إنكار طهران للدينامية الجديدة

إنكار طهران للدينامية الجديدة

إنكار طهران للدينامية الجديدة

 لبنان اليوم -

إنكار طهران للدينامية الجديدة

وليد شقير

يبدو أن القيادة الإيرانية ما زالت تستخف بالقرار السعودي الخليجي مواجهة التمدد الإيراني في منطقة الخليج وفي المنطقة كلاً، بدليل ما يواصل الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله ترداده عن هزيمة قوى التحالف التي نفذت عملية «عاصفة الحزم» وتنفذ الآن عملية «إعادة الأمل» في اليمن.

وقد لا يكون هذا الاستخفاف موجوداً في الغرف المغلقة بالمقدار الذي تعبر عنه تصريحات المسؤولين الإيرانيين والسيد نصرالله أمام الإعلام وفي الخطابات التعبوية، لكن درجة الاعتداد بالنفس الإمبراطورية التي سبقت قرار قوى التحالف التصدي للتوسع الإيراني، تحول دون الإقرار بوجوب قراءة الأحداث والتطورات وفق مقاييس جديدة، فيحل مكان هذه القراءة نوع من المكابرة غير المتناهية على لهجتهم وفهمهم هذه الأحداث، وهي محاولة لإيهام الجمهور المؤيد السياسة الإيرانية في عدد من الدول بأنها لم تخطئ ولم تسئ الحسابات ولم تغال في الاتكاء على مجموعات مسلحة في عدد من الدول، بحيث جرّتها إلى حروب ومآسٍ.

يحل الإنكار مكان الواقعية المزعومة عند طهران ومؤيديها وأذرعها السياسية والإعلامية، بالقول إن ما تقوم به دول التحالف لم يحقق أي نتيجة، في وقت أعلنت قيادتها أنها استطاعت تدمير القسم الأكبر من الصواريخ التي نصبت على أرض اليمن والتي كانت تهدد السعودية والدول الخليجية، وهي كانت نهبت من ثكنات ومراكز الجيش اليمني، أو تزود بها الحوثيون من الشحنات التي أرسلها الحرس الثوري.

في شهر أيلول (سبتمبر) عام 2014، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني بعد أن احتل الحوثيون العاصمة صنعاء في 21 من الشهر نفسه، إن «أحداث اليمن جزء من النصر المؤزّر والباهر الذي تدعمه إيران». وتلاحقت التطورات وصولاً إلى احتلال مؤسسات الدولة وثكناتها في الأشهر اللاحقة وصولاً إلى تعليق الدستور و «الإعلان الدستوري» المنفرد في مطلع شهر شباط (فبراير) الماضي، ومن ثم اقتحام مقر الرئاسة واحتجاز الرئيس عبد ربه منصور هادي ورئيس الحكومة ووزير الدفاع وغيرهم من المسؤولين الذين كانوا مع الشرعية ويتولى بعضهم محاربة تنظيم «القاعدة»، انتهاء بالتوجه نحو احتلال عدن بعد انتقال الرئيس الشرعي إليها... ثم توالت التصريحات الإيرانية عن السيطرة على 4 عواصم عربية بينها صنعاء.

وبالأمس شكك السيد نصر الله بأن تكون دول التحالف «قضت على الهيمنة الإيرانية المدعاة المُتوهمة» كما قال، دامجاً بين عدم تمكنها من التخلص منها كأمر واقع، وبين اعتبارها وهماً.

في 16 شباط الماضي بلغ حد الانتشاء بالنصر «الباهر»، أن السيد نصر الله خاطب المسؤولين الخليجيين بأن «في اليمن ثورة شعبية لا يمكنكم تجاهلها». وقال لهم: «أنتم فشلتم في اليمن وهذه الثورة تقف في وجه القاعدة... ألا تريدون أن تقرأوا؟ أليس لديكم من يقرأ لكم؟ اقرأوا قليلاً».

يتجاهل الجانب الإيراني أن دول المنطقة تتوجس من خطط طهران على الصعيد الإقليمي وترفع الصوت حيالها منذ سنوات، لعل الظروف الدولية تعدل في طموحاتها التوسعية. وإذا جاز الوصف فإنه يمكن القول إن دول الخليج اعتمدت سياسة صبر سكان الصحراء، فهي صفة لا يحتكرها دهاة طهران وحلفاؤهم.

لقد أعمت نشوة التوسع التي مارستها طهران بصيرة القيادة الإيرانية. فالقادة الخليجيون أخذوا يتحسبون منذ عام 2013 لضرورة قيام منهجية جديدة في مواجهة هذا التمدد بعدما أمعن الجانب الإيراني في استضعاف الدول العربية والاستهزاء بطلب خطوات حسن النية في التعاطي مع أزمات العراق وسورية ولبنان، من أجل إطلاق الحوار معها.

وعلى من يريد أن يقرأ، أن يعود إلى خطوات المصالحة الخليجية في ذلك العام، لا سيما بين قطر والسعودية، وصولاً إلى القمة الخليجية في الكويت حيث تقرر تكريس تلك المصالحة (ثم تفعيلها لاحقاً عام 2014)، وهي القمة التي قررت تشكيل قيادة عسكرية مشتركة لمواجهة التحديات الأمنية تحت عنوان «بناء منظومة دفاعية مشتركة لتحقيق الأمن الجماعي» بنداً أول في قراراتها، والتعاون الأمني بنداً ثانياً، فيما جاءت البنود السياسية، بما فيها تلك المتعلقة بسورية وفلسطين اليمن ولبنان والعراق في الفقرات اللاحقة.

لا يعني التذكير بقرارات تلك القمة أن «عاصفة الحزم» تقررت في ذلك الحين، بل كانت مؤشراً الى تلك الدينامية الجديدة التي ترفدها دينامية أكثر تأثيراً في تشكيل القيادة السعودية، والتي نشأت باعتبارها وقائع سياسية مستجدة في الإقليم.

لم يعد ممكناً لطهران أن تقيس الأحداث وموازين القوى بناء على الحسابات السابقة على «عاصفة الحزم». وبدل دعوتها الدول العربية، والقوى السياسية المتضررة من الاستقواء الإيراني، إلى مراجعة حساباتها، متوقعة التسليم بامتداد نفوذها، بات عليها التواضع عوضاً عن اعتبار ما يحصل في اليمن وسورية «معركة» لا تعني خسارتها الحرب كما قال السيد نصر الله وبشار الأسد. فهذا إعلان حرب مكشوفة من قبلها على شعوب ودول كثيرة.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إنكار طهران للدينامية الجديدة إنكار طهران للدينامية الجديدة



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:45 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 09:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:05 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 08:48 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

أبرز العطور التي قدمتها دور الأزياء العالمية

GMT 15:27 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

علي ليو يتوج بلقب "عراق آيدول" الموسم الأول

GMT 11:57 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

برومو ”الاسكندراني” يتخطى الـ 5 ملايين بعد ساعات من عرضه

GMT 16:26 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:28 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لاستغلال زوايا المنزل وتحويلها لبقعة آسرة وأنيقة

GMT 09:37 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

طرق تنظيم وقت الأطفال بين الدراسة والمرح

GMT 14:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

متوسط أسعار الذهب في أسواق المال في اليمن الجمعة

GMT 19:03 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منى عبد الوهاب تعود بفيلم جديد مع محمد حفظي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon