معركة الروح المعنوية للمصريين

معركة الروح المعنوية للمصريين

معركة الروح المعنوية للمصريين

 لبنان اليوم -

معركة الروح المعنوية للمصريين

معتز بالله عبد الفتاح

تساءلت فى مقال سابق: لماذا يخلع جندى زيه العسكرى ويسلم سلاحه ويترك موقعه فى مواجهة هجمة من أعدائه عليه؟ ولماذا يذهب جندى آخر إلى ساحة المعركة، وهو يعلم أن زملاء له قد ماتوا فى نفس هذا المكان؟

واحد من العوامل التى تساعد على فهم هذه الظاهرة هو مناعة الجنود ضد العمليات النفسية التى يشنها الطرف الآخر، بل إن الأمر يتخطى حدود المعركة العسكرية ليشمل تأثير العمليات النفسية على استقرار المجتمعات وتماسك نسيجه الوطنى وثقة المواطنين فى مؤسسات الدولة واحترامهم والتزامهم بقوانينها وقراراتها.

«العمليات النفسية»، أو (psychological operations) هى: «استخدام أساليب إدارة المعلومات المغلوطة والأفكار المنتقاة والصور المشوهة، والأكاذيب المحبوكة، لخداع وتحريض وتوجيه وإثارة الجماعات المستهدفة (من مدنيين وعسكريين) لتبنى سلوك معين يتعارض مع مصالحها، مستفيدة من: أخطاء القيادات، وجهل الشعوب، والعملاء الانتهازيين».

بهذا التعريف، فإن العمليات النفسية قديمة قدم الصراع الإنسانى.

ولهذا لا تضن علينا الكتب والمراجع بعشرات الحوادث والمقولات التى تؤكد أن صراع البشر من قديم الزمان استخدم كافة أساليب العمليات النفسية التى كانت متاحة.

قال الله تعالى فى سورة التوبة: «لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالاً وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ». والإشارة هنا لمرسلى رسالة الفتنة وهم المنافقون، وللرسالة الاتصالية التى هى الفتنة والخبال أى الضعف، ولخصائص المستمعين ممن لديهم نزعة للتأثر برسائل الفتنة «وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ». وتعد هذه إشارة مباشرة إلى معنى العمليات النفسية.

كما قال صن تسو، صاحب أقدم كتب الاستراتيجية العسكرية، من أكثر من 2500 سنة: «استسلام جيش العدو لك أفضل من تدميرك له. استسلام فرقة من فرق الجيش لك أفضل من تدميرك لها. بل إن الانتصار المادى فى مائة معركة ليس التميز الأعلى، بل إن التميز، قمة التميز، هو أن تنتصر على عدوك وتخضعه دون قتال أو نقطة دم واحدة، لذا فإن التحدى الحقيقى ليس أن تدمر جيش عدوك، ولكن أن تدمر رغبته فى الاشتباك».

يضيف نابليون بونابرت بعداً آخر لا يقل أهمية للعمليات النفسية بقوله: «فى العالم قوتان: قوة السيف وقوة العقل. على المدى الطويل، السيف دائماً ما يُهزم من العقل». وقال كذلك: «فى الحروب، تأثير الحالة المعنوية للجنود مقارنة بأهمية عددهم وعتادهم هو ثلاثة إلى واحد».

وبشهادة من هُزموا فى الحروب كذلك، جاءت تعليقات بعضهم من قبيل:

قول الجنرال Eric Von Ludendorf، أحد قادة الجيش الألمانى فى الحرب العالمية الأولى التى هُزمت فيها ألمانيا: «لقد كنا أشبه بفاقدى السيطرة أو الحيلة نتيجة بروباجندا العدو مثلما يصاب الأرنب بالشلل فى مواجهة الثعبان».

وعلى نفس النهج كتب Fieldmarshall Hindenberg، أحد قادة الجيش الألمانى فى نفس الحرب: «لقد هاجمنا الإنجليز بوابل من القنابل لتدمير أجسادنا. ولكنهم كذلك هاجمونا بوابل من أوراق الدعاية لتدمير أرواحنا». وحين فسر هتلر أسباب هزيمة الجيش الألمانى فى الحرب العالمية الأولى قال: «لقد تعلم جنودنا كيف يفكرون تحديداً بالطريقة التى أرادها لهم العدو، لذا كانت الهزيمة». بل إن استخدام العمليات النفسية لم يعد فقط مرتبطاً بالحروب ولكن كذلك باستقرار المجتمعات.

قال الرئيس الأمريكى، إبراهام لينكولن: «الروح المعنوية هى كل شىء. بالروح المعنوية العالية، لا شعب يمكن أن يفشل. ودونها، لا شعب يمكن أن ينجح. إن الذى يصنع العقول أقوى من هذا الذى يصيغ القوانين». قال جنرال ماك آرثر، قائد القوات الأمريكية أثناء الحرب العالمية الثانية فى اليابان وكوريا: «فى الظروف الحالية، لا يمكن لقائد أن يشن حرباً ناجحة دون دعم الرأى العام الذى يتشكل بما يُكتب فى الصحف وأساليب الاتصال والدعاية الأخرى، إن وظيفتك الأولى، كى تسيطر على عقول الناس، أن تصنع مصداقيتك عندهم». وقال شكسبير: «عقول العامة فى آذانهم». وبالتالى من يسيطر على آذانهم يسيطر على عقولهم، وبالتالى على سلوكهم.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معركة الروح المعنوية للمصريين معركة الروح المعنوية للمصريين



GMT 19:34 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 19:30 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 19:28 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 19:22 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 19:19 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 19:17 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 19:14 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

GMT 18:02 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان - لبنان اليوم

GMT 07:17 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
 لبنان اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 17:56 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
 لبنان اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 17:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
 لبنان اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
 لبنان اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 08:54 2022 الخميس ,02 حزيران / يونيو

جينيسيس تكشف عن G70" Shooting Brake" رسمياً

GMT 19:19 2021 الجمعة ,17 كانون الأول / ديسمبر

موضة حقائب بدرجات اللون البني الدافئة

GMT 21:00 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أملاح يلتحق بمعسكر المنتخب ويعرض إصابته على الطاقم الطبي

GMT 21:13 2023 الخميس ,13 إبريل / نيسان

موضة الأحذية في فصل ربيع 2023

GMT 18:07 2022 الأربعاء ,01 حزيران / يونيو

ساعات أنيقة باللون الأزرق الداكن

GMT 21:12 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

آخر صيحات الصيف للنظارات الشمسية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon