جديد الدور المسيحي في لبنان

جديد الدور المسيحي في لبنان

جديد الدور المسيحي في لبنان

 لبنان اليوم -

جديد الدور المسيحي في لبنان

وليد شقير

بصرف النظر عن أن ما يحيط بالاستحقاق الرئاسي اللبناني سيقود إلى الفراغ بعد 25 أيار (مايو) الجاري في الرئاسة اللبنانية، نتيجة تداخل الأزمات الإقليمية مع عملية تكوين السلطة في لبنان، فإن رصد انعكاسات المناورات والنتائج على دور المسيحيين في لبنان وفي مركز القرار وعلى المزاج المسيحي، ينبئ بأن جديداً ما أخذ يظهر، وهو أن الزعامات المسيحية فرضت نفسها على المرحلة التمهيدية لملء هذا المركز بعدما أظهرت العقود الثلاثة الماضية تراجع دورهم في اختيار من يمثلهم في المركز الأول في المؤسسات اللبنانية.
درجت العادة على أن يقرر الآخرون، بفعل الوصاية السورية وبسبب رجحان كفة المسلمين الذين استمدوا حجم تأثيرهم من الخارج، من يأتي رئيساً، بعد أن كان للمسيحيين اليد الطولى في صناعة سياسة لبنان وفي التأثير بمركز القرار فيه، وفي ترجيح من يمثل المسلمين في رئاستي البرلمان والحكومة.
يُطرح السؤال هذه المرة عما إذا كان المسيحيون استعادوا بعض التأثير الذي كانوا فقدوه، للأسباب الآتية:
- أن ترشح رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع للرئاسة فرض على حلفائه السنة تأييده وأدخل الموقع المسيحي في المعادلة الرئاسية قياساً إلى المرات السابقة، وآخرها اختيار ميشال سليمان عبر اتفاق الدوحة، قبل أن تشهد الحلبة الانتخابية، حتى من باب المناورة، أي مظهر لقيام معركة رئاسية. وبات جعجع بترشحه شريكاً مفترضاً في اختيار الرئيس العتيد حين يتم الانتقال إلى البحث الجدي في البديل، سواء نجح في ترجيح هذا أو ذاك. ولربما اكتسب جعجع موقع قطع الطريق على حليفه تيار»المستقبل» في ترجيح اختيار العماد ميشال عون للرئاسة، استناداً إلى التكهنات التي رافقت الحوار الجدي الذي انطلق بين الأخير وبين الرئيس سعد الحريري مع بداية العام. وبدل أن يسعى حلفاء جعجع إلى إقناعه بمرشح يفضلونه أو بتسوية يضمرونها، بات عليهم إثبات جديتهم بالوقوف إلى جانبه هذه المرة.
- أن ترشيح العماد ميشال عون الجدي، على رغم عدم إعلانه رسمياً، للمنصب الأول في الجمهورية فرض على حلفائه الشيعة في «حزب الله» وعلى «حليف حليفه» الرئيس نبيه بري، كما يحلو له أن يسميه، أن يمتنعوا عن طرح من يفضلون للمنصب وهم لديهم خيارات ضمنية ومعروفة وجاهزة، سواء من بين الذين يسمونهم «توافقيين» أم من الذين يثقون بـ «وفائهم للمقاومة». وبدلاً من ذلك، أخذ الحليف وحليف الحليف يستنفران وسائلهما للحؤول دون اكتمال التوافق بين عون وبين «المستقبل» على رئاسة الأول، تارة بحجة غياب الكتلة الوسطية عن هذا التوافق، وأخرى بذريعة انتظار التوافق الإقليمي على الرئاسة.
في الحالتين فرض الزعيمان المسيحيان القويان على حلفائهما التكيف مع توجهاتهما حتى لو صنفت في خانة المناورة في حدها الأدنى ودفعتهما إلى تجنب المجاهرة في خياراتهما، ووضعا الكتلة الوسطية التي يعبر عنها النائب وليد جنبلاط في موقع الحرج من اتخاذ خيارات معاكسة لهما ومن معاداتهما، وصولاً إلى الذعر من حصول اتفاق بين الكتل المسيحية والسنية والشيعية الوازنة يلغي دور تأثير الوسطية، الذي يختفي في حال حصول توافق سني شيعي على أي أمر، فكيف بالرئاسة؟
قد يسأل سائل: ما هي أهمية بروز الدور المسيحي، الذي أفل لمصلحة الخارج وبسبب الاستقطاب السني والشيعي في البلد، إذا لم يفضِ إلى نتيجة؟
قد يبقى تبيان مدى تأثير هذا العنصر الجديد على اختيار الرئيس الجديد معلقاً إلى أن تحصل التسوية التي تنتج اسمه، فحجم الدور المسيحي فيها يحدد مدى جديته، إلا أن هذا «الجديد» لا يقوم فقط على ترشح عون وجعجع، بل يأتي نتيجة تراكمات السنوات الماضية والأشهر الأخيرة التي أخذت تتفاعل في الرأي العام المسيحي، الذي لم يستسغ مزاجه تحميل البلد انعكاسات تدخل «حزب الله» العسكري في سورية وفرض مقتضيات هذا التدخل، أمنياً واقتصادياً، على الاستحقاقات اللبنانية (التمديد للبرلمان ولقائد الجيش ولمواقع عسكرية أخرى..)، ويتبرم من عدم تمكن زعمائه من تحقيق التوازن في موقع المسيحيين في الإدارة، على رغم استفراد عون بالتمثيل المسيحي في الحكومة السابقة، وينزعج من تبعية زعمائه للقيادات الإسلامية القوية، ناهيك بأن اتفاق عون وجعجع و «الكتائب»، قبل سنة على فكرة انتخاب كل مذهب نوابه في قانون الانتخاب شكّل إشارة إلى رغبة الزعامات المسيحية، والرأي العام، في التفلت من هيمنة الحلفاء... وهي تراكمات دفعت عون إلى الانفتاح على المستقبل وجعجع إلى المبادرة للترشح.
من يرصد الجديد في الدور المسيحي لا يقلل من الرواسب التي تركها إفشال عهد الرئيس ميشال سليمان والحملة العنيفة عليه في نهاية عهده، وصولاً إلى الاستخفاف بحملة الكنيسة على تعطيل جلسات انتخاب الرئيس الجديد والحديث عن مقاطعة جلسات التشريع بعد خلو سدة الرئاسة، في تكوين مناخ خيبة الأمل ثم التطلع إلى تبديل المواقع عند الرأي العام المسيحي.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جديد الدور المسيحي في لبنان جديد الدور المسيحي في لبنان



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon