البغدادي رجل العام 2014

البغدادي رجل العام 2014!!

البغدادي رجل العام 2014!!

 لبنان اليوم -

البغدادي رجل العام 2014

عريب الرنتاوي

يستحق أبو بكر البغدادي بجدارة لقب “رجل العام 2014”، أقله من وجه نظر كاتب هذه السطور ... فقد أحدث تأثيراً في الإقليم وعلى المسرح الدولي، لم يحدثه أحدٌ مثله، وأسهم في إعادة رسم التوجهات والأولويات والتحالفات، كما لم يفعل أحدٌ آخر، وتسبب في سقوط أعداد من الضحايا من قتلى ومصابين ولاجئين ونازحين، لم يصل إليه أحدٌ آخر ... وأثار من الجدل والنقاش، الخلاف والاختلاف، كما لم يثره أحدٌ من شخصيات الإقليم والعالم، خلال العام الذي نودّع ... لكل هذه الأسباب، أصوت للبغدادي رجلاً للعام الفارط.
ابراهيم بن عواد بن ابراهيم بن علي بن محمد البدري القرشي الهاشمي الحسيني نسباً، السامرائي مولداً ومنشأ، البغدادي طلباً للعلم وسكناً، كما يقول عنه الناطق باسمه أبو محمد العدناني، نجح في تكسير حدود سايكس – بيكو بعد مائة عام من ترسيمها، وأقام دولة على مساحة تمتد لأكثر من ثلث العراق وثلث سوريا، وأعلن “الخلافة” متجاوزاً تردد المترددين، قهر أو كاد يقهر أربعة جيوش حتى الآن، بعد أن حاربها ثلاث في دول: لبنان وسوريا والعراق إلى جانب البيشمركة، وعلى عشرات الجبهات المفتوحة بالتوازي والتزامن.
استدعى وجوده، تشكيل ائتلاف كوني من أربعين دولة، لم يتوقف منذ تموز / يوليو الماضي، عن شن الهجمات الجوية المنسقة ضد قواته، وبمشاركة مروحة واسعة من الدول، وأحدث أسلحة الطيران والتوجيه والتحكم، وأكثر الصواريخ ذكاء وفتكاً ... لكن الرجل لم يتوقف عن التقدم، وما زل يخوض معارك كر وفر، يتراجع هنا ليفتح جبهة هناك، يتجمد هنا ليباغتنا جميعاً هناك ... والأهم من كل هذا وذاك، أن طاقة الرجل والتنظيم و”الدولة” على إدهاشنا ومفاجأتنا، لم تنضب بعد، وثمة ما يشي بقرب انفتاح جبهات قتال جديدة، والتحاق مزيد من الأراضي بأرض “الخليفة” ... راقبوا جيداً ما يجري على جبهات جنوب سوريا وغربها، في درعا وجوارها والقلمون وجرودها، وصولاً إلى عرسال، وربما إلى “ما وراء ما وراء عرسال”.
تمدد “دولة الخلافة” في الجغرافيا، غير مشروط بوصول رجالاتها وآلياتهم إلى مناطق جديدة ... “البيعة” على السمع والطاعة، تضيف إلى دولة الخلافة أقاليم جديدة، من دون أن تضطر إلى إطلاق رصاصة واحدة ... في سيناء، للخليفة موطئ قدم، وفي نيجريا والكاميرون، له جنود وأتباع ومناطق نفوذ وجغرافيا إسلامية ... في اليمن لا يختلف الوضع، وصولاً للباكستان وبعض أطراف أفغانستان، مروراً بمالي ومناطق القبائل مع الجزائر وجبال الشعانبي في تونس، دع عنك ليبيا إلى تنخرط فيها الدولة عبر مسمياتها المحلية، في حرب “داعش والغبراء”.
صعود الدولة، أدى إلى انقلاب في المواقع والمواقف، وضع إيران في خندق واحد مع الولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب، وأعاد ترتيب أولويات الغرب والإدارة الأمريكية حيال سوريا، ليصبح “رأس البغدادي” لا “رأس الأسد” هو المطلوب قطافه، اليوم وليس غداً، وبأي ثمن، حتى وإن كره الحلفاء في أنقرة وعواصم النفط والغاز ... بزوغ فجر الخلافة من الرقة وإعلانها من على منبر في الموصل ايقظ الدب الروسي من سباته الشرق أوسطي الطويل، وحرك التنين الصين من ركوده المديد، فشرارات البغدادي ستصيب هذه الدول ومجتمعاتها في مقتل تنوعها الديني، وعبر بوابة المسلمين فيها، والجهاد لن ينتظر طويلاً قبل أن ينتقل إلى هناك.
لا أحد نجح في استنزاف ما كان يعرف بمحور المقاومة والممانعة مثلما فعل الخليفة ودولته وتنظيمه ... إيران تستقبل قوافل القتلى، ونزيف مواردها في سوريا لم يبلغ هذا المستوى من قبل، والنظام السوري يفقد رجالاته ومطاراته بالجملة، لا بالمفرق كما اعتاد طيلة سنوات الحرب الأربع، وحزب الله وجد في مقاتلي خليفة المسلمين، صورة عن مقاتليه ومجاهديه، لا يقلون ضراوة ولا بسالة في التضحية والقتال، وهم في الأصل، ليسوا أقل إيماناً بـ “ربانية” جهادهم من أقرانهم في حزب الله ... أنها معارك كسر العظم، لا مطرح فيها للأسرى والمخلفون والمرتجفة قلوبهم.
لا أحد أثار الفزع في عروق بعض الأنظمة العربية المحافظة كما فعل الرجل ... إذ بالقدر الذي أثار ارتياحهم واستقطب دعمهم في البدء، تحول مع تطور الأحداث، إلى مصدر قلق وتحسب استراتيجي، فهبوا هبة رجل واحد، يستعجلون اجتراح القوانين والاستراتيجيات والإجراءات، التي تحد من انتشار الغلو والتطرف، وتساعد على محاربة إرهاب الخارج والداخل ... وحده البغدادي، نجح في “كسب عداوة” الجميع من دون استثناء، وبرغم اختلاف مواقفهم ومواقعهم ودوافعهم.
لا أحد قبله، والأرجح وبعده، ارتبطت به أبشع مجازر القتل الجماعية، وتقطيع الرؤوس والأطراف والمقابر الجماعية ... لا أحد أكثر منه، ارتبطت باسمه شخصياً أوسع عمليات السبي والرجم والجلد والتعزير وتقطيع الرؤوس والأطراف، فهل  ثمة من هو أجدر من الرجل بلقب رجل العام 2014؟ ... ألم يستحقه بجداره؟ ... دعونا نصلِّ للعلي القدير، ألا نضطر لكتابة مقال مماثل في مختتم العام الذي سيبدأ غداً... كل عام وأنتم بألف خير، حفظ الله أعناقكم وأبعدها عن السيوف والخناجر.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البغدادي رجل العام 2014 البغدادي رجل العام 2014



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon