رسالة مفتوحة إلى الحكومة والمجلس

رسالة مفتوحة إلى الحكومة والمجلس

رسالة مفتوحة إلى الحكومة والمجلس

 لبنان اليوم -

رسالة مفتوحة إلى الحكومة والمجلس

عريب الرنتاوي

في الأنباء (أو بالأحرى التسريبات)، أن الحكومة “تضغط” من أجل إقرار مشروع قانون الانتخابات كما ورد منها إلى مجلس النواب ... وفي الترجيحات، أن المشروع سيقر من المجلس العتيد، كما ورد من الحكومة ... وإن صحت هذه التسريبات وتلك الترجيحات، فإن “فكرة” الحوار الوطني، ستكون قد تلقت طعنة نجلاء جديدة، قد لا تشفى منها هذه المرة، بعد سلسلة التجارب “المغدورة” للحوار الوطني.
الحكومة ابتداءً، ألقت بعبء التشاور والحوار مع مختلف المكونات والأطراف ذات الصلة، على كاهل المجلس النيابي، بدل أن تقوم هي بما يعد ركناً ركيناً من دورها وتفويضها وولايتها العامة ... وهي ليست المرة الأولى، التي تفعلها الحكومة، فقد سبق لهذا المشهد أن تكرر مع قوانين الأحزاب والبلديات واللامركزية، فيما يشبه “السنّة غير الحميدة”، سنة ترحيل العبء على المجلس، بدل تجشم عناء الحوار والمشاورات.
مع أن الأصل، أنه يتعين على الحكومة أن تشرع بإجراء مثل هذه المشاورات والحوارات مع مختلف الفاعلين السياسيين والاجتماعيين، قبل التقدم بصيغة مشروع القانون، لا بعده، وحين تنضج “طبخة المشروع” على نار المشاورات والحوارات الهادئة، يجري تقديمها للمجلس النيابي، الذي من حقه أيضاً، بل ومن واجبه، أن يجري ما شاء من حوارات ومشاورات، وأن يعقد ما طاب له من “جلسات الاستماع” ... لكن الحكومة استنكفت عن فعل ذلك، ونأمل ألا تسلك الحكومات القادمة، درب ترحيل الأعباء ذاته.
المجلس، بلجنتيه القانونيتين اللتين تعاقبتا منذ تسلمه مشروع القانون، الأولى برئاسة الأستاذ مصطفى العماوي والثانية برئاسة الأستاذ عبد المنعم العودات، قام بما يلزم من لقاءات وحوارات، التقى بمئات إن لم نقل ألوف الفاعلين، وتسلم العشرات من المقترحات، وطاف بمحافظات المملكة الاثنتي عشرة .... وتسلم العديد من المذكرات والعرائض والأفكار والتوصيات ... وقد بدأ مبكراً بفرزها وتبوبيها واستخراج المشتركات والجوامع من بينها، وربما فرز غثها عن سمينها، وما هو ممكن منها وما هو متعذر... المهم أن المجلس توفر على آراء النخبة الأردنية، في كل ما يتصل بمفاصل مشروع القانون.
هل يعقل بعد ذلك، أن يتم تمرير مشروع القانون وإقراره كما ورد من الحكومة؟ ... هل يعقل ألا تكون هناك فكرة/ أفكار ذكية يمكن إدماجها في مشروع القانون؟ ... وهل جفت قرائح الأردنيين وعقولهم، وباتت سقوفهم لا تتجاوز ما تجود به قريحة الحكومة، ويمرره المجلس الكريم؟ ... ولخدمة من يجري تسفيه الأفكار والمقترحات التي تجمعت لدى المجلس، أو على الأقل، إظهار عدم جديتها وجدواها؟
نعلم أن الحكومة ليست بوارد إحداث تغيير جذري على بنية النظام الانتخابي، من نوع اعتماد النظام المختلط وإدماج القوائم الوطنية في مشروع القانون ... ونعلم أن ليس ثمة “توازنات” تسمح بهذا القدر من “التفاؤل” ... ولكن أليس بالإمكان “تجويد” مشروع القانون كما ورد من الحكومة، والإصغاء لمطالب شرائح كبيرة من المواطنين والمواطنين، الداعية لذلك؟
ما الذي يمنع مثلاً، اعتماد نظام آخر، غير نظام “أعلى البواقي” عند احتساب القوائم الفائزة، ولماذا الإصرار على تفتيت الأصوات وتفادي خلق كتل حزبية كبيرة، أو بالأحرى متوسطة الحجم؟ ... لماذا “التعنت” في إدارة الظهر لمطالب الحركة النسائية الأردنية، كل الحركة النسائية الأردنية، باعتماد مقعد نسائي لكل دائرة انتخابية بدل كل محافظة؟ ... ولماذا الإصرار على صم الآذان إزاء مطالب أبناء البوادي الثلاث، فتح دوائرهم المغلقة، وتحويلها من ديموغرافية إلى جغرافية، وبذات التمثيل والأرقام، بعد أن غادر الأردن، ومنذ زمن بعيد، مرحلة البداوة، بما هي نمط اقتصادي اجتماعي، وباتت الماء والكهرباء والطرق والاتصالات والتعليم والخدمات الصحية، تصل إلى ما يقرب من 98 بالمائة من المناطق المأهولة؟
إن أقر مشروع القانون على صورته التي ورد فيها من الحكومة، فأحسب أن الضحية الأولى لأمر كهذا، هي ثقة المواطنين بجدوى وجدية الحوار كوسيلة للإصلاح والتغيير، واستتباعا، تآكل ثقتهم بالعملية السياسية الجارية في بلادها، وبالمؤسسات المنبثقة عنها، وهي ثقة تعاني في الأصل، من اهتزاز ظاهر.
أنقذوا ثقة الناس بالحوار والعملية السياسية والتشاركية والمؤسسات، من خلال الإصغاء إلى مطالبهم، غير التعجيزية بحال من الأحوال، ولا تنظروا للحوار على أنه “مكاسرة إرادات” خصوصاً حين يتعلق الأمر بثاني أهم تشريع بعد الدستور، قانون الانتخابات، الذي درج العرف على تسميته بالقانون التوافقي.
هي رسالة/ نداء، نبعث بها للحكومة والمجلس مع دخول عملية إقرار المشروع، مراحلها الأولى ... فاكتساب ثقة الناس وإعادة بنائها، أهم بكثير من ضمانة بضعة مقاعد إضافية، لا تتخطى في حال الأخذ بمختلف التوصيات المذكرة، العشرة أو الخمسة عشر مقعداً من أصل 130 مقعداً، فهل هذا كثير على حكومة تقول إنها ملتزمة بكتابي تكليف وثلاثة خطابات عرش وخمس أوراق نقاشية، تحدثت جميعها عن برلمان قائم على التعددية الحزبية وحكومات برلمانية منتخبة؟

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رسالة مفتوحة إلى الحكومة والمجلس رسالة مفتوحة إلى الحكومة والمجلس



GMT 15:34 2024 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

الأردن... والجبهة البديلة

GMT 20:00 2024 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

الأردن... وقميص عثمان

GMT 19:19 2023 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مصري أردني معًا

GMT 17:50 2023 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة الرئيس السفير

GMT 18:44 2023 الأحد ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا انتصرت إسرائيل... إذا انتصرت «حماس»...

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon