داعش والأردن  حين ينقلب السحر على الساحر

داعش والأردن ... حين ينقلب السحر على الساحر

داعش والأردن ... حين ينقلب السحر على الساحر

 لبنان اليوم -

داعش والأردن  حين ينقلب السحر على الساحر

عريب الرنتاوي

لسنا وحدنا من رصد التحولات الهامة في اتجاهات الرأي العام الأردني خلال الأيام والساعات القليلة الفائتة، صحفيون ودبلوماسيون أجانب، رصدوا الظاهرة، وطفقوا يسألون عن أسباب التحوّل وما إذا كان سحر الحرب النفسية للتنظيم قد ارتد عليه ... وكيف ستكون انعكاسات هذا التحوّل على “إدارة الملف” وعملية التفاوض ومستقبل أزمة الطيار الأردني ؟
منذ انضمام الأردن، المعلن والمشفوع بأسبابه الموجبة، أهمها أن الحرب على داعش هي حربنا، حرب العرب والمسلمين قبل غيرهم، انقسم الرأي العام الأردني بين مؤيد ومعارض ... بعضهم جادل في أنها حرب “لا ناقة لنا فيها ولا جمل” ... بعضهم الآخر، قال إنها حربنا، وأن الأردن هو الهدف التالي للتوسع “الداعشي”، إن قُدّر للتنظيم الأصولي أن يستمر ويتمدد خارج سوريا والعراق، وأن من الأفضل لنا أن نحاربهم في “الفناء الخلفي” لمنازلنا .
استمر هذا الجدل وتصاعد بعد سقوط الطائرة وأسر الطيّار، وبدا أن وجهة النظر المناهضة للمشاركة في التحالف الدولي، قد كسبت قواعد جديدة واكتسبت مؤيدين جددا ... وبدأنا نسمع عبارات من نوع: ما الذي ذهب بنا إلى هناك؟ ... وما المصلحة التي سيجنيها الأردن، أو الأهداف التي يدافع عنها، عندما قرر أرسال اسراب من سلاح الجو لقصف أهداف التنظيم ومواقعه؟
إلى أن تصاعدت حدة الحرب النفسية التي يخوضها التنظيم ضد الأردن، مستغلاً ورقة الأسير الطيار، حيث توالت المواعيد النهائية ورسائل التهديد بتقطيع الرؤوس، والمهل الزمنية المضبوطة على توقيت الخلافة الشتوي... عندها شعر الأردنيون أن هناك من يريد اللعب بهم والتلاعب بأحاسيسهم ومشاعرهم الصادقة حيال واحد من أبنائهم وقع في الأسر ... عندها شعر الأردنيون أن هناك من يريد أن يقسمهم ويعزف على وتر خلافاتهم، ويحفر فجوة عميقة بينهم وبين دولتهم ... عندها، وفي غضون أيام وساعات، بدأ التغيير، وأخذ المزاج الشعبي في الانقلاب، وانقلب السحرعلى الساحر.
لا يعني ذلك للحظة واحدة، أن من كان ضد الحرب على داعش قد صار معها ... بعضهم انتقل إلى هذا الموقع، لكن كثيرين منهم، بات يدرك أن الوقت ليس مناسباً لتسوية الحسابات أو إثارة الخلافات ... الوقت مناسب فقط لإظهار الوحدة والتماسك خلف المفاوض وصانع القرار في الدولة الأردنية ... فإذا كان الانقسام هو ورقة داعش التي تعوّل عليها، فإن قرار التوحد والتماسك، هو من صنع أيدينا، وعلينا أن نتخذه من دون تردد أو إبطاء.
ظن البعض أن بعض عبارات المحاباة والمجاملة والرجاء، يمكن أن تصيب القلوب المتحجرة والعقول المتصلبة ببعض اللين والإنسانية والعطف، إلى أن أدرك على وقع استمرار الصلف والقسوة وتقطيع الرؤوس وإراقة الدماء، أن “حديد القتلة لا يفله إلا صلب إرادتنا ووحدتنا”، وأن الرد على الغطرسة والوحشية، لا بد أن يصدر من موقع القوة والاقتدار، فأخذت النبرة تتغير، وأخذت الأنفاس تتلاحق، مشيرة إلى حالة الاستنفار القصوى والتحفز لرد التحدي.
من حق الأهل، الحلقة الأقرب منهم، أن تطرق كل باب بحثاً عن نهاية سعيدة لمحنة الابن الأسير، لكن ليس من حق أحد فينا مطالبة الدولة بأن تكون ضعيفة مستجدية، لسبب بسيط وهو أن الضعف والاستجداء لن يفلحا في الوصول إلى نهاية سعيدة لهذا المسلسل الدامي / التراجيدي .... ليس من حق أي منا، أن يمتطي صهوة مشاعرنا وأحاسيسنا لتحقيق أغراض سياسية أو دعائية ...فالدولة عندما قررت الذهاب إلى الحرب ضد داعش، عن خطأ في التقدير أو دقة فيه، كانت تدرك أنها تخوض حرباً، وأنها ليست مدعوة لنزهة قصيرة، فالحرب من قبل ومن بعد، تحتمل الخسائر، ولا أحد يدخل حرباً ظناً منه أنه سيخرج منها كما دخلها.
الأردن الآن، في موقع أقوى للتفاوض بشأن تحرير طياره الأسير ... وحرب داعش النفسية والدعائية وصلت ذروتها دون أن تفلح في تحقيق أهدافها الشريرة... ومثلما كان عنصر الوقت ضاغطاً علينا طوال الفترة السابقة، فقد أخذ عامل الوقت يلعب في غير صالح الخاطفين ... ولعبة “عض الأصابع” تشارف على نهايتها ... وكما قيل من قبل في تعريف الشجاعة، يقال اليوم في تعريف الانتصار: صبر ساعة.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

داعش والأردن  حين ينقلب السحر على الساحر داعش والأردن  حين ينقلب السحر على الساحر



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon