مصر إن نُفذت الإعدامات  الآتي أعظم

مصر إن نُفذت الإعدامات ... الآتي أعظم؟!

مصر إن نُفذت الإعدامات ... الآتي أعظم؟!

 لبنان اليوم -

مصر إن نُفذت الإعدامات  الآتي أعظم

عريب الرنتاوي

تتكاثر الروايات الحديث عن «توجه» لتنفيذ حكم الإعدام ضد الرئيس المصري المعزول محمد مرسي وعدد من قيادات الصف الأول في جماعة الإخوان المسلمين المحظورة في مصر ... بعض الأنباء ترجح أن يتم ذلك قبيل عيد الفطر أو خلال أيامه الثلاثة، وربما بعده ببضعة أيام، وبصورة تذكّر بإعدام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين في أول أيام عيد الأضحى المبارك.

ليست القضية هنا، متى سيُعدم الرئيس مرسي أو كيف، في العيد، قبله أو بعده ... المشكلة في «حكم الإعدام» ذاته، وبالأخص إذا ما تم تنفيذه... أية تداعيات لقرار من هذه النوع، وكيف سينعكس على مستقبل مصر وأمنها واستقرارها، وكيف ستكون ارتداداته على الجماعة والنظام؟ ... وأية رسائل يُراد إرسالها ولمن؟
أياً تكن الاتهامات الموجهة للرئيس المعزول، بل وأياً تكن الانتقادات التي يمكن توجيهها له ولجماعته، فترة حكمه لمصر أو بعدها، فإن من الحكمة التوقف ملياً أمام تنفيذ الحكم ... لأن اللحظة التي سيعلق فيها الرئيس وصحبه على أعواد المشانق، سترسم حدّاً فاصلاً بين مرحلتين في «التاريخ الجاري» لمصر، ما قبل الإعدامات وما بعدها ... بعد الإعدامات، وربما لعقد أو عقدين قادمين، لن تكون هناك فرصة للمصالحة الوطنية، وستنتقل العلاقة بين الجماعة والنظام، من «العداوة المستعصية» إلى «حالة الحرب المفتوحة»، وستضاف قواهم وقواعدهم، تلقائياً إلى جيوش المتطرفين والإرهابيين التي تعيث فساداً في أمن مصر واستقرارها، وستدخل البلاد في نفق «الفوضى غير الخلاقة» حتى إشعار آخر.

بعد الإعدامات ليس كما قبلها، بالنسبة للجدل الداخلي في الجماعة ... قبلها كان الدكتور ناجح إبراهيم، أحد أبرز خبراء الجماعة والحركات الإسلامية في مصر، يتوقع أن يلتحق أكثر من ثلثي أعضاء الجماعة وكوادرها بركب المصالحة الوطنية، ولا أدري إن كان سيحتفظ بالتقدير ذاته، إذا ما زُيّن لصنّاع القرار في مصر، استسهال تنفيذ الأحكام، وتعليق أول رئيس منتخب لمصر، على أعواد المشنقة ... بالقطع، لن تظل الجماعة على حالها، وستنزاح غالبية قواعدها وكوادرها، إلى أقصى اليمين والتطرف، وستنتقل من مواقع السجال على الشبكة العنكبوتية، إلى خنادق القتال ضد الدولة والجيش والمؤسسات ... هذه سنة الحياة.

لن تحقق مصر تقدماً في حربها على الإرهاب إن جرى تنفيذ الإعدامات... وهي بالمناسبة لم تسجل حتى الآن،أي اختراق جدي في هذه الحرب، فالعمليات ما زالت متواصلة في سيناء والوادي ... والإرهاب يضرب في قلب القاهرة، وكل يوم يمضي منذ عامين، يأتي معه بأسماء جديدة، تُضاف إلى لائحة الضحايا... والمؤكد أن هذا «المنحنى» سيشهد تصاعداً غير مسبوق، وبوتائر متسارعة.

مصر ذاتها، لن تكون خارج «لائحة الضحايا» إن استمر الحال على هذا المنوال ... وثمة قوى متربصة بمصر وتنتظر سقوطها في واحدٍ من المستنقعات السورية والعراقية واليمنية، وقبلها جميعاً، الجزائر زمن العشرية السوداء ... قرار الإعدام في حال تنفيذه، سيكون دفعة جديدة لمصر في الاتجاه الخاطئ، وربما «الشعرة» التي ستقصم ظهر بعير الأمن والاستقرار، فأية حكمة من وراء اعتماد سياسات «القصاص والثأر» بديلاً عن سياسات المصالحة والاحتواء و»درء الضرر» إن تعذر جلب المنفعة؟!

كنّا نظن، أن التوسع في استصدار الأحكام المشددة، بالجملة والمفرق، ومن بينها، بل وأكثرها شيوعاً، أحكام الإعدام، إنما يندرج في سياق «الضغط» على الجماعة، لدفعها للهبوط عن قمة الشجرة، وخفض سقف مطالبها وتوقعاتها، وتسريع إعادة دمجها في العملية السياسية و»خريطة الطريق للمستقبل» بشروط مواتية... يبدو اليوم، أن بعض ظننا كان إثماً، وأن «القوم» يقصدون ما يفعلون، وأنهم سائرون على دروب المواجهة والإقصاء والإلغاء، حتى النهاية.

ولعل «النخبة الحاكمة» التي بدأ العالم يتقبلها ويتعامل معها، بل ويدعمها في حربها على الإرهاب، قد أصيبت بنشوة زائفة ومضللة، وظنت أنها حظيت بـ «تفويض» من المجتمع الدولي، لشن حرب شعواء ضد خصومها، جميع خصومها، تحت مظلة محاربة الإرهاب ... مثل هذه القراءة، إن صحت، ستكون قاصرة تماماً ... ولقد رأينا كيف دفعت سوريا، الأثمان الباهظة لقراءة مشابهة، سعت في «تدعيش» مختلف المعارضات، وإقامة تماثل بين «تنظيم الدولة» و»جماعة الإخوان» وغيره من الحركات ذات المرجعيات الإسلامية (وغير الإسلامية) المختلفة.

لكأننا لم نتعلم من دورس تجاربنا وتجارب غيرنا شيئاً... لكأنه لم يأت الزمن بعد، الذي ندرك فيه تمام الإدراك، أن ليس بمقدور أحدٍ أن يستأصل أحد، وأن ما يحققه فريق اليوم من مكاسب على حساب الفريق الآخر، سيأتي زمن، تتبدد فيه المكاسب، وتتحول إلى «فواتير» واجبة السداد والاستحقاق، في «لعبة صفرية»، لا يربح فيها أحد، طالما أن ما تجنيه اليوم، ستدفع ثمنه مضاعفاً غداً، وطالما أننا جميعاً لم نصل إلى يقين صلب بعد، بضرورة اعتماد لعبة «رابح – رابح».

ما زلنا نراهن على «عقل» مصر و»حكمتها»، ونضرع إلى الله بأن يجعل من هذه الأخبار والتسريبات، ضرباً من «الشائعات المغرضة»، لا حباً بالإخوان المسلمين أو ولهاً بهم، ولا شغفاً بالنظام القائم أو حرصاً على ديمومته، بل قلقاً على مصر وخوفاً مما ينتظرها، وأملاً في أن تتمكن من حصد ثمار تضحيات أبنائها وبناتها، في أعظم ثورتين «مختطفتين» في عصرها الحديث.

منذ «رابعة» ونحن نقول إن مصر لا تسير في الاتجاه الصحيح ... وأنها تشهد سلسلة انقلابات متتالية على ثورتيها المجيدتين ... اليوم، أكثر من أي وقت مضى، نشعر بالقلق إزاء التطورات الجارية على أرض الكنانة ... وتنتابنا حالة من «انعدام الثقة» بقدرة النخبة الحاكمة، على قيادة البلاد وإخراجها من تيهها وسنواتها العجاف... حمى الله مصر وأهلها.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر إن نُفذت الإعدامات  الآتي أعظم مصر إن نُفذت الإعدامات  الآتي أعظم



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon