريعة، مع أنها بدأت في بلعين قبل سبع سنوات وانتشر نموذج مدرسة بلعين، وصار ضد الجدار والاستيطان، ومع تحرير الأسرى، والاحتجاج على موت شاب تحت التعذيب، ومع التصويت في الجمعية العامة، وضد المفاوضات بلا طائل (قال شامير بعد مدريد: حسناً، سنفاوض الفلسطينيين مدة عشرين عاماً ويزيد). وهكذا صار؟! في الحروب الكلاسيكية يقولون: لا تذهب إلى حرب وفق دروس حرب سابقة، لكن في الانتفاضة الثالثة يجب أن نعتبر من دروس الانتفاضتين، وأولها أن لا تجرّنا إسرائيل إلى انتفاضة نارية، وأن تسيطر السلطة على تطور الوضع، وأن تكون الأهداف سياسية وواقعية معاً، وأن تستمر الحياة العامة بأقل قدر من التشويش، وأن ندفع أقل ثمن من الدماء والشهداء، وأكبر صدى سياسي ممكن. في الانتفاضة الثانية تحطمت السلطة تقريباً ومعها الإدارة الفلسطينية، وتشوّشت حياة الناس تماماً، ودفعنا ثمناً باهظاً من الدماء والبنية التحتية، وفي المقدمة تفكّكت القوات.. ثم تم ترميم كل شيء تقريباً، وبخاصة في أجهزة الأمن والقوات. هذه انتفاضة قد تندلع في وضع الانقسام.. وهذا عبء، وفي وضع اقتصادي سيئ، ولكن الوضع السياسي ملائم لحركة تغير المعطيات، وهي لن تتغير ببوادر "رشوة" من سلة حسن النوايا الإسرائيلية، وقد تتغير ببوادر سياسية بعد زيارة أوباما، أو تحتدم إن تلتها خيبة أمل سياسية. فلسطين قبل إيران وسورية؟! البوصلة متذبذبة، والوضع حسّاس وخطير، وانفجار الوضع قد يقود إلى فوضى غير مسيطر عليها. ثقة الشباب بإسرائيل مفقودة، وبالتفاوض شبه مفقودة، وكذا بالمشاريع السياسية، وأيضاً، حتى بخيارات السلطة السياسية: هذا مزيج متفجّر؟

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

 والثالثة  والثالثة



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon