عنصرية فاجرة تجتاح المجتمع الإسرائيلي

عنصرية فاجرة تجتاح المجتمع الإسرائيلي

عنصرية فاجرة تجتاح المجتمع الإسرائيلي

 لبنان اليوم -

عنصرية فاجرة تجتاح المجتمع الإسرائيلي

عريب الرنتاوي

يتأكد يوماً بعد آخر، أن مشكلة الفلسطينيين مع إسرائيل، لا تقتصر على حكوماتها اليمينية أو اليسارية، ولا على الكتل اليهودية في الكنيست فحسب، بل تكمن أساساً مع المجتمع الإسرائيلي ذاته، الذي ينزاح سنة بعد أخرى، صوب التطرف الديني والقومي، إلى حد العنصرية الكريهة ... وربما هذا ما تنطق به أرقام الاستطلاع العام للرأي الإسرائيلي الذي أجراه معهد «بيو» الأمريكي، واشتمل على عينة كبيرة نسبياً، بلغت ستة آلاف مبحوث ممن تزيد أعمالهم على 18 عاماً.

الاستطلاع الذي أجري ميدانياً قبل عام تقريباً، وعُرضت نتائجه مؤخراً، كشف أن حوالي نصف يهود إسرائيل (48 بالمئة)، يؤيّدون إبعاد وترحيل الفلسطينيين عن وطنهم، وترتفع هذه النسبة بصورة طردية، كلما ازداد تديّن الإسرائيليين وقلّ تعليمهم، وهي عند اليهود الشرقين أعلى منها عند اليهود الغربيين، من دون أن يعني أن العلمانيين ليسوا عنصريين كذلك ... ففي حين يؤيد ثلاثة أرباع المتدنين عمليات طرد وترحيل الفلسطينيين، تزيد نسبة المؤيد لهذه الممارسات العنصرية في أوساط العلمانيين عن الثلث (36 بالمئة).

سياسياً، تكتسب سياسات الطرد والترحيل تأييداً كاسحاً في أوساط معسكر اليمين الديني والقومي (72 بالمئة)، لتنخفض في أوساط تيار الوسط إلى (37 بالمئة) وعند اليسار (10 بالمئة) ... ليتضح أن سياسات الطرد والترحيل العنصرية، عابرة للانقسامات الإيديولوجية والسياسية في إسرائيل، وإن بتفاوت ..... ومن المتوقع أن تكون هذه النسب قد ارتفعت في ضوء انتفاضة الحجارة والسكاكين التي اندلعت منذ عدة أشهر، أي بعد الانتهاء من إعداد المقابلات الميدانية للاستطلاع.

التمييز العنصري ضد الفلسطينيين، أكثر البضائع رواجاً في أوساط الرأي العام الإسرائيلي، فقد ايد أربعة أخماسهم (79 بالمئة) قيام إسرائيل بالتمييز ضد الفلسطينيين لصالح اليهود، ولا أظن أن هناك قضية واحدة، تَجمع الإسرائيليين كهذه، او أن هناك موضوعاً يحظى بهذه النسبة العالية من التأييد في أوساطهم.

أكثر من ثلاثة أرباع اليهود في إسرائيل (76 بالمئة)، يعتقدون أنه بمقدور إسرائيل أن تكون يهودية وديمقراطية، لكن في حال التعارض بين الدين والديمقراطية، فإن ثلثي اليهود تقريباً (62 بالمئة) يختارون الديمقراطية على الدين، والنسبة ذاتها تقريباً (64 بالمئة)، ترفض اعتماد الدين، قانوناً للدولة، معنى ذلك، ان التطرف العنصري في إسرائيل، من طبيعة «إيديولوجية» أكثر من كونه ذا طبيعة دينية، وتتعلق بالفكرة الصهيونية أساساً.

الاستطلاع أظهر تآكل فكرة «حل الدولتين»، وتراجع نسبة المتفائلين بفرص السلام بين الجانبين، خصوصاً على الجانب الفلسطيني (عرب 48)، اليهود المتفائلون بالحل بلغوا 43 بالمئة هبوطاً من 46 بالمئة العام 2013، ونصف العرب فقط، ما زالت لديهم بقية أمل وتفاؤل، هبوطاً من 74 بالمئة في العام 2013.... ويتجلى ذلك أيضاً في نظر 42 بالمئة من اليهود إلى المستوطنات، بوصفها «خدمة» لأمن لإسرائيل، ووجود أغلبية يهودية وازنة (61 بالمئة)، مؤمنة بأن الله هو منح أرض إسرائيل لهم.

قد لا تكفي أرقام الاستطلاع لإعطاء فكرة تفصيلية، دقيقة وموثوقة عن اتجاهات الرأي العام الإسرائيلي، بيد أنها تكفي لتأكيد القناعة، بأن هكذا مجتمع، وبعد سلسلة التحولات المنهجية والمنتظمة التي تعرض لها، لم يعد ينتج سوى حكومات متطرفة وبرلمانات عنصرية، وبما يقطع الطريق على الحالمين والواهمين، الذين ضيّعوا سنوات وعقود، وهم ينتظرون أن تأتي انتخابات الكنيست التالية، بحكومة مؤهلة ومخولة، صنع «سلام الشجعان» مع العرب.

وخارج خطوط الأغلبيات التي تكشفت عنها أرقام الاستطلاع، سيكون مستبعداً على أية حكومة إسرائيلية، قائمة أو قادمة، أن تحلق بعيداً ... ولهذا قلنا وكررنا القول، بأن مشكلة الفلسطينيين، ليست مع الحكومات المتطرفة في إسرائيل فحسب، بل مع المجتمع والرأي العام اللذين جاءا بها، وهذا ما لا يريد سماعه رعاة الدولة العبرية وحماتها من جهة، والمتهالكون على «خيار السلام الاستراتيجي الوحيد» من جهة ثانية.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عنصرية فاجرة تجتاح المجتمع الإسرائيلي عنصرية فاجرة تجتاح المجتمع الإسرائيلي



GMT 01:31 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الجبهة اللبنانية تسبق جبهة غزة

GMT 19:15 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الأردن بين إيران وإسرائيل

GMT 18:46 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

ازدواجية ليست مفاجئة... ومستمرة

GMT 22:22 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

ردت إيران… لكنّ الثمن تدفعه غزّة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 09:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:05 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 08:48 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

أبرز العطور التي قدمتها دور الأزياء العالمية

GMT 15:27 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

علي ليو يتوج بلقب "عراق آيدول" الموسم الأول

GMT 11:57 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

برومو ”الاسكندراني” يتخطى الـ 5 ملايين بعد ساعات من عرضه

GMT 16:26 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:28 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لاستغلال زوايا المنزل وتحويلها لبقعة آسرة وأنيقة

GMT 09:37 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

طرق تنظيم وقت الأطفال بين الدراسة والمرح

GMT 14:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

متوسط أسعار الذهب في أسواق المال في اليمن الجمعة

GMT 19:03 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منى عبد الوهاب تعود بفيلم جديد مع محمد حفظي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon