من التنظيم والإدارة إلى البرلمان

من التنظيم والإدارة إلى البرلمان

من التنظيم والإدارة إلى البرلمان

 لبنان اليوم -

من التنظيم والإدارة إلى البرلمان

معتز بالله عبد الفتاح

حصلت على دراسة متميزة قام بها باحثون، ونشرت من قبل الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، ونشرت ملخصاً لها بالأمس جريدة «الوطن». أحسب أنها واحدة من أكثر الدراسات المعاصرة صراحة ووضوحاً فى تحليل أشكال وأسباب الفساد الإدارى فى المصالح الحكومية.

ومن أكثر ما أكدته الدراسة:

أولاً: أن الفساد الإدارى بالمصالح الحكومية يزيد كلما سار النظام السياسى فى اتجاه عكس «الديمقراطية»، بمعنى أنه «أثر سلبى» نتج عن ضعف الشفافية وغياب الإفصاح عن المعلومات الخاصة بالدولة وأعمالها الاقتصادية.

ثانياً: افتقار بعض أعضاء الأجهزة الرقابية للحصانات الكافية للاضطلاع بدورهم الرقابى، مما لا يجعلهم فى مأمن من «البطش» بهم، وهذه الحصانات، مثل: «عدم القابلية للعزل»، والتحقيق معهم عن طريق «لجان قضائية مستقلة».

ثالثاً: وجود بعض المعوقات التى تواجه الأجهزة الرقابية فى أداء عملها، مثل «الجهاز المركزى للمحاسبات»، خاصة فيما يتعلق بحماية المال العام ومواجهة الفساد الإدارى، مثل عدم إعطائه الحق فى الإحالة للمحاكمة مباشرة فى حالة اكتشاف مخالفات لم تستطع الجهة الإدارية تبريرها، والسرية المفروضة على تقاريره من قبل الحكومة وعدم إعطاء أهمية لمناقشتها.

رابعاً: الرقابة البرلمانية ليست فاعلة بشكل جدى فى مواجهة الفساد الإدارى بسبب ضعف التكوين العلمى وعدم التخصص المهنى لأغلبية أعضاء البرلمان فى المجالات الرقابية، كما أن النشاط الرقابى للبرلمان يُعد ثانوياً إلى جانب الوظيفة التشريعية، واستناد الحكومة إلى أغلبية كبيرة فى البرلمان يجعلها فى حماية من أى استجوابات أو اتهامات.

خامساً: استفحال الفساد الإدارى لا يرجع لضعف النصوص الجنائية بالضرورة، ولكن فى أغلب الأحوال يرجع لعدم مراعاة بعض الأجهزة الرقابية للإجراءات الجنائية، ما يخلق ثغرات ينفذ منها المتهم من العقوبة، بما فى ذلك من طول فترة التحقيقات والمحاكمة فى جرائم الفساد الإدارى، ما يضعف الردع ويساعد على هروب بعض المتهمين للخارج قبل المحاكمة. وأشارت الدراسة إلى أن شدة العقوبة فى جرائم «الرشوة»، و«اختلاس المال العام» لم تمنع انتشارها، ما يتطلب تفعيل النصوص القانونية، فضلاً عن أنها لم تتضمن أى ضمانات أو حوافز للمُبَلّغين والشهود فى القضايا المتعلقة بالفساد.

سادساً: تعدد الأجهزة الرقابية وتداخل اختصاصاتها يؤثر على مواجهة الفساد، ومن أهم هذه الجهات «المركزى للمحاسبات»، و«الرقابة الإدارية»، و«التنظيم والإدارة»، و«النيابة الإدارية»، و«الإدارة العامة لمكافحة جرائم الأموال العامة بوزارة الداخلية»، و«إدارتا الكسب غير المشروع وغسل الأموال بوزارة العدل»، و«النيابة العامة ونيابة الأموال العامة»، كما أن تبعية جميع الأجهزة الرقابية للسلطة التنفيذية قد يؤثر على استقلاليتها باعتبار أن السلطة التنفيذية هى «المُراقِب»، و«المراقَب عليه».

ولهذا الفساد الإدارى آثاره السلبية، بما فى ذلك من ضعف الاستثمار وهروب الأموال خارج البلاد، وما يتبعه من قلة فرص العمل وزيادة البطالة والفقر، وبالتالى انخفاض معدل النمو، وضياع أموال الدولة التى كان من الأجدر استثمارها فى مشاريع تنموية تخدم المواطنين، والتأثير السلبى المباشر على حجم ونوعية موارد الاستثمار الأجنبى، فى الوقت الذى تسعى فيه البلدان النامية لاستقطاب موارد الاستثمار الأجنبى لما تنطوى عليه من إمكانات نقل المهارات والتكنولوجيا، وبالتالى تراجع مؤشرات التنمية البشرية، خاصة فيما يتعلق بمؤشرات التعليم والصحة، وإهدار الموارد بسبب تداخل المصالح الشخصية بالمشروعات التنموية العامة والنفقات المادية الكبيرة، والفشل فى الحصول على المساعدات الأجنبية كنتيجة لسوء سمعة النظام السياسى، وهجرة الكفاءات الاقتصادية، نظراً لغياب التقدير، وبروز المحسوبية والمحاباة فى شغل المناصب.

هدف هذا المقال ألا تمر هذه الدراسة مرور الكرام. هى دراسة جادة ومهمة، وعلى البرلمان أن يستمع للقائمين عليها، وأن يستفيدوا منها.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من التنظيم والإدارة إلى البرلمان من التنظيم والإدارة إلى البرلمان



GMT 13:50 2024 الأربعاء ,20 آذار/ مارس

مفتاح جنوب البحر

GMT 19:33 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

أحلام فترة النقاهة!

GMT 20:53 2024 الجمعة ,15 آذار/ مارس

دولة طبيعية

GMT 17:49 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين

GMT 17:35 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

المشير والمشيرون

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon