«ضابط الإيقاع» الروسي

«ضابط الإيقاع» الروسي

«ضابط الإيقاع» الروسي

 لبنان اليوم -

«ضابط الإيقاع» الروسي

عريب الرنتاوي

يرسم التدخل العسكري الروسي في سوريا، سقوفاً لأدوار دول الإقليم “المتورطة” في الأزمة، ويضع قيوداً لا يمكن إنكارها، على “هوامش” الحركة والمناورة التي طالما تمتعت بها هذه الأطراف طوال السنوات الخمس الفائتة، والمؤكد أن موسكو ستعلب من الآن وصاعداً، دور “ضابط إيقاع” الأحداث والتطورات في سوريا،وحتى إشعار آخر.
إسرائيل أدركت هذه الحقيقة، فبادر رئيس حكومتها بزيارة إلى موسكو، يعرض هموم “نظرية الأمن الإسرائيلية” ومخاوفها... بوتين تفهم حديث نتنياهو لكنه لم يأخذ به، وهو القادر على التمييز بين ما هو “واقعي” في مخاوف الرجل و”النظرية” من جهة، وما هو مبالغ فيه من جهة أخرى، ويندرج في إطار الابتزاز والبحث عن المكاسب بين الخرائب والأنقاض السورية.
إسرائيل باتت تدرك أن ثمة حدوداً لقدرتها على “العربدة” في الأجواء السورية، وضرب أي هدف تريد في أي وقت تريد، ودائما بذريعة محاربة الإرهاب أو لتعطيل برامج الأسد للدمار الشامل ... إسرائيل لن تكون مطلقة اليدين بعد اليوم، والأرجح أن حدود تدخلها لن تتخطى المناطق الحدودية، وفي حالات الضرورة القصوى، ودائماً بالتنسيق مع روسيا، حتى لا يقع “الخطأ غير المقصود”.
ما الذي تريده إسرائيل أكثر مما أبلغ الرئيس الروسي به رئيس حكومتها؟ ... سوريا ليست بصدد فتح جبهة ثانية ضدها في الجولان المحتل، والسلاح الروسي للجيش السوري لن يذهب إلى أي طرف ثالث، وتنظيف سوريا من الإرهاب، مصلحة عليا لسوريا والإقليم والسلم العالمي ... إلى هنا، ليس لدى نتنياهو ما يرد به أو يعترض عليه.
تركيا بدورها، باتت على يقين بأنه يتعين مراجعة حساباتها وإعادة تقدير الموقف بمجمله... أردوغان لن يصلي في المسجد الأموي، ودمشق باتت أبعد ما يكون عن قبضة الأتراك وأعوانهم، والمنطقة الآمنة التي لم يوافق أحدٌ أنقرة على الشروع في إقامتها، باتت خلف ظهور السوريين والأتراك سوية، برغم الاستخدام الكثيف لورقتي “داعش” و”طوفان الهجرة” من أجل تسويقها وتسويغها ... تركيا تدرك أن توسع الدور الروسي في سوريا، سيكون بالتأكيد على حساب دورها الذي انتفخ وتعاظم بأكثر مما ينبغي... وسوف يواجه السلطان أردوغان، لحظة الحقيقة والاستحقاق عمّا قريب، إن صدقت الاستطلاعات التي تتحدث عن تآكل في شعبية حزبه، وبما لا يتيح له – ربما - الاحتفاظ بما حصل عليه في الانتخابات السابقة، وهو الذي راهن على “الاكتساح” في الانتخابات المبكرة بعد خمسة أسابيع.
إيران تقف في منزلة بين منزلتين ... فالتدخل الروسي يصب في خدمة حليفها السوري الذي استثمرت فيها الكثير من الجهد والمال والرجال، لكن كثافة الحضور الروسي في المعادلات السورية السياسية والميدانية، سيوفر للنظام في دمشق، هامش حركة ومناورة مع إيران، لن تعود دمشق، أسيرة مكبلة للحليف الإيراني ... ثم أن الأجندة الروسية في سوريا، تلتقي وتفترق عن الأجندة الإيرانية، توحدهما “داعش” والحرب على الإرهاب، وتفرقهما حكاية “المقاومة والممانعة”، ولعل حديث بوتين لنتنياهو عن عدم توفر نيّة لدى دمشق لفتح جبهة ثانية في الجولان، جاء محملاً بالرسائل لطهران والضاحية الجنوبية.
لن تظل إيران طليقة اليدين في سوريا، وهي وإن كانت “سعيدة” بشبكة الأمان الروسية للحليف الروسي، إلا أنها تدرك أن هذا الحليف، قد لا يظل على “انسجامه” مع أولوياتها وحساباتها، وأن سوريا المستقبلية، قد لا تخدم كامل منظومة الأهداف الإيرانية في سوريا ولبنان والمنطقة عموماً.
وفي الوقت الذي يبدو فيه، أن الحضور الروسي الكثيف في الأزمة السورية، قد جاء بما تشتهي سفن عمان والقاهرة وأبو ظبي، فإن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح، هو ما حقيقة الموقف السعودي من هذا التدخل والانتشار؟ ... وهل الصمت السعودي، ينم عن رضا وقبول ضمنيين، أو عن إغراق في الحساب والتحسب؟ ... لا شك أن الرياض، لاحظت أن “التقدم” الروسي في سوريا، قد يحمل في طيّاته ملامح “تراجع” في الدور والنفوذ الإيرانيين، ولكن هل ستبتلع الرياض حكاية بقاء الأسد في الحكم في المرحلة المقبلة؟ ... هل تتخلى عن تعهداتها لحلفائها بعدم القبول بأية تسوية أو ترتيب، لا يلحظ خروج الأسد من مستقبل سوريا ومعادلاتها؟
هل لاحظتم أننا لم نأت على ذكر قطر؟ ... يبدو أن مرحلة “الانتفاخ” و”التورم” في الأدوار القطرية قد تلاشت ... فالإمارة الصغيرة كانت نموذجا لـ “الحضور” النابع من “الغياب” ... وعندما عادت مصر والسعودية للعب دوريهما، بصرف النظر عن الوجهة والاتجاه، عادت للجميع أدوارهم وأحجامهم الطبيعية ... ولم تعد ثمة من حاجة لقراءة مستقلة للدور القطري في سوريا، بمعزلٍ أو بعيداً عن الدور التركي.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«ضابط الإيقاع» الروسي «ضابط الإيقاع» الروسي



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon