عمان والخشية من «سيناريو الفوضى» في الضفة

عمان والخشية من «سيناريو الفوضى» في الضفة

عمان والخشية من «سيناريو الفوضى» في الضفة

 لبنان اليوم -

عمان والخشية من «سيناريو الفوضى» في الضفة

عريب الرنتاوي

تخشى عمان “سيناريو شيوع الفوضى” في الضفة الغربية، سيما في هذا الوقت بالذات، حيث تشتد على نحو غير مسبوق، تحديات الداخل والخارج، بالأخص، تلك المتصلة بالانفجار الكبير الذي يتفاعل في كل من البلدين الجارين: سوريا والعراق، على وقع الحرب بين “الإرهاب” والتحالفات الدولية والإقليمية العاملة على محاربته.
هل الخشية الأردنية في موضعها؟ ... وما الذي يمكن أن تعرضه الدبلوماسية الأردنية على الفلسطينيين من “بدائل” للجنوح إلى خيار “التهدئة والهدوء”؟ ... هل الضفة الغربية مقبلة على فوضى، وما الفارق بين فوضى وانتفاضة؟ ... لا أحد يرغب الخوض في هذه “التفاصيل”؟
لقد جربت الضفة الغربية “الهدوء” لسنوات عشر عجاف، حتى أننا بتنا نخشى أنها “لن تغضب أبداً”، وحافظت الضفة على هدوئها حتى في بعض المحطات والمفاصل الجوهرية في الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، وجاءت ردات أفعالها، بأقل مما ينبغي إبان العدوانات الإسرائيلية الثلاثة المتعاقبة على قطاع غزة، كما أن ردة فعلها ظلت محدودة للغاية، إبان العدوانات والانتهاكات المتكررة للقدس والأقصى والمقدسات.
ما الذي حصده الفلسطينيون لقاء ذلك الهدوء و”الصبر الجميل”؟ ... توسع الاستيطان وازدادت أعداد المستوطنين، تمدد جدار الفصل العنصري كالثعبان الذي يلتف على خصر ضحيته .... واصل المستوطنون انتهاكاتهم وتجاوزاتهم على الأقصى والمقدسات، وبما يضرب التزام إسرائيل ببند الرعاية الهاشمية في معاهدة وادي عربة .... صدرت عن إسرائيل، سلسلة من القوانين العنصرية ... صعدت إسرائيل من إجراءاتها القمعية، وامرت بحبس العائلات والأطفال وتهديم البيوت وإطلاق الرصاص الحي ... قيّدت تل أبيب زيارات الفلسطينيين للأقصى وصلواتهم فيه ... إلى غير ما يحصر وما لا يحصر من إجراءات عنصرية – عدوانية، ليست بحاجة لمزيد من التوصيف.
نتنياهو أخل بكل ما وعد به القيادة الأردنية، وبحضور الشاهد الأمريكي: جون كيري ... المستوطنون، وبحماية رسمية إسرائيلية، مارسوا تدنيساً منظماً للمقدسات، ودائما برعاية وزراء وأعضاء كنيست ... وبدا أن حكومة اليمين واليمين المتطرف، لا تكترث بأوسلو واعتدال “أبو مازن”، ولا تقيم وزناً للمعاهدة الأردنية – الإسرائيلية، ولا تحسب حساباً لحرج الأردن وما يمكن أن تتسبب به انتهاكاتهم للمعاهدة، من تداعيات وارتدادات على مكانة الأردن وأمنه واستقراره.
وثمة معلومات عن ترتيبات تجري على قدم وساق، لترتيب لقاء رباعي، ربما على مستوى القمة، يجمع الأردن بالسلطة والولايات المتحدة وإسرائيل ... ما الذي سيجري في لقاء كهذا، غير ذاك الذي حصل في لقاء عمان الثلاثي بين نتنياهو والملك والوزير الأمريكي؟ ... سيكذب نتنياهو على الجميع، وسيقول بأن شيئاً لا يتغير، ولن يتغير في وضعية المسجد والمقدسات، وسيسعى في تحميل “إرهابيي الأقصى المتطرفين” المسؤولية عن الأحداث، وسيشير بأصابع الاتهام للسلطة ورئيسها، وسيتعهد من جانبه بالعمل على “التهدئة”، وسيبدي استعداداً لاستئناف المفاوضات من دون شروط مسبقة، وينتهي “الحفل” إلى تصريحات متفائلة، وربما إلى تهدئة مؤقتة في القدس، لن تكون سوى فاصل “دعائي” قصير بين مواجهتين، هذا إذا استطاع المجتمعون في عمان، إقناع أهل القدس والضفة، بقبول التهدئة والتزام بيوتهم، وهو أمرٌ مشكوك فيه تماماً.
لن يكون هناك أي “وعد سياسي” للفلسطينيين بأفق، هذا خارج التوقع و”الرادار” ... نتنياهو ليس لديه ما يعرضه غير “المفاوضات غير المشروطة”، والأردن لا يمتلك تأثيراً على الإسرائيليين، وأوباما الذي أثار لدى مسؤولينا الكثير من الانطباعات المتفائلة فور وصوله للبيت الأبيض لأول مرة، ليس في وارد “التورط” في مساع جدية لحل القضية الفلسطينية ... سيخرج الجمع بكثير من التعهدات الإسرائيلية التي لا تساوي الحبر الذي ستكتب فيه.
سيعود نتنياهو إلى حكومته وائتلافه و”كنيسته”، وسيرى نفسه، طائعاً أو مكرهاً، منساقاً على وقع طبول الحرب على القدس، التي تقرع من قبل المستوطنين والقوميين واليهود “الالترا أورثوذوكس” ... ستستمر المواجهات على اتساعها، كما تشير كافة الدلائل، أو ستعاود اندلاعها بعد “تهدئة” لن تعمر طويلا، لنعود ونسلك الطريق ذاتها، التي سلكناها مرات ومرات، على أمل الوصول إلى نتائج مختلفة ونهايات مغايرة.
لن يعود الرئيس عباس إلى شعبه بما يقنعه التزام البيوت وقبول التهدئة، هو نفسه، أي عباس، بات قليل الاقتناع بخيار التهدئة والمفاوضات، لم يجرؤ كعادته على إدانة “انتفاضة السكاكين” وتحدث عن مقاومة شعبية سلمية ومطاردة إسرائيل سياسياً وحقوقياً ... عباس نفسه، فقد ثقته بخياراته ورهاناته، وهيهات أن يستعيدها بلقاء من ساعة أو ساعتين، يقضيه في عمان مع نتنياهو، برعاية أمريكية – أردنية.
الطريق مقفل، وإسرائيل وضعت إشارة “غير نافذة” أمام المارة الفلسطينيين ... والفلسطينيون يعيدون البرهنة على أنهم تعلموا الدرس جيداً: “ما حك جلدك غير ظفرك” .... وهم عرفوا الآن، أن “انتفاضة السكاكين”، هي من جاءت بجون كيري إلى المنطقة، وقطع جدول أعماله المزدحم باولويات أخرى ... هم يعرفون أن “حجارة أطفالهم وفتيانهم” هي التي جعلت اللقاء الرباعي عند انعقاده، أمراً ممكناً ... فلماذا سيتوقفون، سيما وأن لقاءً كهذا لن يخرج بشيء، ونقولها من دون تردد أو تحفظ، فلطالما لدغنا من جحر نتنياهو المرة تلو الأخرى.
والخلاصة التي لا يجب أن تخطئوها العين المجردة، تقول: دعوا الفلسطينيين يختبرون خياراتهم، بعد أن باءت بالفشل كافة الخيارات الأخرى ... دعوهم يحاولون وضع قضيتهم على جدول أعمال المجتمع الدولي بعد أن غطتها الأتربة والغبار ... دعوهم يطلقون صرخات الألم والغضب، فلم يعد لديهم ما يخسرونه سوى قيود الاحتلال وذل الاستيطان وبؤس الحياة اليومية ... دعوهم يسعون في مطاولة الحرية بعد ربع قرن من محاولات تجريب المجرب، والإصغاء لكل النصائح والتحذيرات ... دعوهم، فربما كانت هذه فرصتهم الأخيرة، لإثبات جدارة الحياة، أو للبرهنة على قول شاعرهم: على هذه الأرض، وعليها وحدها، ما يستحق الحياة.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عمان والخشية من «سيناريو الفوضى» في الضفة عمان والخشية من «سيناريو الفوضى» في الضفة



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon