«الندّ الإيراني الذكي» ماذا عن العرب

«الندّ الإيراني الذكي» ...ماذا عن العرب؟!

«الندّ الإيراني الذكي» ...ماذا عن العرب؟!

 لبنان اليوم -

«الندّ الإيراني الذكي» ماذا عن العرب

عريب الرنتاوي

استيقظ الرئيس الأمريكي باكراً صباح أمس، وأيقظ معه نائبه جو بايدن، فالمناسبة لا تحتمل الغرق في النوم، ولا ممارسة طقوس التكاسل ... لم تكن عقارب الساعة قد بلغت السابعة تماماً، حتى كان ونائبه، في كامل التأهب للإدلاء بأول تعليق على “اتفاق فيينا النووي” ... رئيس الدولة الأعظم، ضبط ساعته على توقيت العاصمة النمساوية، وكذا فعل رئيس الدولة الإقليمية الأكبر: الشيخ حسن روحاني.

من استمع لكل من الرئيسين، وهما يستعرضان “إنجازات” وفديهما في فيينا، ظنّ للوهلة الأولى، أن أحدهما قد ألحق هزيمة نكراء بالآخر ... كل واحد منهما، وجد في الاتفاق ما اعتبره نصراً مبيناً له، وتلبيةً كاملةً لشروطه، كل فريق وصف الاتفاق بـ “التاريخي” و”الجيد”، من دون أن يغفل عن ذكر: “أن هذا هو الاتفاق الذي أردناه بالضبط”... الرجلان كانا بخطابيهما، يتوجهان للداخل، لخصوم الاتفاق القابعين بين ظهرانيهما ... أوباما يتطلع لنقاشات حامية في الكونغرس ملوحاً بالفيتو محذراً من “البدائل الكارثية” للاتفاق، ومشدداً على أنه “اتفاق العالم مع إيران” وليس مع واشنطن وحدها ... روحاني، كان يحذر خصومه من مغبة اللجوء إلى الكذب والافتراء لتوجيه طعنة نجلاء لآمال الإيرانيين وتطلعاتهم وفرحتهم بازدهار قريب.

الخلاصة الجوهرية التي يخرج بها المستمع لما قاله الرجلان، تفضي إلى الاستنتاج بان “اتفاق فيينا”، سمح لكل منهما، بتقديم ما يخصه من مكاسب وإنجازات، وفر لكل واحد منهما، “البضاعة” التي يحتاجها لتمرير الاتفاق في مراحله التالية، وضمان النجاح في حملة تسويغه وتسويقه ... ولهذا وُصِفَ الاتفاق بأنه “اتفاق رابح – رابح”، وهي العبارة التي طالما كررها الوزير محمد جواد ظريف، والذي كان أكثر واقعية في توصيف ما حصل، حين قال أن الاتفاق ليس الأفضل لكل فريق من الأفرقاء، بيد أنه ضمن لكل فريق، الحد الأدنى مما أراده وتطلع إليه.

الجملة الأهم في خطاب أوباماً، قوله إن “إيران كانت ندّاً ذكياً” ... ربما هذا ما سعت إيران إلى تجسيده طوال اثنتي عشرة سنة من عمر الأزمة “النووية” وقرابة العامين من المفاوضات الشاقة والمريرة، جلس خلالها وزيرٌ واحدٌ (ظريف) في مواجهة سبعة وزراء خارجية، يمثلون القوى الأعظم في العالم ... إنه درس في التفاوض، لا يمكنك أن تتعلمه من كتاب “المفاوضات حياة” الأشهر... إنه الفرق بين دولة تعرف ما تريد، وتصبر على تحقيق ما تريد، وبين مفاوض عربي وفلسطيني، راوح أداؤه ما بين “الهرولة” و”الاستجداء”، أو “التوسل” و”التسول” وفقاً لتعبير الوزير القطري الإشكالي في مواقفه ونواياه و”مرابط خيوله”.

أظهرت إيران “ندّية” مُلهِمة في مفاوضاتها النووية مع “المجتمع الدولي” بأسره ... لا أدري مدى شهدت البشرية مفاوضات من هذا النوع ... لا أدري أيهما أصعب على واشنطن، المفاوضات أدارها جون كيري مع وفد طهران برئاسة محمد جواد ظريف حول برنامج الأخيرة النووي، أم المفاوضات التي قادها هنري كيسنجر مع وفد هانوي برئاسة لي دوك تو قبل أربعين عاماً لوضع حد للحرب الأمريكية على فيتنام؟ ... المؤكد أنها مفاوضات لا يوجد نظير لها من حيث الصبر والمواظبة والصلابة والمهارة والدهاء، في تجاربنا التفاوضية العربية، سواء مع أنفسنا، وبالأخص مع خصومنا.

وأظهر المفاوض الإيراني “ذكاءً” لفت أنظار الرئيس أوباما ... ذكاء لم يتوفر لخصوم طهران في العالم العربي، الذين غرقوا لسنوات وعقود في معاركهم وحروبهم الجانبية، وتركوا بلدانهم ومجتمعاتهم نهباً لفراغ ملأته قوى إقليمية وحركات أصولية متشددة ... وحين قرروا “انتزاع زمام المبادرة”، غرقوا في مستنقعات اليمن وجباله الجرداء، في حرب عبثية، لا طائل من ورائها، ولا أهداف نبيلة ترتجى بنتيجتها.

باستثناء إسرائيل والسعودية، فقد تنفس العالم الصعداء بعد اتفاق فيينا ... حتى الوزير الفرنسي، الذي لعب دور “الشريك المشاكس”، المنافح عن مطالب و”هواجس” زبائن بلاده المدججين بمليارات الدولارات المرصودة لشراء الأسلحة والمفاعلات النووية، عاد للتعبير عن أمله، بأن “حصة شركات بلاده” محفوظة في السوق الإيرانية ... نسي الوزير قضايا السلم العالمي ومنع الانتشار وحقوق الانسان والديمقراطية ... فكل ما يقلقه، ألا تتسبب مناوراته ومشاكساته، في إضعاف حصة “الشركات الفرنسية” في السوق الإيرانية؟!

مفاوضات الأشهر الـ “23” الفائتة، تستحق أن تُدَرّس في علوم السياسة والدبلوماسية والتفاوض، والمأمول أن يكون الجانب العربي، قد تلقى درساً قد يسعفه ذات يوم، وهو الذي اعتاد أن يخرج من جولة مفاوضات، بعروض أقل من الجولة التي سبقتها، في مسلسل لا تحصى حلقاته، حافل بالتنازلات والتفريط، من لاءات الخرطوم الثلاثة، إلى “دويلة غزة زائد”؟! -

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الندّ الإيراني الذكي» ماذا عن العرب «الندّ الإيراني الذكي» ماذا عن العرب



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon