هل يعين «السيسي» مجلساً مؤقتاً للإعلام

هل يعين «السيسي» مجلساً مؤقتاً للإعلام؟

هل يعين «السيسي» مجلساً مؤقتاً للإعلام؟

 لبنان اليوم -

هل يعين «السيسي» مجلساً مؤقتاً للإعلام

معتز بالله عبد الفتاح

أسمع الرئيس يشكو وينتقد، وأجلس مع قائمين على الإعلام يدافعون ويرفضون نقد الرئيس لهم، ويقولون: ماذا نفعل؟

قلت أكتب لهم هذه المقالة عسى أن توضح لهم جانباً واحداً مما أغفلوه، فأضاعوه، فضيعونا معهم، ما نوعية القيم التى يبثها الإعلام المصرى: البلطجة والمخدرات والخيانة ونكران الجميل والجحود والبحث عن المكسب المالى قصير المدى على حساب أى قيم أو أخلاقيات.

وحتى حين تقوم الشركات الكبرى، بما فيها شركات التليفونات المحمولة، بعمل حملات للدعاية لنفسها، فهى تتأكد تماماً أنها لن تفعل أى شىء يؤدى إلى نهضة هذا البلد: التسلية والدعاية ثم الدعاية والتسلية. الحملة الإعلانية قائمة على «مغنى» أو ممثل أو عدة مغنين أو عدة ممثلين، الإعلان فى النهاية لا يضيف لك شيئاً، على أقصى تقدير يجعلك تبتسم ولكنك لن تكون إنساناً أفضل، وبالتالى المجتمع لن يكون أفضل.

وحتى لا أبدو مثالياً، تعالوا نستعرض ثلاثة إعلانات أو أفلام قصيرة جداً أذيعت فى كوريا الجنوبية وتايوان والولايات المتحدة، كلها موجودة على النت، الفيلم الأول يهدف إلى تأكيد علاقة الأب بابنته، كل أب مع كل أولاده، يبدأ الفيلم بطفلة تسير مع أبيها فى الطريق، وهو يقرأ رسالة هى كتبتها عنه، والفيديو يضع أثناء قراءتها للرسالة بصوتها مشاهد مختلفة فيها الرجل يجتهد فى عمله، يرتدى أفضل ملابسه، يلعب معها، وهى تضحك فى سعادة، وأثناء هذه المشاهد البنت تقول: أبى هو أرق أب فى العالم، أبى هو الأكثر وسامة، أبى هو الأذكى فى العالم، أبى هو الأكثر براعة، أبى هو الأكثر لطفاً، هو بطلى (سوبر مان)، أبى يريد منى أن أكون أحسن فى المدرسة، ولكن أبى يكذب، وهنا يتوقف الأب عن السير مع ابنته ويبدو مندهشاً أن ابنته بعد أن تقول كل هذا الكلام الرائع عنه تقول «إنه يكذب»، تسترسل البنت فى توضيح لماذا هى تعتقد أنه يكذب، تقول البنت: إنه يكذب بشأن أن عنده عمل (ويأتى المشهد أنه يقدم على وظيفة ولا يجد)، وأنه يملك المال (ويأتى المشهد بأنه يعمل حمالاً بثياب مبهدلة)، يكذب بأنه غير تعبان أو مجهد (ويأتى المشهد وهو مجهد أقصى إجهاد ولكنه يبتسم فى وجه ابنته ثم يحملها كى يسعدها)، ويكذب بأنه غير جائع (ويأتى المشهد أنه يعطيها طعامه مع يقينها أنه جائع لكنها هى أولى)، يكذب بأننا نملك كل شىء (وهو يسير حيران بلا عمل أو مال)، ويكذب بشأن سعادته (ويأتى المشهد وهو فى حالة ضيق شديد)، هو يكذب بسببى أنا، وتنساب المشاهد بين تعبه واجتهاده وحضنه لها وسعادته بها ورغبته فى إسعادها ودموع عينيه لعجزه عن أن يوفيها حقها، الفيلم عبقرى، مكتوب بمهارة، والطفلة صادقة، والأب محب لابنته، يختتم الفيلم الذى لا تزيد مدته على ثلاث دقائق ونصف، بعبارة: أطفالنا يستحقون منا كل التضحية، شاهدت الفيلم عشرات المرات، وفى كل مرة لا أملك أن أحبس دموعى، وفى كل مرة أسأل: لماذا تضيع منا هذه القيم؟ لماذا ننام فى النور ويستيقظ غيرنا فى ظلام؟ من يظلم علينا حياتنا بتسلية منزوعة القيم؟ عنوان الفيلم على اليوتيوب https: //www.youtube.com/watch?v=aF4xMPuAKSI

فيلم آخر يتحدث عن قيمة الإحسان، يبدأ الفيلم القصير جداً بامرأة صيدلانية تعنف طفلاً صغيراً لأنه حاول أن يسرق دواء منها، فيجد صاحب مطعم الطفل يبكى، فيذهب إليه، ويدفع للصيدلانية النقود مقابل الدواء ويعطى للطفل بعضاً من الطعام، ابنة صاحب المطعم تبدو رافضة أو على الأقل غير مستريحة لسلوك والدها الذى يعطف على طفل ضال رث الثياب، ينظر الطفل بأسى وبعيون حائرة للرجل الذى يعطف عليه دون أن يعرفه، ثم يأخذ الطعام والدواء ويجرى، بعد لحظات تنزل على الشاشة عبارة «وبعد 30 سنة»، تتحرك الكاميرا للرجل صاحب المطعم بعد أن يصبح هو وابنته أكبر عمراً، فجأة والرجل فى محل عمله يقع على الأرض مغشياً عليه، ثم تنتقل الكاميرا إلى المستشفى وهو على سريره، حتى يتم علاجه لا بد أن يدفع فاتورة بمبلغ ضخم، ابنته تنظر إلى الفاتورة حائرة لا تعرف ماذا تفعل، بعد ثوان ترفع رأسها لتجد ورقة مكتوباً عليها: تم تسديد الحساب من 30 سنة بثلاث علب من المسكنات وشنطة طعام، توقيع: الدكتور فلان الفلانى، وهو نفس الطفل الذى تلقى المساعدة من والدها منذ سنوات، الرجل زرع الإحسان فوجده، ولو بعد حين. أثناء ذلك الكاميرا تستعيد مشهد الطفل الحائر وكل لحظات الأسى لضيق ذات اليد مع موسيقى هادئة رائعة تحرك فى نفسك المشاعر والإحساس بأن «من يفعل خيراً يُجزَ به»، ثم يختتم الفيلم القصير بعبارة: «العطاء هو أفضل وسيلة للتواصل مع الآخرين»، ولو كان الفيلم من إنتاج ثقافتنا لقلت: «هل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟»، هذا هو موقع الفيلم على اليوتيوب

https://www.youtube.com/watch?v=Tma9FwW8LgA

أعطى مثالاً بفيلم ثالث عن واجبنا بأن نساعد بعضنا البعض أو ما يسميه أهل العلم «رأس المال الاجتماعى»، يبدأ بطفل يقع من على الدراجة فيساعده شخص حتى يقف على قدميه ثم يبتسم الاثنان، فيجد الطفل امرأة عجوزاً تريد أن تعبر الشارع فيساعدها ثم يبتسم الاثنان، وبعد أن تعبر الشارع تجد امرأة يبدو عليها الثراء تبحث فى شنطتها عن نقود معدنية لتدفع ثمن ركن سيارتها، فتعطيها السيدة العجوز مما معها نقوداً، ثم تبتسم الاثنتان، فتجد السيدة التى كانت تحتاج النقود المعدنية شاباً يرتدى زياً غالى الثمن وقد وقعت من جيبه ورقة، فتتعجل الذهاب إليه كى تلفت نظره لما وقع منه، فيشكرها ثم يبتسم الاثنان، ثم يجد الشاب عاملاً يحمل حملاً ثقيلاً فيعينه عليه، ثم يبتسم الاثنان، ثم يجد العامل شخصاً يتسول الطعام فيشترى له طعاماً، فيشكره ويبتسم الاثنان، ثم يجد المتسول شابة صغيرة وقد نسيت تليفونها وبدأت تتحرك، فيجرى إليها ليعطيها تليفونها، فتشكره ويبتسم الاثنان، ثم تجد الشابة امرأة عجوزاً تجلس وحيدة باكية فى مطعم، فتشترى لها ورداً ثم تعطيه لها، فتشكرها، وتبتسم الاثنتان، ثم تترك المرأة الوحيدة مقابلاً كبيراً كبقشيش للعاملة فى المطعم الذى كانت فيه، فتشكرها وتبتسم الاثنتان، ثم تتحرك عاملة المطعم بسرعة ومعها كوب من الماء فى اتجاه نفس الشخص الذى كان يساعد الطفل الذى وقع من الدراجة، اسم الفيلم «life vest» أو طوق النجاة.

ومكانه على اليوتيوب: https: //www.youtube.com/watch?v=Fb7w2Mbce6M، موسيقى الفيلم تحفة، والفيلم مصور بكاميرا واحدة، وينطق بأسمى معانى الإنسانية.

حتى يجتمع البرلمان المقبل وينتهى من مناقشة القضايا المختلفة موضع التشريعات السابقة والحالية والملحة، قد نكون وصلنا إلى نقطة اللاعودة، لذا أضع أمام الرئاسة الاقتراح الموجود فى عنوان المقال. لن تكون هناك مصر جديدة إلا بإنسان مصرى جديد، ولن يكون هناك إنسان مصرى جديد إلا بإعلام جديد. بس خلاص.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل يعين «السيسي» مجلساً مؤقتاً للإعلام هل يعين «السيسي» مجلساً مؤقتاً للإعلام



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon