الصراع العربي على ليبيا

الصراع العربي على ليبيا

الصراع العربي على ليبيا

 لبنان اليوم -

الصراع العربي على ليبيا

معتز بالله عبد الفتاح

«كيف يقرأنا الآخرون؟» مسألة مهمة، و«ما الذى يروجونه عنا؟» مسألة لا تقل أهمية.

الصراع فى ليبيا، وفقاً للكثير من المصادر الأجنبية، أصبح صراعاً على ليبيا بين معسكرين، أحدهما تقوده الإمارات، والآخر تقوده قطر. قرأت هذا فى العديد من المقالات الأجنبية، وكأنها حملة منظمة كى يغسل فيها الغرب يده مما يحدث فى ليبيا.

على سبيل المثال، كتب كل من جورجيو كافييرو، ودانيال واجنر، مقالاً نشرته مجلة «ناشيونال إنترست» تحت عنوان: «كيف تسببت خصومات الخليج العربى فى تمزيق ليبيا؟»، قالا فى مستهله إنه عندما سقط نظام معمر القذافى عام 2011، سرعان ما تبددت السلطة المركزية وسقطت ليبيا فى غياهب الفوضى. ورسخ عدد كبير من الجماعات المسلحة سيطرتها على مناطق عدة من البلاد الغنية بالنفط دون وجود سلطة مركزية فعالة قوية بما يكفى لبسط سيطرتها على البلد بأكمله. ومنذ ذلك الحين، أصبحت ليبيا ساحة معركة لقوى خارجية ذات مصالح متنافسة ورؤى متضاربة، وبعد عدة أسابيع من الخسارة فى انتخابات يوليو 2014، استولى الائتلاف الذى تقوده جماعة الإخوان المسلمين «فجر ليبيا» على العاصمة طرابلس وأنشأ إدارة جديدة (المؤتمر الوطنى العام)، ما أجبر الحكومة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة للانتقال إلى طبرق. وعلى الرغم من جهود الأمم المتحدة للتوسط فى اتفاق سلام، لا تزال القوات الموالية للحكومات فى كل من طبرق وطرابلس فى صراع. وأسهمت حقيقة أن كلا الطرفين يتلقى دعماً خارجياً فى إطالة أمد وتصعيد حدة المشكلات المتعددة التى تؤرق البلاد.

وبرزت اثنتان من دول الخليج العربى قامتا بدور محورى فى الانتفاضة الليبية من حيث مساندة الثوار المناهضين للقذافى، هما الإمارات العربية المتحدة وقطر، كخصمين فى هذا الصراع الجيوسياسى الأوسع نطاقاً. إذ تدعم دولة الإمارات العربية المتحدة، بجانب روسيا ومصر، حكومة طبرق، بينما تؤيد قطر، بجانب تركيا والسودان، الحكومة التى يقودها الإسلاميون فى طرابلس.

ويرى الكاتبان أن الحرب الجارية بالوكالة بين «أبوظبى» و«الدوحة» فى ليبيا تعكس انقساماً داخل مجلس التعاون الخليجى يؤثر على نحو كبير فى تشكيل النظام السياسى فى مرحلة ما بعد «القذافى». وينطوى التنافس الإماراتى - القطرى فى ليبيا على قضايا سياسية حساسة بالنسبة لملوك وأمراء الخليج، وعلى رأسها كيفية تعامل أعضاء مجلس التعاون مع صعود الحركات الإسلامية الشعبية، مثل جماعة الإخوان المسلمين. فمن ناحية، اتبعت دولة الإمارات على مدى سنوات سياسة خارجية مناهضة للإسلاميين، واستثمرت «أبوظبى» منذ عام 2011 موارد هائلة فى جهود لمواجهة جماعة الإخوان المسلمين، وعلى الأخص فى مصر وليبيا.

ومن ناحية أخرى، دعمت قطر فروع جماعة الإخوان فى مختلف أنحاء العالم العربى، واعتبرت هذه الفصائل كوسيلة من شأنها نشر نفوذ الدوحة وتعزيز نفوذها الجيوسياسى.

وتتبنى المملكة العربية السعودية موقفاً وسطياً: حيث إنها تتحالف مع دولة الإمارات فى مصر، ولكن فى سوريا، يعمل السعوديون مع الدوحة لدعم الثوار الإسلاميين السنة الراغبين فى الإطاحة بنظام بشار الأسد.

واتضح مدى التزام دولة الإمارات العربية المتحدة بمواجهة الجماعات الإسلامية فى ليبيا فى أغسطس 2014، عندما نفذ الطيارون الإماراتيون ضربات ضد متشددين إسلاميين يحاولون السيطرة على طرابلس. ورغم فشل هذه الضربات فى منع ائتلاف فجر ليبيا من الاستيلاء على العاصمة، شكلت العملية العسكرية نقطة تحول فى السياسة الخارجية الإماراتية، إذ كانت هذه هى المرة الأولى التى يشن فيها الجيش الإماراتى ضربات ضد دولة أجنبية دون تفويض دولى.

وفى حالة تعذر التسوية، ستستمر الحرب بالوكالة فى ليبيا لفترة طويلة، ستعانى خلالها الدول المجاورة من تداعيات مزعزعة للاستقرار. ويختتم الكاتبان المقال بالإشارة إلى أن دولتى الإمارات وقطر تمتلكان فرصة لتشكيل مستقبل ليبيا على نحو إيجابى، والسؤال الذى يطرحه الكاتبان هو هل ستغتنمان هذه الفرصة أم ستواصلان التنافس بالوكالة فى ليبيا؟

هذا مثال على محاولة الغرب غسل يده من ليبيا وتصوير المسألة على أنها تنافس إقليمى بين الدول العربية، ولكن ماذا نحن فاعلون؟

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصراع العربي على ليبيا الصراع العربي على ليبيا



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon