«الخــط المـصــري» في المعارضة السورية

«الخــط المـصــري» في المعارضة السورية

«الخــط المـصــري» في المعارضة السورية

 لبنان اليوم -

«الخــط المـصــري» في المعارضة السورية

عريب الرنتاوي

لم ينجح مؤتمر المعارضة الوطنية السورية الذي أنهى أعماله مؤخراً في القاهرة، في تفادي “لعبة المحاور والمعسكرات المتقابلة” في الإقليم ... بدا واضحاً أن استثناء جماعة الإخوان المسلمين السوريين، إنما جاء استجابة لرغبة مصرية بالأساس، وفي محاولة لتحجيم “الأذرع” التركية والقطرية المتغلغلة في ائتلاف إسطنبول ومجلسه الوطني على نحو خاص. المؤتمر ضم “أفضل” من نعرف من رموز المعارضة السورية وكياناتها، غالبية الحضور يصنفون من دون كبير عناء بأنهم من السوريين المستقلين وأصحاب الأجندات الوطنية ... المؤتمر، وربما أيضاً بتأثير من الدولة المضيفة، حاول جهده إشراك رموز من المعارضة محسوبة على الخط السعودي، فالقاهرة تحاول النأي بالمعارضة السورية عن الدوحة وأنقرة، ولكنها لا تفعل ذلك حين يتعلق بحليفتها السعودية، المانح الأكبر للاقتصاد المصري المريض، والداعم الرئيس للنظام . المؤتمر خرج بنتائج إيجابية في الغالب، تحدث عن الحل السياسي بوصفه الطريق الوحيد للخروج من الاستعصاء السوري، رسم خريطة طريق لذلك، تبدأ بمجلس حكم انتقالي بصلاحيات كاملة، وحكومة مؤقتة ومجلس عسكري انتقالي لإعادة بناء وتأهيل المؤسسات الأمنية والعسكرية ... وعرض فكرة الحوار والتفاوض مع النظام، وهي فكرة جريئة، تحاول المعارضات السورية تفادي الحديث عنها علناً، خشية سقوطها في “بازار” المزايدات المناقصات الذي اشتهرت به. مصير الأسد، كانت نقطة خلافية في المؤتمر، التيار السعودي في المعارضة تحديداً، كان ذا صوت مرتفع بالمطالبة برحيل الأسد كمدخل وشرط مسبق لبدء عملية الانتقال السياسي بسوريا، معظم المشاركين، يشاطرون هذا التيار الرأي والمطلب، ولكن من دون جعله شرطاً مسبقاً للتفاوض، بل موضوعاً على مائدة البحث، وهدف تتوج به المفاوضات والحوارات مع النظام، وفي سياق خريطة طريق، ذات مدى زمني معقول نسبياً... المؤتمر في مبناه ومضمونه، جاء أقرب إلى الرؤية المصرية للأزمة السورية، ويمكن وصفه معظم المشاركين فيه، ومن دون إساءة لأحد، بأنهم يمثلون “الخط المصري” في المعارضة السورية. نقطة ضعف المؤتمر والمؤتمرون، أنه تعامل مع الإخوان المسلمين في سوريا، بوصفهم شراً مستطيراً ... حتى أنه قبل التفاوض مع النظام ولم يقبل الحوار مع الإخوان ... هذا لغم كبير، قد ينفجر في أية لحظة، وربما ينسف مساعي بناء توافقات وطنية عريضة، سواء بين قوى المعارضة المختلفة من جهة، أو بينها وبين قوى النظام من جهة ثانية ... ما كان للمؤتمرين في القاهرة، أن يرضخوا للحسابات المصرية، فالقاهرة في عهد السيسي، باتت محكومة بعقدة إخوانية حتى في سياساتها الخارجية، وهذا أمر لا يليق بمصر، ولا يخدم مصالحها في نهاية المطاف. الإصرار على إقصاء الإخوان المسلمين السوريين، يشبه إلى حد ما، الحديث عن “مصالحة وطنية فلسطينية” من دون حماس ... صحيح أنهم في سوريا لا يلعبون الدور الذي تضطلع به حماس في فلسطين، ولكن من يريد أن يواجه داعش والنصرة والإرهاب، وأن يبني سوريا التعددية، وأن يشق طريقاً توافقياً للانتقال السياسي، عليه ألا يكون إقصائياً، وألا يرضخ لحسابات من هذا النوع. انعقاد مؤتمر المعارضة الثاني في القاهرة، وبمشاركة عدد أكبر من القوى والشخصيات، وباحتضان مصري كثيف، وبمشاركة معارضين محسوبين على الرياض، يطرح أسئلة عديدة من نوع: ما الذي تبقى لمؤتمر الرياض المزمع عقده برعاية سعودية؟ ... هل سيكمل ما بدأه مؤتمر القاهرة، أم يعمل في حال انعقاده على تفريغ مقررات القاهرة من مضمونها ويضع المؤتمرين في سكة تصعيد سياسية وعسكرية تنسجم مع “النزعة الهجومية” التي تلوّن السياسة الخارجية السعودية مؤخراً؟ ... ما مصير “موسكو 3”، وهل ثمة من تنسيق من أي نوع بين القاهرة وحليفتها موسكو حول هذا الأمر، أم أن كل فريق يعمل بمفرده وربما في مواجهة الفريق الآخر؟ ... هل يمهد القاهرة لتوسيع مؤتمر موسكو وتعظيم المشاركة في أعماله، سيما وأن المؤتمرتين في العاصمة المصرية، قالوها علناً، بأنهم يريدون التفاوض مع النظام، فما المانع والحالة كهذه، من التحاقهم بـ “موسكو 3”؟ تقول القاهرة، ويقول المؤتمرون السوريون فيها، بأن مؤتمرهم لا يؤسس لحركة أو كيان بديلاً للائتلاف الوطني أو موازياً له، بدلالة أن عدداً من عناصر الائتلاف القيادية شاركت فيه بصفتها الشخصية، لكن هل يعقل أن تنتهي كل هذه الجهود وكل هذه التوافقات، بمجرد انتهاء الاجتماعات وعودة المشاركين إلى العواصم التي توافدوا منها؟ ... كيف سيتصرف أعضاء الائتلاف الذين شاركوا في مؤتمر القاهرة حيال القضايا الخلافية بين طروحات الائتلاف الأعلى سقفاً وطروحات المؤتمر الأكثر تواضعاً؟ وأخيراً، ما الذي ستكون عليه مواقف النظام من نتائج مؤتمر القاهرة؟ ... هل يعتبرها مدخلاً لحوار وطني سوري عريض، حتى وإن كانت لديه تحفظات على بعض مضامينها أو حتى رفضاً لكثير منها، أم أنه سيختار التنديد بما حصل باعتباره جهداً غير منسق مع دمشق، ولا يستحق النقاش والتعليق ولا يساوي الحبر الذي كتب فيه؟ لو كنت في موقع الناصح للنظام في دمشق، لطلبت إلى الوزير وليد المعلم أن يبادر للاتصال بنظيريه المصري والروسي، طالباً إليهما تنسيق مائدة حوار مفتوح، ومن دون شروط مسبقة مع كل من حضر إلى القاهرة وشارك في مؤتمرها، وساعتئذ لتطرح كافة المواضيع على بساط البحث، بما فيها مصير الأسد وشروط الانتقال السياسي والمرحلة الانتقالية وغيرها، وأن يطلب إليهما تنسيق جهد إقليمي مشترك، تنخرط فيه إيران والسعودية كذلك، والدول الخمس دائمة العضوية، من أجل رعاية هذا الحوار وضمان نتائجه وتوفير شبكة أمان للمتحاورين ... لا مكان للغطرسة والإملاءات والاستعلاء من أي فريق من الأفرقاء السوريين، فالوقت من دم وخراب، ولا منتصر في هذه الحرب العبثية المدمرة... فالمنتصر فيها، مهزوم، مهزوم، مهزوم.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الخــط المـصــري» في المعارضة السورية «الخــط المـصــري» في المعارضة السورية



GMT 19:34 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 19:30 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 19:28 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 19:22 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 19:19 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 19:17 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 19:14 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

GMT 18:02 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان - لبنان اليوم

GMT 11:50 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
 لبنان اليوم - أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة

GMT 22:38 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 22:12 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الجدي الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 21:05 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 09:06 2022 الأربعاء ,01 حزيران / يونيو

أفكار لتجديد حقيبة مكياجكِ وروتين العناية ببشرتكِ

GMT 09:33 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 12:53 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

67 كتاباً جديداً ضمن "المشروع الوطني للترجمة" في سورية

GMT 22:38 2023 الإثنين ,06 آذار/ مارس

مجوهرات أساسية يجب أن تمتلكها كل امرأة

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تعلن أول حالة إصابة مؤكدة لسلالة جدري القرود
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon