ليس دفاعاً عن الرئيس لكنني كنت هناك

ليس دفاعاً عن الرئيس لكنني كنت هناك

ليس دفاعاً عن الرئيس لكنني كنت هناك

 لبنان اليوم -

ليس دفاعاً عن الرئيس لكنني كنت هناك

عريب الرنتاوي

لأنني كنت هناك، أود أن أضع بعض النقاط على بعض حروف الجدل الذي أثارته كلمة رئيس الحكومة في مؤتمر “نحو استراتيجية شاملة لمحاربة الإرهاب ... فرص التوافق الوطني وتحدياته” ... وتحديداً في مجالين اثنين: الدولة الدينية والدولة المدنية، ومن يتحمل مسؤولية ما وقع من جريمة نكراء في الولايات المتحدة استهدفت ثلاثة شبان مسلمين، بينهم فتاتان أردنيتان، وأقول ذلك، ليس دفاعاً عن الرئيس أو الحكومة، فهما أقدر على فعل ذلك، ولديهما من الأدوات والوسائل ما لا أتوفر عليه.
في القضية الأولى، قال الرئيس إن الأردن ليس دولة دينية، لكنه قال أيضاً أنها دولة لا علمانية، وشدد على أن الشريعة هي المصدر الرئيس للتشريع، مستذكراً المواد الدستورية (2) و (14) و(105) و(106) من الدستور من دون أن يذكرها، والحقيقة أن إجماع الفقهاء يتجه للقول بأن لا دولة “دينية” في الإسلام، وأنتم أدرى بشؤون دنياكم، والقراءات المتكررة لوثيقة المدينة التي وضعها الرسول الأعظم، أنشأت دولة مدنية، كما يقول كثير من الفقهاء والمؤرخين، ويُستشهد بها للدلالة على “مدنية” الدولة في الإسلام.
ثم، أننا في المؤتمر المذكور، لم نستمع إلى أية انتقادات من ممثلي التيارات والمدارس الإسلامية المختلفة التي شاركت في المؤتمر لكلمة الدكتور عبد الله النسور حول هذا الأمر، بل على العكس من ذلك، رأينا إسلاميين وعلمانيين، يتوافقون حول هدف إقامة “الدولة المدنية – الديمقراطية”، حتى إن الشيخ سالم الفلاحات قالها نصاً من على المنصة، وكذلك شدد عليها، كل من الدكتور نبيل الكوفحي ومروان الفاعوري كمتحدثين باسم “زمزم” و”تيار الوسطية”... الغريب أن يأتي الهجوم على الرئيس من هذا الزاوية بالذات، ومن قبل أطراف، محسوبة على “تيار الدولة” الأردنية، وليس من قبل جماعات أصولية أو إسلامية، تنشد تطبيق الشريعة وإقامة الحدود.
كان يمكن انتقاد الكثير من أوجه القصور في استراتيجية الحكومة لمحاربة التطرف والغلو، واستتباعاً الإرهاب (وهذا هدف المبادرة المستقلة لتنظيم المؤتمر)، لكن أن نختلف مع الحكومة حول “الدولة المدنية – الديمقراطية”، فهو أمر مستغرب حقاً في توقيته ومصادره وموضوعه ... سيما إذا أخذنا بنظر الاعتبار، أنه حتى في الدول المحكومة بأحزاب إسلامية أو ذات مرجعية إسلامية، إنما يتحدثون عن دولة “مدنية – ديمقراطية” كالمغرب وتونس، بل أن بعضهم تحدث عن دولة علمانية (تركيا على سبيل المثال)، مع أن الحزب الحاكم فيها منذ أزيد من عشر سنوات، ذي مرجعية إسلامية.
ولم أجد في الرجوع إلى “الهاشميين” ورسالتهم كأحفاد للرسول الأعظم، سوى محاولة للتلطي خلف “العرش” و”الشرعية الدينية” للنظام، لكن من يقرأ أوراق الملك النقاشية الخمس، بل وخطابات العرش وكافة التصريحات التي تصدر عنها، يدرك تمام الإدراك، أنه يتحدث عن تمدين الدولة والمجتمع وتحديثهما و”دمقرطتهما” ... من دون أن يعني ذلك “طلاقاً بائناً” مع الإسلام، فالدولة المدنية – الديمقراطية، لا تعني التخلي عن الدين أو التنكر له أو استعدائه بحال من الأحوال.
نعرف أن الأمر إنما يندرج في سياق التنازع السياسي، البعض يسميه “مناكفة” الحكومة، وهذا أمر طبيعي في العمل السياسي، حتى لا نقول حقاً مشروعاً ... لكننا في حمأة الاشتباك مع فكر التطرف والتكفير والغلو، لا أجد مسوغاً أبداً، للدخول في سجال من هذا النوع، فيبدو إسلام بعضنا أحسن من إسلام بعضنا الاخر، حتى أنه طُلب إلى الرئيس أن يتوب إلى الله، لكأنه خرج من الملّة، وباتت استتباته ثلاثاً أمراً واجباً شرعاً.
أما حكاية “الجريمة النكراء” في الولايات المتحدة، فأحسب أن حديث الرئيس قد انتزع من سياقه اللفظي (الكلمة) والمعنوي (السياق) المرتبط بفاعليات المؤتمر، وعلى طريقة “ولا تقربوا الصلاة...)، فهو لم يحمل الإسلام والمسلمين المسؤولية عن الجريمة النكراء، بل سعى في البرهنة على أن أفعال المنظمات الإجرامية التي تتخذ من الدين الحنيف ستاراً، أسأت للإسلام الذي كان أولى ضحاياها، وللمسلمين الذين شوهت صورتهم في أربع أرجاء الأرض، وهذه الممارسات الإجرامية، وآخرها ما حصل على شواطئ ليبيا وحرق 45 عراقياً بالأمس، تنعش ظاهرة “الإسلاموفوبيا” التي يدفع ثمنها المسلمون في المجتمعات غير المسلمة، كما تسهم في تخليق ظواهر إجرامية كتلك التي أودت بحياة الشبان المسلمين الثلاثة.
بهذا المعنى، لم أجد أن الرئيس في خطابه حول هاتين النقطتين وغيرهما، قد خرج عن ألوف وعشرات الألوف المقالات والدراسات التي تناولت الموضوعين معاً، كما لم أر أنه خرج عن منطوق وروح “خطاب الدولة الأردنية”، بل عبر عن درجة أعلى من الانخراط في الحرب الشاملة ومتعددة المسارات والمديات، التي يخوضها الأردن ضد التكفير والغلو والتطرف والإرهاب.
ولو أن الذين توقفوا عند هاتين النقطتين بالذات في خطاب الرئيس، انخرطوا في نقد وتقييم الاستراتيجية الحكومية لمحاربة التطرف، لكان ذلك أجدى لهم ولنا وللأردنيين جميعاً ... فنحن من أسف، لم نجد بعد، أن الحكومة قد وضعت أصبعها على مواطن الخلل في كثير من المجالات والميادين المنتجة للمتطرفة والمُساعدة في تمدده وانتشاره، هنا يستوقفنا التردد في تنشيط مسار الإصلاح السياسي والتحول الديمقراطي، مثلما تقلقنا المقاربات الخجولة لإصلاح نظام التربية والتعليم في المدارس والجامعات، ويقلقنا أكثر، “تواضع” الأهداف والوسائل المطروحة لتجديد الخطاب الديني وإصلاح مؤسسات الوعظ والإرشاد ... هناك الكثير مما يمكن أن نختلف حوله مع الحكومة وننتقدها عليها، لكن أن نجعل من “الدولة الدينية” هدفاً لنا، وبالذات في زمن داعش، فذلك ليس من الإسلام بالضرورة، ولا من المصلحة الوطنية بكل تأكيد، خصوصاًفي هذه المرحلة بالذات.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليس دفاعاً عن الرئيس لكنني كنت هناك ليس دفاعاً عن الرئيس لكنني كنت هناك



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon