أثمان «داعش» والاتفاقات الموضعية

أثمان «داعش» والاتفاقات الموضعية

أثمان «داعش» والاتفاقات الموضعية

 لبنان اليوم -

أثمان «داعش» والاتفاقات الموضعية

بقلم : وليد شقير

ما زال هدف التخلص من «داعش» في سورية وفي العراق يتحكم بمجريات الوقائع الميدانية، لا سيما في بلاد الشام، من زاوية أثمان تحقيق هذا الهدف والقوى التي يفترض أن تحل مكان التنظيم المتوحش الذي أقلق دول الغرب بعدما تراخت في تقدير خطورته وانعكاسات توسعه على أمنها.

أظهرت تطورات الأيام القليلة الماضية أن اللعبة بين الدول التي لا تحصى المتدخلة في سورية، تدور حول هذه الأثمان وهوية القوى البديلة التي ستقبض على ناصية تلك المناطق بعد دحر «داعش» منها. فجأة بات ما كان محظراً على تركيا في شمال سورية من تدخل مباشر لقواتها، على مدى السنوات الماضية، مباحاً، فعبرت دباباتها الحدود لدعم فصائل من «الجيش السوري الحر» للحلول مكان تنظيم «الدولة الإسلامية» في جرابلس. ولم يكن الاندفاع التركي نحو مناطق في الشمال السوري ليحصل من دون قرار دولي شبه إجماعي، يغطيه توافق روسي - أميركي بموافقة إيرانية. والأيام المقبلة كفيلة بتوضيح ما إذا كان هذا الاندفاع المدعوم دولياً، سيتوسع، أو أنه سيواصل إتاحة المجال للفصائل السورية المدعومة من تركيا كي تتابع تقدمها بعد جرابلس نحو مدينة الباب، التي تشكل المنفذ المطلوب نحو الرقة، معقل التنظيم في سورية. فما يبدو حتى الآن أن التسويات على ما بعد دحر «داعش» من كل منطقة يجري «بالقطعة» ولا يتم وفق استراتيجية متكاملة لإنهاء سيطرته على مناطق شاسعة المساحة.

من نافل القول إن السبب الذاتي المباشر عند أنقرة وراء توغلها في سورية هو الحؤول دون أن يستمر توسع حزب «الاتحاد الديموقراطي» الكردي في قضم مناطق شمالية، حتى لو كان المبرر طرد «داعش» منها، لجعل نواة قيام الكيان الكردي المستقل أمراً واقعاً يقضّ مضاجع القيادة التركية ومعها إيران، التي قامت الدنيا وأقعدتها قبل أكثر من سنة حين لمح رجب طيب أردوغان إلى أنه قد يقدم على إقامة منطقة آمنة في الشمال وتأزمت علاقة البلدين. وإذا كان السلطان حصل من طهران وموسكو على موافقتهما قبل أيام، نتيجة تقاطع المصالح حيال محاذير التوسع الكردي، فإن كلاً منهما حصل من تركيا على ثمن مقابل هو ما أعلنه رئيس الوزراء بن علي يلدريم عن القبول أن يكون لبشار الأسد دور في المرحلة الانتقالية في سورية في الحل السياسي الذي يفترض أن تسعى إليه موسكو واشنطن. وما كان حكام حزب «العدالة والتنمية» يقولونه قبل سنتين عن إمكان بقاء الأسد في السلطة الانتقالية 6 أشهر، وافقوا على ما يبدو على تمديده لسنة ونصف السنة. بل إن العارفين يقولون إن هيكلية التسوية التي شكلت ثمناً للقبول بالتوغل التركي في سورية، شملت العودة إلى ما كانت موسكو وأنقرة تقترحانه منذ انطلاق مفاوضات جنيف السورية، أي قيام مجلس عسكري جديد للجيش السوري يضم إلى ضباط النظام، آخرين من «الجيش الحر»، مع إبقاء صلاحيات مقبولة للأسد على المؤسسات العسكرية والأمنية.

مقابل حصد تركيا القضاء (ولو موقتاً) على الحلم الكردي نتيجة توافقها مع روسيا وطهران، حصدت الأخيرتان منها أكثر من ذلك: فتح خطوط «خلفية» مع نظام الأسد تفيد معلومات تحتاج إلى التدقيق بأن بيروت كانت مسرحها ( وليس دمشق كما سبق أن نُشر)، وأن هذه الخطوط شملت لقاءات تركية مع «حزب الله» في العاصمة اللبنانية، على رغم أن الحزب كان أعلن آخر الشهر الماضي عن إسقاط أحلام الأمبراطورية العثمانية، عند إحكام الحصار على حلب، وقبل كسره من جانب الفصائل المعارضة المعتدلة بدعم تركي- عربي- أميركي. وقابلت قوات الأسد هذا الانفتاح بعينة من القصف الجوي لمناطق الميليشيات الكردية في الحسكة، على رغم أنها حيدت هذه الميليشيات في السابق والتي كانت اشتركت معها في حصار الفصائل السورية المعارضة في شرق حلب.

لعبة الأثمان والبدائل لـ «داعش»، ما زالت بعيدة عن إمكان صوغ الحل السياسي للحرب السورية. فالاتفاقات الموضعية التي تقتضيها لعبة الأمم، والأكراد ليسوا وحدهم الضحية على مدى السنوات الخمس الماضية، لا تلبث أن تصطدم بواقع أكثر تعقيداً. فما أنتجته لا يشمل الدول العربية المعنية الأولى بالوضع في سورية. فهي غائبة عن هذه التفاهمات. وهي معنية بمناطق واسعة في الشمال السوري تضم العرب الذين قامت الميليشيات الكردية بتهجير بعضهم سابقاً، وبالمناطق الخاضعة للحصار الهمجي في داريا والغوطة ومضايا وغيرها، التي تحصل فيها جرائم ضد الإنسانية. فماذا إذا جرى تحريك الجبهة الجنوبية من أجل فك الحصار عنها؟

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أثمان «داعش» والاتفاقات الموضعية أثمان «داعش» والاتفاقات الموضعية



GMT 05:51 2017 الجمعة ,26 أيار / مايو

الشرق الأوسط «الإيراني» والتنف السوري

GMT 05:10 2017 الجمعة ,12 أيار / مايو

الجمباز الروسي في سورية

GMT 05:56 2017 الجمعة ,05 أيار / مايو

مناطق آمنة للدول أم للسوريين؟

GMT 05:53 2017 الجمعة ,28 إبريل / نيسان

روسيا المرتبكة تنتظر ترامب

GMT 06:15 2017 الجمعة ,21 إبريل / نيسان

جنرالات ترامب وإيران وسورية واليمن

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon