تقدير استراتيجي لحماس

"تقدير استراتيجي" لحماس

"تقدير استراتيجي" لحماس

 لبنان اليوم -

تقدير استراتيجي لحماس

عريب الرنتاوي

  نشر مركز الزيتونة المحسوب على حماس، والذي يتخذ من بيروت مقراً له، ورقة "تقدير استراتيجي" بعنوان "انعكاس الانقلاب العسكري في مصر على قطاع غزة"، أوجز فيه كاتبه تطورات الوضع في مصر، وعرض لسلسلة الخطوات والإجراءات التي اتخذتها السلطات المصرية الجديدة بحق حماس والقطاع، وتوقف ملياً أمام ثلاثة سيناريوهات مستقبلية: عودة مرسي، استمرار حالة الاستقطاب، ونجاح خريطة الطريق بانتخاب رئيس يعيد انتاج سيرة نظام مبارك في علاقته المتوترة مع حماس. "التقدير" الذي من المفترض أن يكون استراتيجياً، استبعد السيناريو الأول (الأفضل)، أو لم يرجحه، وطالب حماس بالاستعداد من الآن، للتعامل مع أكثر السيناريوهات سوءاً والذي يتمثل بوجود نظام "غير صديق" لحماس في القاهرة ... ليخلص إلى أربعة توصيات هي: (1) تفويت الفرصة على إسرائيل بتثبيت التهدئة توافقياً مع الفصائل ... (2) التحشيد الشعبي من حول حماس لتفادي العزلة وتخفيف حدة الحصار ... (3) الانتقال من الدفاع إلى الهجوم في مواجهة حملات التحريض التي تشن على حماس في مصر ... (4) الطلب إلى رام الله الكف عن تقدم تقارير كاذبة لمصر تشوه حماس وتسيء إليها. كان الله في عون حماس، إن كانت النقاط الأربع سالفة الذكر، هي جل ما في جعبة "التفكير الاستراتيجي" من حلول ومقترحات تفي بغرض إخراج الحركة من مأزقها المتأتي عن تطورات الأوضاع في مصر، بل وعن حالة الانكشاف الإقليمي التي تعيشها الحركة منذ أن "تلبّدت" الأجواء في سماء رعاتها الإقليميين الثلاثة: قطر وتركيا ومصر (الإخوان)، وهي التي بالكاد غادرت مربع "التحالف الاستراتيجي" مع محور طهران – دمشق – الضاحية الجنوبية. بالمعنى الاستراتيجي، كنّا نوّد أن نقرأ مراجعة لتجربة حماس في الحكم والمعارضة والمقاومة، لثنائية الوطني والديني في خطاب حماس، لما هو متوافق ومتفارق مع تجربتي حكم الإخوان في مصر وغزة ... كنّا نأمل أن نقرأ "توصيات" لها صلة عميقة بجوهر خطاب حماس وممارستها، وتحديداً لجهة رفع المنسوب المدني والديمقراطي في خطاب الحركة، لجهة تغليب الوطني على "الأممي" في أولويات الحركة، لجهة حث الحركة على الانفتاح على الآخر في الوطن، وتفيؤ ظلال المصالحة الوطنية. والمفارقة أن عنوان "التقدير الاستراتيجي" يتحدث عن انعكاسات الانقلاب العسكري على قطاع غزة، أما توصياته فتتركز على كيفية حفظ حكم حماس في غزة وسيطرتها ... إذ ليس من بين التوصيات التي ينتهي إليها "التقدير" أية توصية على الإطلاق، تتحدث عن كيفية احتواء تداعيات الانقلاب وانعكاساته على أهل غزة ومعاشهم وحياتهم واقتصادهم وحركتهم ... حتى حين تحث إحدى التوصيات على اتخاذ إجراءات لتخفيف حدة الحصار، فإنما بهدف الحيلولة دون انفجار موجة الغضب الشعبي ضد حماس وحكومتها، ولتفويت الفرصة على المتربصين الذين يكيدون لحماس. "التقدير" لم يخف انحيازه الكامل وتبنيه التام للرواية الإخوانية لما حصل في مصر في الثلاثين من يناير، وعنوانه (التقدير) يشير إلى انقلاب عسكري، وكاتبه يستخدم الشرعية ومحمد مرسي كمترادفات، وأي بديل عسكري أو ليبرالي، سيكون من شاكلة نظام مبارك وطرازه، وهو إذ يسهب في الحديث عن الحملات الإعلامية المغرضة ضد حماس في مصر، لم يثر انتباهه مثلاً، أن إعلام حماس ومحطاتها الفضائية وتلك الصديقة لها، اتخذت من تقاطع رابعة العدوية، استوديو مفتوحاً لها، تنقل عبر أثيرها وشاشاتها وصدر صفحاتها، خطاب الكراهية والتحريض والحض على العنف والتكفير والتخوين والتحقير لكل من هو ليس إخوانياً في مصر ... لم يلفت "التقدير" أن يسدي النصح لحماس للنأي بالنفس والانسحاب من "حروب الإعلام والفضاء" المحتدمة في مصر وحولها، أقله من أجل تمكينها من الخروج بأقل قدر من الخسائر. لم يكلف واضعو "التقدير" أنفسهم عناء انتقاد قرارات حماس الأخيرة بغلق مكاتب إعلامية لوكالة معاً وقناة العربية وثالث لا أعرف لمن، ودائماً في سياق الحث على إشاعة الانفراج والحريات والتوافق ... مع أن إغلاق الجنرالات في مصر لقنوات إخوانية، كان سبباً كافياً لإخراجهم من الملّة، وتقديم الشكاوى بحقهم إلى "المجتمع الدولي". الحقيقة أننا لسنا أمام "تقدير استراتيجي" يمكن الاعتداد به، نحن أمام عملية "إعادة تدوير وإنتاج" لتصريحات سامي أبو زهري، لا أكثر ولا أقل ... لسنا أمام "تقدير" يمكن أن يخرج حماس من "أزمة خطابها"، نحن أمام "خطاب مأزوم" لا يزيد خطاب حماس، سوى تأزماً وتيهاً.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تقدير استراتيجي لحماس تقدير استراتيجي لحماس



GMT 18:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 18:15 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 18:09 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 18:05 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 18:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

GMT 17:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الشريك المخالف

GMT 17:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 17:48 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اليوم العالمى للقضاء على العنف ضد المرأة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 10:23 2022 الثلاثاء ,17 أيار / مايو

توبة يتصدر ترند تويتر بعد عرض الحلقة 26

GMT 15:53 2024 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

بحث جديد يكشف العمر الافتراضي لبطارية "تسلا"

GMT 12:55 2021 الإثنين ,02 آب / أغسطس

وضعية للهاتف قد تدل على خيانة شريك الحياة

GMT 16:06 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

دكتوراه لراني شكرون بدرجة جيد جدا من جامعة الجنان
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon