بقلم: أسامة غريب
عندما اشتدت آلام فقرات العنق وبدأت الذراع اليسرى تضعف مع تنميل دائم بالأصابع وكف اليد فإننى توجهت إلى طبيب واثنين وثلاثة ثم توقفت بعد الطبيب الخامس. ثلاثة منهم أساتذة مخ وأعصاب واثنان أستاذا عظام. الأول نظر في صور الأشعة والرنين المغناطيسى ثم قام بالتصفير بفمه دلالة على الانزعاج وقال: لا بد من إجراء الجراحة فورا، وقد ذكرتنى طريقته بعبدالسلام النابلسى حين قال للمرأة: انتى ماتستنّيش لبكرة! وقد أخبرنى سيادته أن من حُسن حظى وجود خبير أجنبى لديهم سيشرف على العملية.. عرفت بعد ذلك أنهم يأتون بالخبير الأجنبى من أجل استدراج الزبائن، وأن الطبيب المصرى هو الذي يقوم بالجراحة بعد مضاعفة التكاليف لوجود الخبير في الأنحاء!. الطبيب الثانى كان أكثر حصافة فقد أكد أن العملية ليست أول الحلول، لكن في البداية نأخذ كورس دواء.. ومن الطبيعى أنه عند الاستشارة قال بأسف: لقد جربنا العلاج والآن لا مفر من العملية!. الثالث والرابع والخامس كانوا تنويعات على الأول والثانى. لم تكن المشكلة هي خوفى من الجراحة، لكنها كانت في عدم ثقتى في أن الجراحة واجبة ولا بديل عنها.
أنا فعلا متعاطف مع هؤلاء جميعا وأشعر بوجوب الوقوف معهم وتأييد طموحهم وتطلعهم لحياة أرحب وأيام أطعم وأوقات أسعد، لكنى أرغب في أن يتم هذا كله بعيدًا عن فقرات عنقى، نعم بالله عليكم أوجدوا حلولا لمشكلاتكم بمعزل عن غضاريفى، فليس عندى غيرها وهى من أهم أدواتى لأكل العيش!.
شددت الرحال إلى بلاد برة لأستمع إلى آراء أطباء ليسوا بالضرورة خيرا من الطبيب المصرى، لكنهم يختلفون عنه في غياب الرغبة الجامحة في سحب أي مريض لغرفة العمليات، ومعروف أن هذه الرغبة إذا ثارت فإنها لا تخمد إلا بعد تحقيق الهدف ونيل المراد!. وهناك في بلاد برة استمعت للمرة الأولى إلى رأى طبى يقول: لا توجد ضرورة الآن لإجراء الجراحة.. نعم الصور توضح الانزلاق الغضروفى لكن طالما أن الذراع مازالت محتفظة بقدر معقول من العزم، وطالما أن الألم ليس فظيعا فإنه من غير الحكمة أن نتسرع بإجراء العملية، لأن الجراحة قد تدخلنا في تعقيدات مازلنا في غنى عنها، ومن المستحسن أخذ جلسات علاج طبيعى يكون من شأنها تقوية العضلات وبعدها يكون الشعور بالتحسن ملموسا.