فقر الخيال في الدبلوماسية المصرية

فقر الخيال في الدبلوماسية المصرية

فقر الخيال في الدبلوماسية المصرية

 لبنان اليوم -

فقر الخيال في الدبلوماسية المصرية

معتز بالله عبد الفتاح

صلوا على رسول الله، وكل من له نبى يصلى عليه.

الحروب الأهلية التى تعيشها دول ليبيا وسوريا واليمن لن تنتهى سريعاً، ولن تنتهى بقرار من أطرافها، هؤلاء شربوا من نهر الجنون والغل والحقد والانتقام والثأر، لا بد أن يحدث تدخل خارجى من قوى لها مصلحة فى وقف نزيف الدماء.

ولا بد أن تعود مصر لأن تلعب هذا الدور.. ونقطة البداية هى معالجة «فقر الخيال» الذى تعانى منه الدبلوماسية المصرية. كنت أتوقع من أجهزة صنع السياسة الخارجية المصرية أن تكون سباقة بطرح أفكار على مائدة الحوار العربى والدولى لعلاج أزمات هذه الدول المهمة لمصر. مصر فى علاقاتها بهؤلاء ليست طرفاً متابعاً أو مهتماً بل هى طرف مباشر يؤثر ويتأثر.

هل للخارجية المصرية مثلاً رؤية بشأن شكل ليبيا الجديدة؟

هل فكرنا فى أن نخلق توافقاً ليبياً وعربياً ودولياً على استعادة الملكية الدستورية من خلال إعادة تنصيب حفيد الملك إدريس السنوسى الذى يعيش فى أوروبا كى يكون رمزاً للوحدة مع الهندسة المؤسسية اللازمة لضمان استقرار هذا الجار المهم؟

هل فكرنا فى الاستفادة من الهندسة المؤسسية التى أجراها الغربيون لوقف نزيف الدماء فى البوسنة والهرسك؟

وتعالوا نتأمل الفكرة بشىء من التفصيل عسى أن تصل إلى بعض القائمين على سياستنا الخارجية.

الفكرة ببساطة هى إقامة كونفيدرالية تجمع بين القوى المتحاربة وترويكا حاكمة (أى مجلس رئاسى ثلاثى) يتبادل فيها منصب الرئيس ونائبى الرئيس كل سنة ممثل منتخب عن كل طائفة. ووفقاً لدستور البوسنة والهرسك فإنه تم تأسيس كونفيدرالية تضم كيانين وحكومة مركزية لها حق الإشراف على كامل البلاد، تسمى الآن رسمياً جمهورية البوسنة والهرسك، الكيان الأول يعرف باسم فيدرالية البوسنة وتشمل اتحاد مناطق البوسنيين والكروات، والتى تشكل ٥١% من البلاد. هذه الفيدرالية اللامركزية القلقة تضم خمسة كانتونات للبوسنيين، وثلاثة كانتونات للكروات وكانتونين مختلطين. وكل كانتون يمتلك دستوراً، وبرلماناً وحكومة، أما الكيان الآخر، فهو جمهورية الصرب ذات نظام مركزى يضم المناطق التى يهيمن عليها الصرب والتى تشكل ٤٩% من إقليم البوسنة والهرسك.

نظام الحكم استند إلى اتفاقية دايتون للسلام التى وقعت فى ديسمبر من عام ١٩٩٥ والتى أسهمت فى نهاية الحرب الأهلية وفرضت عملية السلام تحت قيادة قوات الناتو وقوات متعددة الجنسية.

اللجنة الرئاسية الثلاثية تضم رئيسا للبوسنة ورئيساً للكروات ورئيساً للصرب، كل منهم يتم انتخابه من قِبل مجموعته العرقية. أما رئيس الوزراء فيتم تعيينه من قِبل الرؤساء الثلاثة ومصادقة مجلس النواب عليه، ويتم تعيين الوزراء من قِبل رئيس الوزراء ومصادقة مجلس النواب. دستورياً الرئيس يمكنه اقتراح الميزانية السنوية ويحدد الإيرادات والنفقات وطباعة العملة الوطنية والرئيس له سلطة رسم وإدارة السياسة الخارجية وتشمل تعيين السفراء وعقد الاتفاقيات وإقامة العلاقات مع المنظمات الدولية. أما بشأن فيدرالية البوسنة، السلطة التنفيذية تتكون من الرئيس ونائبه ويكون كل واحد منهم من مجموعة عرقية مختلفة يتم انتخابه من قبل الهيئة التشريعية الاتحادية، ورئيس الوزراء والوزراء يتم تعيينهم من قِبل الرئيس بالاتفاق ومصادقة الهيئة التشريعية.

كل وزير فى الاتحاد له نائب يكون من مجموعة عرقية مختلفة والحكومة الاتحادية يجب أن تضم ١٦ وزيراً، ثمانية بوسنيين، وستة كروات وثلاثة صرب. السلطة التنفيذية لجمهورية الصرب تضم الرئيس ونائباً للرئيس من مجموعة عرقية مختلفة يتم انتخابهما من قِبل الشعب، ورئيس الوزراء والوزراء يتم تعيينهم من قِبل الرئيس ومصادقة الهيئة التشريعية، وحكومة جمهورية الصرب تضم ١٦ وزيراً، ٨ صرب، و٦ بوسنيين، و٣ كروات. كل كيان يحافظ على سلطته، حيث تمتلك سلطات على جميع المجالات التى لا تكون من صلاحيات الحكومة المركزية.

لماذا كل هذا؟

هذا هو ما يطلق عليه اسم: آليات تقاسم السلطة وتقاسم الثروة فى البلاد (power and wealth sharing mechanisms).

هل يوجد عندنا من يفكر فى دور مصرى فاعل غير نظرية «حبوا بعض يا ولاد» اللى إحنا شغالين بيها دى؟

ما أعرفش.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فقر الخيال في الدبلوماسية المصرية فقر الخيال في الدبلوماسية المصرية



GMT 18:02 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

GMT 18:00 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 17:57 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 17:55 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 17:51 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

التعليم مجانى وإلزامى (٦)

GMT 17:49 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

«المناقيش» سر تعثر لقاء السنباطى وفيروز!!

GMT 17:46 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

حكمة نبيل العزبى!

GMT 17:44 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الشركات العامة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:51 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

طرح فيلم "الإسكندراني" لأحمد العوضي 11يناير في سينمات الخليج

GMT 22:27 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

شاومي يطرح حاسوب لوحي مخصص للكتابة

GMT 14:06 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حمية مستوحاة من الصيام تدعم وظائف الكلى وصحتها

GMT 15:32 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 14:00 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

أفخم 3 فنادق في العاصمة الايرلندية دبلن

GMT 05:39 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار لتنسيق أزياء الحفلات في الطقس البارد

GMT 05:24 2022 الأحد ,10 تموز / يوليو

قواعد في إتيكيت مقابلة العريس لأوّل مرّة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon