حماس والإخوان والقضية الفلسطينية

حماس والإخوان والقضية الفلسطينية

حماس والإخوان والقضية الفلسطينية

 لبنان اليوم -

حماس والإخوان والقضية الفلسطينية

حسن نافعة

هل أصبحت القضية الفلسطينية فى وضع أفضل مما كانت عليه قبل هبوب رياح التغيير فى العالم العربى؟ وهل أحدث وصول جماعة الإخوان المسلمين للسلطة فى مصر نقلة نوعية فى العلاقات المصرية- الفلسطينية يمكن استثمارها إيجابيا لصالح القضية الفلسطينية؟ تلك أسئلة يتعين أن نطرحها وأن نبحث لها عن إجابة دقيقة تسهم فى تبديد اللغط الدائر حاليا حول حقيقة العلاقة بين النظام الحاكم فى مصر وحركة «حماس». غير أن الإجابة عن هذه الأسئلة لن تكون أمرا سهلا ما لم نسلم بمجموعة من الحقائق الأساسية التى تحكم علاقة مصر بالقضية الفلسطينية، من ناحية، وبأصحاب هذه القضية، من ناحية أخرى. فإذا كانت القضية الفلسطينية بالنسبة للشعب الفلسطينى هى «قضية وجود»، نظرا لأنها تتعلق بأرض مسلوبة وبشعب مشرد، فإنها بالنسبة للشعب المصرى «قضية أمن»، نظرا لما يمثله قيام دولة يهودية قوية على حدوده الشرقية من تهديد مباشر لأمنه الوطنى، خصوصا إذا كانت هذه الدولة تمتلك السلاح النووى. ولأن التسوية العادلة لهذه القضية لا يمكن أن تتحقق، من منظور الشعب الفلسطينى، إلا بعودة حقوقه المغتصبة كاملة، ومن منظور الشعب المصرى إلا بإزالة كل ما يشكل تهديدا لأمنه الوطنى، فمن الطبيعى أن يؤدى استمرار القضية دون حل إلى وجود منطقة مصالح مشتركة دائمة بين الشعبين المصرى والفلسطينى، تتسع أو تضيق بحسب رؤية صناع القرار فى كلا الجانبين لمصالحهما الوطنية. وفى هذا السياق وحده يمكن فهم طبيعة الدور الذى لعبته مصر فى تحديد مسار الصراع العربى- الإسرائيلى والمحاولات الرامية لتسويته، سلما أو حربا، والتى مرت بمراحل ثلاث يمكن تحديدها على النحو التالى: الأولى: مرحلة الصدام العسكرى بين جيوش نظامية، وفيها خاضت مصر جميع الحروب التى وقعت مع إسرائيل، إما منفردة: كما حدث فى حرب 1956، وفى حرب الاستنزاف (1968-1970)، أو بالاشتراك مع آخرين: كما حدث فى حروب 1948 و1967 و1973، التى اعتبرها السادات آخر الحروب. ويلاحظ هنا أن هذه الحروب جرت تحت راية مختلف النظم الحاكمة فى مصر قبل وبعد ثورة يوليو، مما يقوم فى حد ذاته دليلا على أن القضية الفلسطينية هى قضية مصرية تتعلق بالأمن الوطنى. الثانية: مرحلة البحث عن تسوية سلمية للصراع عقب حرب 1973، وفيها أخذت مصر الساداتية زمام المبادرة، ولكن دون تشاور مسبق مع الدول العربية المجاورة أو حتى مع منظمة التحرير الفلسطينية. فأقدمت على إبرام معاهدة سلام منفردة مع إسرائيل (1979)، ولم تنخرط فيها دول عربية أخرى رسميا إلا بعد خروج العراق من معادلة الصراع مع إسرائيل، عقب استدراجه لغزو الكويت، وانعقاد مؤتمر مدريد. وقد شهدت هذه المرحلة إبرام اتفاق مع منظمة التحرير الفلسطينية (أوسلو 1994)، ثم تبعه اتفاق مع الأردن (وادى عربة 1995). والثالثة: مرحلة العودة إلى الصدام العسكرى بعد فشل محاولات التسوية، ولكن فى مواجهة حركات المقاومة المسلحة، وفيها شنت إسرائيل حربا على لبنان صيف عام 2006، لتصفية حزب الله. ثم شنت حربا أخرى على غزة، نهاية عام 2008 وبداية عام 2009، لتصفية حماس. ولأن العالم العربى انقسم على نفسه فى هذه المرحلة إلى معسكرين: أحدهما داعم للمقاومة المسلحة والآخر رافض لها، فقد وقفت مصر فى زمن مبارك، ولأول مرة فى تاريخها، إلى جانب المعسكر الرافض للمقاومة المسلحة والمؤيد ضمنا لإسرائيل. ولأن النظام القديم فى مصر كان بمثابة «كنز استراتيجى» لإسرائيل فقد كان من الطبيعى أن تشعر هذه الدولة بالقلق وأن تسعى لاختبار نوايا النظام الذى حل محله، الذى تدرك أن حركة حماس ترتبط به فكريا وتنظيميا وتعد امتدادا له. لذا فما إن تولى الدكتور مرسى زمام السلطة كرئيس جديد للدولة المصرية حتى قامت إسرائيل بشن حرب جديدة على قطاع غزة، لكنها سرعان ما تبينت أن النظام الجديد يستطيع، وربما يرغب، فى أداء نفس الوظائف التى كان يقوم بها نظام مبارك، ربما بدرجة أكثر كفاءة، وأن بوسع إسرائيل تجيير العلاقة الخاصة التى تربطه بحماس لصالحها. فقد نجح النظام الجديد، وبسرعة فائقة، فى إقناع حماس بضرورة وقف إطلاق الصواريخ من قطاع غزة فى مقابل تخفيف الحصار، وهو أقصى ما كانت تطمح إليه إسرائيل. وفى سياق هذه العلاقة الجديدة التى بدأت تنسج بين النظام الجديد فى مصر، من ناحية، وكل من الولايات المتحدة وإسرائيل، من ناحية أخرى، راحت قطاعات متزايدة من الشعب المصرى تكتشف بوضوح تام أن حرص كل من جماعة الإخوان المسلمين وجماعة حماس على الانفراد بالسلطة والهيمنة عليها يفوق حرصهما على العمل على تحقيق أهداف الثورة فى مصر أو أهداف المقاومة فى فلسطين. وعندما راح التوتر يتصاعد فى مواجهة جماعة الإخوان المسلمين فى مصر، كان من الطبيعى أن ينعكس سلبا على العلاقة مع حماس أيضا. ليس لدى معلومات كافية تسمح لى بالتوصل إلى استنتاجات نهائية حول الدور الذى لعبته حماس فى عدد من القضايا المثارة منذ الثورة، وفى مقدمتها: 1- قضية اقتحام السجون وتحرير المعتقلين من جماعة الإخوان، الذين كان الرئيس مرسى نفسه من بينهم. 2- قضية ضباط الشرطة المختطفين من سيناء، ويقال إنهم أحياء ويعيشون فى قطاع غزة، ولدى حماس علم بأماكن احتجازهم وبالأطراف المتورطة فى اختطافهم. 3- قضية الهجوم المسلح على إحدى نقاط الحراسة المصرية فى رفح، الذى راح ضحيته عدد كبير من حرس الحدود المصريين، ويقال إن عناصر فلسطينية متورطة فيه وتعيش فى قطاع غزة وتتمتع بحماية السلطات هناك. رغم قيام حماس بنفى ما يتردد فى الإعلام المصرى حول دور مزعوم لها فى كل هذه القضايا، وميلى شخصيا لتصديقها، فإننى أعتقد أنها لم تنجح فى إقناع الرأى العام المصرى بسلامة موقفها، وراحت تتصرف بنفس العنجهية التى اتسم بها سلوك جماعة الإخوان فى مصر. فهل تعى حماس بما فيه الكفاية أن سلوكها الحالى يلحق ضررا كبيرا بالقضية الفلسطينية، وأن الشعب المصرى لا يجيد، ولا يحب، ممارسة لعبة الفصائل التى ميزت سلوك بعض الدول العربية تجاه القضية الفلسطينية؟ فارتباط شعب مصر بالقضية الفلسطينية كان وسيظل فى حدود ما تمليه اعتبارات أمن مصر الوطنى، ولن يكون أبدا دفاعا عن هذا الفصيل أو ذاك. نأمل أن تدرك حماس هذه الحقيقة وتعيها جيدا حتى لا يتسبب سلوكها فى إلحاق أبلغ الضرر بنضال الشعب الفلسطينى. نقلا عن جريدة الايام

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حماس والإخوان والقضية الفلسطينية حماس والإخوان والقضية الفلسطينية



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:45 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 09:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:05 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 08:48 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

أبرز العطور التي قدمتها دور الأزياء العالمية

GMT 15:27 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

علي ليو يتوج بلقب "عراق آيدول" الموسم الأول

GMT 11:57 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

برومو ”الاسكندراني” يتخطى الـ 5 ملايين بعد ساعات من عرضه

GMT 16:26 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:28 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لاستغلال زوايا المنزل وتحويلها لبقعة آسرة وأنيقة

GMT 09:37 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

طرق تنظيم وقت الأطفال بين الدراسة والمرح

GMT 14:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

متوسط أسعار الذهب في أسواق المال في اليمن الجمعة

GMT 19:03 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منى عبد الوهاب تعود بفيلم جديد مع محمد حفظي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon