السلطة إذ «تعيد تدوير» خياراتها المأزومة ذاتها

السلطة إذ «تعيد تدوير» خياراتها المأزومة ذاتها

السلطة إذ «تعيد تدوير» خياراتها المأزومة ذاتها

 لبنان اليوم -

السلطة إذ «تعيد تدوير» خياراتها المأزومة ذاتها

بقلم : عريب الرنتاوي

يتأكد للمراقبين والمتابعين للشأن الفلسطيني، أن السلطة الفلسطينية فقدت القدرة «بنيوياً» على اجتراح خيارات وبدائل أخرى للتعامل مع أزمة استعصاء «خياراتها التفاوضية»، وهي وإن كانت تحدثت في الأعوام الأخيرة عن توفرها على «استراتيجيات بديلة»، إلا أن سياساتها وممارساتها القائمة على الأرض، تذهب بخلاف ذلك، وتظهر يوماً بعد آخر، أنها «دخلت في طريق ذي اتجاه واحد»، برغم أنه «طريق غير نافذ» باعتراف أوساط واسعة من داخل السلطة وخارجها. لطالما شددت السلطة على ألسنة الناطقين باسمها، رفضها العودة للمفاوضات، ما لم تكن «مشروطة» بجدول أعمال يبدأ بإنهاء الاحتلال، وجدول زمني قصير ...

اليوم، تكشف السلطة عن أنها منخرطة فعلياً في مسار تفاوضي، ربما تحت عنوان «رام الله وأريحا أولا»، في إعادة مقيتة لسيناريو «غزة وأريحا أولاً» ... وبطموح لا يتخطى العودة إلى الوضعية التي كانت سائدة في الضفة الغربية – من دون القدس طبعاً – قبل اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000. والسلطة تبدي استعدادها لتطوير القناة التفاوضية الأمنية – المدنية التي يقف منسق حكومة الاحتلال في الضفة على طرف منها وكل من حسين الشيخ وماجد فرج وزياد هبّ الريح على الطرف الآخر منها ... والرئيس يعرض استعداده للقاء نتنياهو في الزمان والمكان الذي يختار، ومخاطبة الكنسيت إن اقتضى الأمر، ونتنياهو يرد بدعوته للقائه في مكتبه في القدس المحتلة، في إعادة مُذلّة لخطاب السادات الشهير قبل أربعة عقود تقريباً. 

السلطة طالما لوّحت وتلوح بوقف التنسيق الأمني، والمجلس المركزي لمنظمة التحرير يقرر ذلك، وموفدو الرئيس أبلغوا الجانب الإسرائيلي بنية السلطة فعل ذلك في حال لم تتقيد إسرائيل بالاتفاقيات المبرمة ... لكن التنسيق الأمني ما زال متواصلاً ومتصاعداً، وهو يحصد يومياً «شهادات الآيزو» من الجانب الإسرائيلي، وآخرها ما أبلغ به رئيس أركان جيش الاحتلال الجنرال غادي إيزينكوترئيس مجلس النواب الأمريكي: «نحن نعمل معهم لمكافحة الإرهاب، هم يقومون بعمل جيد ونحن جد راضون عن التنسيق الذي لنا معهم».

ولم لا يكونوا «جدّ راضين» طالما أن التنسيق الأمني لم يبق فضاءً أو مجالاً دون أن يخترقه، حتى أن السلطة باتت تفاخر بان «الحقائب المدرسية» لطلبة الإعدادي والثانوي، باتت تخضع للتفتيش بحثاُ عن سكين مطبخ، وأن سبعين منها على الأقل، جرت مصادرته في عمليات الدهم والتفتيش، ودائماً بذريعة إنسانية من نوع: حماية أرواح شبابنا وإنقاذ حيواتهم.

السلطة رسمت ملامح «استراتيجية بديل» تنهض على استعادة المصالحة وإطلاق المقاومة الشعبية ومطاردة إسرائيل في مختلف المحافل الحقوقية والسياسية الدولية، وتوسيع المقاطعة وتطوير أدواتها ... والحقيقة أن المراقب للمشهد الفلسطيني لا يستطيع أن يأتي على «أي إنجاز يذكر» على مختلف هذه المحاور، باستثناء حركة المقاطعة التي تتولى المبادرة والقيادة فيها، قوى وجماعات من خارج رحم السلطة وقيودها وآليات عملها.

بعد ربع قرن على انطلاق مسار مدريد، وعقدين على قيام السلطة، وأربعة عشر عاماً على إعادة احتلال الضفة الغربية (السور الواقي)، وعشر سنوات من المراوحة في ظل حكومات اليمين واليمين المتطرف بزعامة نتنياهو، لم تجد السلطة من خيار سوى «العودة على البدء»، إلى المربع الأول، مربع إعادة انتاج، أو بالأحرى، «إعادة تدوير»، سيرة أوسلو بمراحله ومرحليته، وغموضه «غير البناء»، فلا جديد في هذه المقاربات، غير استبدال رام الله بغزة، في معادلة «رام الله وأريحا أولاً».

بعد الفشل المتكرر والمتراكم لرهاناتها وحساباتها، تعاود السلطة السير في الطريق ذاته، على أمل أن تصل إلى نهايات مختلفة، وتجريب المُجرب ... ليس بسبب انعدام الخيارات والبدائل القائمة ذاتياً وموضوعياً أمام الشعب الفلسطيني، بل لعجز بناها وأطرها ومؤسساتها القيادية، عن التفكير «خارج الصحن»، وتآكل إرادتها السياسية في تجريب خيارات غير تلك التي تهرب من إسرائيل إليها.   

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السلطة إذ «تعيد تدوير» خياراتها المأزومة ذاتها السلطة إذ «تعيد تدوير» خياراتها المأزومة ذاتها



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 09:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:05 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 08:48 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

أبرز العطور التي قدمتها دور الأزياء العالمية

GMT 15:27 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

علي ليو يتوج بلقب "عراق آيدول" الموسم الأول

GMT 11:57 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

برومو ”الاسكندراني” يتخطى الـ 5 ملايين بعد ساعات من عرضه

GMT 16:26 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:28 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لاستغلال زوايا المنزل وتحويلها لبقعة آسرة وأنيقة

GMT 09:37 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

طرق تنظيم وقت الأطفال بين الدراسة والمرح

GMT 14:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

متوسط أسعار الذهب في أسواق المال في اليمن الجمعة

GMT 19:03 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منى عبد الوهاب تعود بفيلم جديد مع محمد حفظي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon