مصرسنة أولى إخوان

مصر..سنة أولى "إخوان"

مصر..سنة أولى "إخوان"

 لبنان اليوم -

مصرسنة أولى إخوان

عريب الرنتاوي

 يندر أن تجد خبراً مفرحاً واحداً يأتيك من مصر..ما يجعل الصورة المصرية أقل مأساوية، أن العالم بكُليته، منصرف لما يجري في سوريا من مذابح وقتل وتدمير..في ظروف أخرى، كانت أنباء مصر لتحتل صدارة العناوين والنشرات الإخبارية والبرامج الحوارية. ما يجري في مصر "قصة فشل معلن"، حتى لا نقول "قصة موت معلن"..حكم الإخوان يفشل في إدارة المرحلة الانتقالية، ويضع البلاد بين خياريين، ثالثهما الفوضى غير الخلاقة..أما الخيار الأول، فهو "تديين" الدولة أو أخونتها، فيما يعيدنا الخيار الثاني إلى "عسكرة الدولة" وحكم الجيش، وبانتظار معرفة "البر" الذي سترسو عليه سفينة مصر، ستظل أرض الكنانة غارقة في الفوضى والاضطراب. لم ينجح الإخوان في بناء ائتلاف وطني عريض، يدير المرحلة الانتقالية ويقودها بأقل الأكلاف الممكنة..كانوا أشد استعجالاً للهيمنة والتفرد ومحاولة فرض طابعهم الخاص على الدولة والمجتمع سواء بسواء..خسروا حلفاءهم في "ميدان التحرير" وكافة ميادين مصر..اليوم يخسرون الدائرة الأقرب من الحلفاء، بعد أن انفض من حولهم حزب النور السلفي، وبعد أن انضم حزب الوسط الإسلامي إلى قائمة المطالبين بتنحية حكومة قنديل الإخوانية. بورسعيد، ومن خلفها مدن القناة في حالة عصيان مدني على الدولة والإخوان، والقاهرة تحولت إلى ساحة للقتل والمعارك المفتوحة..والشرطة تنضم إلى طوابير المضربين عن العمل والمحتجين..والجيش يوزع رسائله مناصفة بين الحكم والمعارضة..والأنباء عن تتحدث عن "ميليشيات" قيد التشكل، إسلامية في معظمها، بعد أن فوضت الحكومة صلاحيات "الضابطة العدلية" لكل من هب ودب..لكأن الدولة تستقيل من وظائفها وتحيلها إلى المليشيات والبلطجية وقطاع الطرق..هل هذا هو الانتقال السلس والسلمي للديمقراطية؟ انقسامات الشارع المصري، تنتقل إلى البيت الإخواني الداخلي..سعد الدين الكتاتني يقود تياراً يدعو لملاقاة القوى الأخرى في منتصف الطريق، حتى وإن أدى ذلك إلى التضيحة بالحكومة، رئيساً ووزيراً للداخلية..فيما الشاطر خيرت، يصر على "ركوب رأسه" مدعياً أن التضحية بالحكومة تعني اعترافاً بالفشل، ولا يهم إن كان بقاء الحكومة سيحمل في طياته فشلاً لمصر، وتحويل ودولتها إلى دولةٍ فاشلة..المهم ألا يفشل الإخوان، أو بالأخرى، ألا يعترفون بالفشل، أي منطق هذا؟. لم يبق شيء في خطاب مبارك ونظامه، لم يعمد نظام مرسي وحكومته وجماعته إلى استعارته في الحملة على خصومهم، خطاب التهديد والوعيد، وفيض الاتهامات للمعارضة والشارع، وطوفان المبررات التي تساق لسوق الناس لتمثل نظام "السمع والطاعة"..فهل هذه التعددية واحترام الرأي الآخر وبناء التوافقات والانفتاح على الجميع التي وُعِدَ بها المصريون؟. عن الاقتصاد المصري، حدّث ولا حرج..لم يبق بندٌ في نظرية "الاقتصاد الإسلامي" من دون أن ينتهك، فالغاية هنا تبرر الوسيلة، لكن مع ذلك الاقتصاد في تدهور والجنيه في أدنى مستوياته القياسية، والبورصات لم يبق لديها ما تخسره، وصندوق النقد الدولي يلوّح من بعيد بنصائحه المسمومة، اما السولار وغاز المنازل، فقد صارا عملة نادرة، عصية على السواد الأعظم من الناس..حتى قطر، حليف الإخوان، والراعي الرسمي لـ"ربيعهم"، قد أعلنت التخلي رسمياً، بعد أن فشلت محاولاتها السيطرة (إقرأ شراء) على رموز السيادية، من إرث مصر الفرعوني، إلى قناة السويس رمز عزة مصر ونهضتها. نبحث عن إنجاز واحد، يمكن أن يُسجل لحكم الإخوان في عامه الأول، فلا نجده..فالانقسام الأهلي غير مسبوق، والدستور صيغ في ليل بهيم..ومجلس الشعب حُلّ بقرار قضائي، والانتخابات عُطلت بقرار قضائي، وطاقم الرئاسة من مساعدين ومستشارين لم يبق منهم سوى الإخوانيون ومن هم على "مرجعيتهم"، أما الرئيس فقد بات رأساً عاجزاً عن التحكم بالجسد، فسلطات البلاد، يغرد كل منها على ليلاه. عن دور مصر في محيطها، لا شيء يمكن الاعتداد به..ثلاث عُمرات أداها الرئيس المؤمن في أقل من ستة أشهر، مُسجلاً رقماً قياسياً، من دون أن يستتبعها بما يتعين عليه فعله، لاستعادة موقع مصر ودورها المُختطفين من بعض الإمارات والمشيخات..لا دور لمصر في معظم أزمات المنطقة وملفاتها المفتوحة والمشتعلة، اللهم إلا إذا اعتبرنا "التهدئة" على جبهة غزة، وما تبعها من حرب على أنفاقها، هي الإنجاز الوحيد للسياسة الخارجية المصرية في عهدها الإسلاموي الجديد. عن الإعلام وحرياته، ثمة سجّل أسود، وأرقاماً قياسية في مطاردة الصحفيين، وقضايا بالجملة تحت بند "إطالة اللسان"..وأنباء مصر، بتنا نعرفها من وكالة الأناضول وقنوات النفط الملوث بالملح والغبار..فيما "محاكم التفتيش" مشغولة بملاحقة هذه المحطة، ومطاردة تلك الصحيفة، والتحقق من "مقاسات" فساتين الراقصات في شارع محمد علي. هل هي نهاية المطاف، وبداية نهاية الدولة المصرية؟..من السابق لأوانه القفز إلى هذا الاستنتاج الأسود، لكن الحال إن لم يُستبدل بأفضل منه، فقد تكون هذه هي مآلات ثورة يناير، والنتيجة الوحيدة لمنهج السيطرة والاستئثار والتفرد..والمأمول أن يتدارك الإخوان، قبل غيرهم، وأكثر من غيرهم، ما يمكن تداركه، وألا تأخذهم العزة بالإثم، وأن يضعوا مصلحة مصر فوق مصلحة الجماعة، وأن يتداعوا إلى المراجعة والتفكر والتدبر، فما هم فيه وعليه، سيلحق أفدح الضرر بهم وبمصر، وستكون له أشد العواقب على مصائر وإدوار "الجماعات الشقيقة" في مختلف دول العالم العربي، ولكي لا تصبح تجربتهم الأولى في الحكم، هي ذاتها تجربتهم الأخيرة. نقلا عن موقع القدس للدراسات السياسية

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصرسنة أولى إخوان مصرسنة أولى إخوان



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon