مصــر كتفــاً ســلاح

مصــر... كتفــاً ســلاح!

مصــر... كتفــاً ســلاح!

 لبنان اليوم -

مصــر كتفــاً ســلاح

عريب الرنتاوي

صيحات التكبير والتهليل التي أطلقها سجناء تنظيم “أسود الجزيرة” من أحد سجونهم في الكويت، كانت كافية لتوفير طرف الخيط الذي أوصل إلى تفكيك الخلية الإرهابية المسؤولة عن تفجير مسجد الإمام الصادق في العاصمة الكويتية ... مظاهر الشماتة والفرحة والابتهاج التي ميزت ردود أفعال قادة جماعة الإخوان المسلمين في مصر، حيال الجريمة الإرهابية “النوعية” التي أودت بحياة النائب العام المستشار هشام بركات، كانت كافية لخلق انطباع عام، بأن للجماعة صلة بالجريمة، وعززت الشكوك التي تهيمن على عقول كثيرين بتورط الجماعة في إعمال العنف والإرهاب التي تضرب مصر من صحرائها إلى واديها.
الرئيس السيسي في خطابه أثناء مراسم تشييع المغدور، وجّه أصابع الاتهام من دون مواربة إلى “الذين أصدروا أوامر القتل من سجونهم”، هدد وتوعد، وتعهد بإطلاق يد الأجهزة الأمنية في الثأر والردع، بدا أن مصر قد دخلت حالة حرب معلنة، مفتوحة على شلال من الدماء ... مصر بعد الجريمة، ليست كما كانت قبلها، بشهادة كثيرٍ من المحللين والمراقبين ... مصر مقبلة على عشرية قاسية من السنين، قد تشبه العشرية السوداء التي ضربت الجزائر، مصر تتحضر لولوج عتبات “سيناريو الجزرة”، بل وربما تكون قد ولجته، إذ في الوقت الذي كانت فيه الأنظار تتجه صوب جريمة الاغتيال “المحترفة” التي أودت بحياة المستشار، كانت سيناء مسرحاً لحرب دامية، أطاحت بحيوات عشرات القتلى والجرحى في صفوف الجنود والمدنيين والإرهابيين، الذين كلما ظننا أنهم أُضعفوا، كلما فاجأونا بقدرتهم على مقارفة المزيد من الجرائم.
لا ندري بعد، كيف ستترجم أجهزة الدولة المصرية تصريحات الرئيس السيسي وتلميحاته، بخصوص “الأيدي المغلولة” و”القوانين المكبلة”، و”إيقاع العقاب العادل والرادع”، وإشاراته إلى “الذين أصدروا الأوامر من السجون” ... هل ستشرع السلطات بتنفيذ أحكام الإعدام بحق قيادات الجماعة”... من الواضح أن محمد حبيب نائب المرشد العام السابق، كان شديد التشاؤم في تقديره لتداعيات العملية الإرهابية على الإخوان ... هل ستعلق القاهرة أعواد المشانق لعشرات المحكومين بالإعدام من الرئيس والمرشد وكبار المسؤولين في الجماعة؟ ... هل سيعلن النظام فرض حالة الطوارئ وتجميد بقية مراحله “خريطة الطريق للمستقبل”، وتحديداً الانتخابات النيابية الموعودة قبل نهاية العام الجاري؟
أسئلة وتساؤلات تسيطر على عقول المراقبين بقلق لتطورات المشهد الداخلي في مصر، والذي تميز بتعثر “العملية السياسية” و”أفول فرص المصالحة الوطنية” وتمدد ظاهرة الإرهاب وانتشارها في طول البلاد وعرضها، وتفاقم اتجاهات التطرف والغلو في داخل جماعة الإخوان المسلمين التي تخضع لسيطرة أكثر رموزها القيادية تشدداً، وإخفاق النظام بعد عامين على ثورة يونيو في استعادة الأمن والاستقرار ووضع البلاد على سكة التوافق الوطني والإصلاح والتحديث.
مصر اليوم، وحتى إشعار آخر، تدفع ثمن تغليب سياسات الاقصاء والعنف المتبادل التي يمارسها النظام والجماعة، وغياب قنوات التواصل والحوار والتوافق والاحتواء ... فلا النظام نجح في تعبيد الطريق لعملية سياسية توافقية شاملة، تخرج البلاد من استعصاءاتها، ولا الجماعة أقدمت على إجراء المراجعات المطلوبة بعد انهيار تجربتها في الحكم، وظلت في “حالة إنكار” لكل التطورات التي أعقبت رحيل مرسي عن الرئاسة، ولم تتورع عن مد يد التعاون مع جماعات جهادية وإرهابية موصوفة، إلى أن أخذت هي ذاتها بالانزلاق على ما يبدو، في دوامة التقتيل والتفجير.
التطورات التي تشهدها “المحروسة” ستتنزّل وبالاً على مختلف الأطراف ... فالنظام لن يعرف الهدوء والأمان والتنمية من دون عملية سياسية جامعة، تسير جنباً إلى جنب مع إجراءات محاربة الإرهاب ... والإخوان سيمنون بضربات قاصمة، ستبدو معها أحداث “رابعة” و”الانقلاب على شرعيتهم” نزهة قصيرة ... والأرجح أن الجماعة التي واجهت نزفا ً حقيقاً بالسجن والقتل والتشريد والاستقالة والانشقاق، ستواجه المزيد من الشيء ذاته، ولكن بوتائر ومعدلات، أعلى مما يُظن، سيما إن أظهرت نتائج التحقيق وجود صلة ما، مباشرة أو غير مباشرة، تربط الجماعة بجريمة اغتيال بركات.
وسوف يكون للوضع الداخلي الضاغط والمتفجر في مصر، آثاره المباشرة على دورها الإقليمي وسياساتها الخارجية، ومن المتوقع أن نشهد انكماشاً لهذا الدور وتآكلاً لتأثيرات تلك السياسة ... والتجربة علمتنا أن دولاً غير مستقرة داخلياً، لن تكون قادرة على بأدوار خارجية مؤثرة، حتى وإن كانت بجحم مصر ومكانتها، انظروا إلى تآكل دور الدبلوماسية الجزائرية النشطة بعد العشرية السوداء، وانظروا كيف انحسر دور الدبلوماسية الكويتية النشطة بعد الغزو العراقي للكويت ... وستخسر بعض الساحات العربية المأزومة، دوراً مصرياً كان يمكن أن يكون إنقاذياً، بعد أن تفردت بإدارة أزماتها، دولٌ صغيرة وطرفية، مدججة بالحسابات الثأرية والأجندات المذهبية ... مصر على مفترق صعب، وكذلك المنطقة.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصــر كتفــاً ســلاح مصــر كتفــاً ســلاح



GMT 19:34 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 19:30 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 19:28 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 19:22 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 19:19 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 19:17 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 19:14 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

GMT 18:02 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان - لبنان اليوم

GMT 07:17 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
 لبنان اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 17:56 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
 لبنان اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 17:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
 لبنان اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
 لبنان اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 08:54 2022 الخميس ,02 حزيران / يونيو

جينيسيس تكشف عن G70" Shooting Brake" رسمياً

GMT 19:19 2021 الجمعة ,17 كانون الأول / ديسمبر

موضة حقائب بدرجات اللون البني الدافئة

GMT 21:00 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أملاح يلتحق بمعسكر المنتخب ويعرض إصابته على الطاقم الطبي

GMT 21:13 2023 الخميس ,13 إبريل / نيسان

موضة الأحذية في فصل ربيع 2023

GMT 18:07 2022 الأربعاء ,01 حزيران / يونيو

ساعات أنيقة باللون الأزرق الداكن

GMT 21:12 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

آخر صيحات الصيف للنظارات الشمسية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon