ترامب وعدم اليقين ومنطقتنا

ترامب وعدم اليقين ومنطقتنا

ترامب وعدم اليقين ومنطقتنا

 لبنان اليوم -

ترامب وعدم اليقين ومنطقتنا

بقلم : وليد شقير

بدءاً من اليوم، يدخل العالم حقبة جديدة من عدم اليقين والغموض بتسلم دونالد ترامب مهماته الرئاسية، وسط رؤية ملتبسة حيال ما ستؤول إليه سياساته المتقلبة. وهو ما يضفي المزيد من الالتباس على التوقعات في شأن ما سينتج من قيادته الدولة الأقوى اقتصادياً وعسكرياً في العالم تؤثر توجهاتها على خريطة اللاعبين الدوليين.

ومع أن ترامب يدخل البيت الأبيض وهو الرئيس المنتخب الأقل شعبية في الولايات المتحدة، فإن الخيبات المنتظرة منه، والتي دفعت النخب الأميركية، بمن فيها عدد كبير من أعضاء الكونغرس، إلى مقاطعة حفل تنصيبه اليوم، فإن هذا وحده دليل إلى أن الأثر الأساسي لرئاسة بليونير العقارات سيكون داخلياً أكثر منه خارجياً، سلباً أو إيجاباً، فالرئيس المضارب عقارياً يتجه إلى إحداث انقلابات في حياة الأميركيين الاقتصادية والاجتماعية حول الضرائب ومحاولة استعادة البيض الأصليين فرص العمل بخفض منافسة المهاجرين لهم وإلغاء برنامج سلفه أوباما للضمان الصحي (أوباما كير). وهذا ما يجعل من عهده المرتقب نسخة منقحة من الانكفاء الأميركي نحو الداخل تحت شعار تصحيح الاقتصاد، مثل العهد الذي سبقه، لكن بشعارات ومقاربات مختلفة.

أما في ما يعنينا نحن العرب ومنطقة الشرق الأوسط، فإن ترامب لن يختلف كثيراً عن سلفه باراك أوباما في إدارة الظهر لمصالح شعوبها ودولها. بل قد يكون أكثر وضوحاً من الأخير الذي أغدق وعوداً قبل 8 سنوات، حيال وقف الاستيطان الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطين، وحل الأزمة السورية، أخذت تتلاشى ليضع اللوم على «قبلية وطائفية» الصراع في المنطقة. وأن يغادر أوباما وهو في أوج شعبيته وفق استطلاعات الرأي، لا يغير في الأمر شيئاً. فأقصى ما فعله هو الامتناع عن استخدام الفيتو إزاء قرار مجلس الأمن الذي دان الاستيطان في الأراضي المحتلة، والتغطية على استمرار المذبحة في حق الشعب السوري بالإصرار اللفظي على قرارات المجلس في شأن قيام سلطة انتقالية في سورية، وهو ما ساهم في نمو الإرهاب و «داعش» بسبب سلوك العاجز أمام إجرام النظام وحلفائه في إيران وروسيا.

الانكفاء من أجل ضمان ترميم الاقتصاد الذي تراجع بفعل الحروب التي خاضها جورج دبليو بوش، يقود إلى نتائج متشابهة في السياسة الخارجية. واتجاه ترامب إلى التسليم بالرؤية الروسية في سورية، وإلى نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس سيكمل مسار التسبب بمزيد من عدم الاستقرار والشعور الإسلامي بالقهر، وتصاعد الإرهاب في المنطقة. ترامب يكمل بهذا المعنى، بأسلوب فجّ مختلف عن اللهجة المنمقة للخطيب المفوه، سياسة سلفه. حاول جون كيري في مقاله في «نيويورك تايمز» أمس، التغطية على اعترافه الخجول بتجاهل أوباما مذبحة سورية بأن «السجال حول رد المجتمع الدولي على المأساة السورية سيبقى قائماً لمدة طويلة»، عبر الإشادة بدور ديبلوماسية إدارته في ضمان قيادة بلاده العالمية بالتعاون مع سائر الدول. وترامب يمهد للتسليم لروسيا في الأزمات الإقليمية بغطاء ترك معاونيه، ومنهم مرشحته لتمثيل إدارته في الأمم المتحدة نيكي هالي التي قالت (لا تثق بروسيا)، وقبلها مرشحه لوزارة الدفاع جيمس ماتيس، وقبلهما وزير خارجيته ريك تيليرسون الذي تحدث عن خطر روسيا الدولي، ينتقدون سياسة موسكو. فالتقلب عند الرئيس الأميركي الجديد لا يعني اعتماده سياسات مختلفة، فهو يهدد بإلغاء الاتفاق النووي مع إيران ثم يتحدث عن ضمان تطبيقه ويتشدد في ما يخص إنتاجها الأسلحة والصواريخ.

في سورية قد يطمح بعض العرب إلى أن تقود تطلعات ترامب إلى التشدد مع إيران، لأنها راعية للإرهاب، مقابل الليونة مع روسيا، وإلى تعزيز العلاقة مع الحلفاء العرب، إلى تعميق الصراع بين الحلفاء في الميدان السوري، فيراهنون على إضعاف دور طهران لمصلحة موسكو، ولأن التوافق الأميركي الروسي سيفرض ذلك، إلا أن جهل ترامب في السياسة الخارجية قد يخيب آمال هؤلاء، فأين حنكة الأخير من أسلوب البلف والمناورة والبراغماتية الجافة التي يعتمدها فلاديمير بوتين، كما فعل مع أوباما: يتراجع عن التصعيد الميداني ويلجم جيش الأسد وميليشيات إيران عند التفاوض مع واشنطن، ويبرم الاتفاقات مع أنقرة. وعندما يفشل في تنفيذ ما يتفق عليه، يطلق هجوماً جديداً منسقاً مع طهران والنظام، بغض نظر تركي، كما فعل في حلب وقبلها في محيط دمشق. يلجأ إلى الحل السياسي كما يفعل في آستانة بعد 3 أيام ويوحي بإشراك واشنطن، تاركاً لإيران والنظام هامشاً تصعيدياً لإحباط الحلول، إذا لم تتراجع واشنطن عن تعزيز وجودها في أوروبا.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترامب وعدم اليقين ومنطقتنا ترامب وعدم اليقين ومنطقتنا



GMT 05:51 2017 الجمعة ,26 أيار / مايو

الشرق الأوسط «الإيراني» والتنف السوري

GMT 05:10 2017 الجمعة ,12 أيار / مايو

الجمباز الروسي في سورية

GMT 05:56 2017 الجمعة ,05 أيار / مايو

مناطق آمنة للدول أم للسوريين؟

GMT 05:53 2017 الجمعة ,28 إبريل / نيسان

روسيا المرتبكة تنتظر ترامب

GMT 06:15 2017 الجمعة ,21 إبريل / نيسان

جنرالات ترامب وإيران وسورية واليمن

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:53 2020 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 08:52 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

ديكورات تمنح منزلك الدفء وتجعله أكثر راحة

GMT 21:19 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة الطليعة" تعاقب اللاعبين بعد تدهور النتائج"

GMT 02:55 2016 الأربعاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أندية الأردن في أزمة كبيرة بسبب ملاعب التدريب

GMT 07:25 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

توقعات برج العقرب لعام 2024 من ماغي فرح

GMT 17:55 2023 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

الباركيه في غرف النوم يمنحها الدفء والجاذبية

GMT 17:06 2013 الإثنين ,20 أيار / مايو

جنيفر ميتكالف ترتدي جاكت دون ملابس داخليه

GMT 15:16 2021 الإثنين ,04 تشرين الأول / أكتوبر

قرداحي استقبل السفير التونسي وجرى البحث في الاوضاع العامة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon