الأردن بين «اتهامين»

الأردن بين «اتهامين»

الأردن بين «اتهامين»

 لبنان اليوم -

الأردن بين «اتهامين»

عريب الرنتاوي

وزير الخارجية السوري وليد المعلم، أشار بأصبع الاتهام للأردن، والسبب أن عمان لم تغلق حدودها في وجه إدخال السلاح والمسلحين، في اتجاه واحد، صوب الجنوب السوري، في حين تستقبل عناصر الأمن الأردنية بالرصاص، المسلحين الذي يسلكون الطريق ذاته، ولكن في الاتجاه المعاكس.

في المقابل، توجه فصائل من المعارضة المسلحة في محافظة درعا، اتهامات لغرفة عمليات “الموك” لتخليها عن البلدات السورية (الشيخ مسكين وعتمان)، وإصدارها أوامر بالانسحاب أمام تقدم الجيش السوري، وعندما تتحدث هذه الفصائل أو غيرها عن “الموك”، فإن الأردن بالذات، يكون في صدارة قائمة المعنيين بالأمر ... وثمة حرب اتهامات صامتة ومعلنة بين هذه الفصائل، تشفُّ بعض معطياتها عن إحساس بالخذلان من تغير طرأ على الموقف الأردني حيال “الجبهة الجنوبية”، وتحديداً بعد التدخل العسكري الروسي في سوريا.

في مواجهة هذه الاتهامات المتقابلة، التي تصدر عن خندقين متحاربين في سوريا، يلتزم المسؤولون الأردنيون الصمت.... في أحسن الأحوال، هناك من يخرج مندداً بحملة الافتراءات السورية على الأردن، وهناك من يتحدث مؤكداً أن الأردن لا يتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى ... يبدو أن حكاية “أننا لا نتدخل” أصبحت “موضة إقليمية” سائدة، حتى أن هذه العبارة باتت تتردد على ألسنة قادة عرب وإقليميين، تصول جيوشهم واستخباراتهم وتجول في دول مجاورة، ومع ذلك هناك من يريدنا أن نصدق بأنهم لا يتدخلون.

باستثناء التصريحات الرسمية، وبعض ما يكتب من “أعمدة” اختصت بإعادة صياغة البيانات الرسمية، فإن ما من مرجع واحدٍ، حكومياً أو معارضاً، دبلوماسياً أو إعلامياً، سورياً وإقليمياً ودولياً، إلا وتحدث عن “دور ما” للأردن في جنوب سوريا ... دور يَحتَمل التسليح والتدريب، استقبال وإعادة إرسال المقاتلين من جماعات ما يسمى “المعارضة المعتدلة” في تلك المنطقة ... لكن إذا كان أصحاب “الجيوش المرسلة” ينفون التورط في الشؤون الداخلية لبلدان مجاورة، فمن حق الحكومة الأردنية أن تلتزم الصمت أو تكرر نفيها لأي شكل من أشكال التدخل في الشأن السوري. مع أن “الحراك الأردني” في الجنوب السوري، ظل على امتداد السنوات الأربع أو الخمس الفائتة، محكوماً باستراتيجية وقائية واستباقية، لم تتخط الجنوب إلى “صلب” الأزمة السورية وجوهرها، وقد تأسس هذا “الحراك” على الحاجة لـ “ملء الفراغ” الناجم عن انكماش دور الدولة السورية وانسحاب مؤسساتها، لصالح خليط غير متجانس من القوى والفصائل المسلحة، ولقد تمكن الأردن، من الحفاظ على “حدود هذا الحراك ومحدداته” بالرغم من الضغوط التي تعرض إليها من أكبر حليفين له: الولايات المتحدة دولياً، والسعودية إقليمياً.

ولا شك أن تغييراً قد طرأ على المقاربة الأردنية لملف الجنوب السوري، وبالأخص بعد التدخل العسكري الروسي في الأزمة السورية، ومن على قاعدة “تفاهمات” أردنية روسية، تكفل الحد الأدنى من المصالح الأردنية، حتى أن التقارير المتواترة منذ عدة أشهر، تحدثت عن تفكيك أو تآكل غرفة “الموك”، وعن انحسار منسوب الدعم الأردني، أو بالأحرى، الدعم الدولي الذي يمر عبر الأردن، للفصائل المسلحة.

ومع تغير قواعد اللعبة في سوريا بعد التدخل الروسي، فإن من المنطقي الافتراض، أن الأردن يميل للتعامل مع قوة عالمية صديقة ومسؤولة على حدوده الشمالية، على مواجهة احتمالات انتشار جماعات “غير مرغوبة” على امتداد حدوده ومعابره، كمنظمات السلفية الجهادية والحرس الثوري الإيراني وحزب الله... وبهذا المعنى، فإن وصول الجيش النظامي السوري إلى خطوط الحدود والمعابر، لا ينبغي النظر إليه بوصفه تهديداً لأمن الأردن واستقراره ومصالحه.

اليوم، ومع تتالي الإعلانات الخليجية المعبرة عن الاستعداد للانخراط في قوة برية للقتال في سوريا ، فإن من المتوقع أن يطرأ تغيير نوعي على “قواعد اللعبة” على الجبهة الشمالية للأردن ... ولا شك أن أطرافاً إقليمية – وربما دولية- ستكون لها مصلحة جوهرية في إبقاء جبهة الجنوب السوري مفتوحة، ومنع “الحسم العسكري” على محاور السويداء – درعا – القنيطرة، وقد يتعرض الأردن لضغوط كثيفة من بعض حلفائه، لا للمشاركة الميدانية في “التحالف الإسلامي ضد داعش” فحسب، بل وربما لفتح حدوده أمام هذه القوات، التي لن يعود يفصلها عن دمشق، سوى 90 كيلومتراً، إذا ما أعطى الأردن الضوء الأخضر، لتحويل أراضيه وحدوده، منطلقاً للهجوم البري الذي تزايدت احتمالاته بعد الكشف عن “المقترح السعودي”.

هل للأردن مصلحة في الانضمام “برياً” لهذا التحالف؟ ... وهل يتحول شمال الأردن/ جنوب سوريا، إلى منصة من منصتين لهذا الهجوم، على الاعتبار أن الحدود التركية السورية، هي المنصة الأكثر ترجيحاً والأكثر جاهزية، لاستقبال أي عمل عسكري بري، ظاهرة لحرب داعش، وباطنه لتصفية الحسابات في حروب المحاور والطوائف والأدوار في المنطقة ... غداً سنتحدث عن هذه المسألة. -

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأردن بين «اتهامين» الأردن بين «اتهامين»



GMT 00:45 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الأسد لا يُريد دستورا جديدا!

GMT 04:48 2017 الأربعاء ,10 أيار / مايو

رسائل دمشق لعمان

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon