معاذ الكساسبة  ابن لكل أسرة أردنية

معاذ الكساسبة ... ابن لكل أسرة أردنية

معاذ الكساسبة ... ابن لكل أسرة أردنية

 لبنان اليوم -

معاذ الكساسبة  ابن لكل أسرة أردنية

عريب الرنتاوي

فجأة، احست معظم، إن لم نقل جميع العائلات الأردنية، بأن لها ابناً اسمه معاذ الكساسبة، لم تكن تعرف عنه من قبل، بيد أن سقوطه رهينة في أيدي «داعش» نزل كالصاعقة على كل بيت أردني ... طفقنا نبحث عن صورٍ له، ونجمع ما تيسير من أخبار ومعلومات حوله، فبدا لنا مألوفاً وقريباً، بل وفرداً من أفراد العائلة.
حاولنا أن نتخيل وقع الخبر على أهله وذويه، فاعتصرنا الألم مثلما اعتصرهم، وأخذتنا الدهشة والمفاجأة حتى ظننا أن ألستنا قد عقدت وعجزت عن الكلام المباح ... لكننا ونحن في لحظة الغرق بهذه المشاعر الحزينة والمؤسفة، استيقظنا على حقائق، لم نتوقف لحظة أمامها ونحن نتابع الحرب على الإرهاب وانخراط الأردن النشط فيها منذ عدة أشهر.
تذكرنا أننا في حرب، وأننا لم ندع لنزهة قصيرة، نقضيها مع عائلاتنا وأحبابنا، وما من حرب إلا وفيها من الخسائر ما يدمي قلوب الجانبين المتحاربين ... كما نعرف أن أمراً كهذا، بل وأكثر منه، قد يحدث، لكننا بشر كسائر خلق الله، نعتقد دائماً أن «الأسوأ» قد يصيب الآخرين، وعندما نصاب بمكروه، نتصرف كما لو أن الأمر قد حصل من دون استئذان، ربما لهول المفاجأة.
سقوط الطائرة، وأسر الملازم أول الكساسبة، لن يثني الدولة الأردنية عن خياراتها الاستراتيجية، أحسب أن معاذ وأهله، يعرفون ذلك، ويقبلون به ويدافعون عنه، مثلنا وربما أكثر منا جميعاً ... سقوط الطائرة حطاماً، وسقوط الأسير في أيدي «من لا يرحم» لن يحطم صمود المجتمع الأردني، ولن يضعف قدرته على مواجهة الأخطار والتحديات، بل رأينا العكس من ذلك تماماً، رأينا درجة أعلى من التماسك والتوحد خلف القوات المسلحة وسلاح الجو ومعاذ الكساسبة، وأهله وذويه، فجميعنا مصاب بالواقعة الأليمة، وجميعنا نصلي لعودة الأسير سالماً غانماً إلى أهله وذويه.
وإذا كان من الجائز أن نختلف حول قرار المشاركة في التحالف الدولي المناهض للإرهاب من قبل، فأحسب أنه بعد واقعة سقوط الطائرة وأسر الطيار، فإن هذا الخلاف يجب أن يُدفع إلى الخلف، ولا أقول يجب أن يتوقف أو ينتهي، فذلك ليس من طبيعة البشر ولا من سمات الاجتماع البشري ... أحسب أنه يتعين علينا إدارة خلافاتنا بصورة لا تمكن خاطفي الكساسبة، من الاعتقاد بأنهم حققوا نصراً، أو أنهم نجحوا في تفريق صفوفنا وإثارة البلبلة في أنفسنا أو المس بوحدة الموقف والجبهة الداخلية الأردنية ... هذه حربنا، والكساسبة أسيرنا الذي يتعين علينا أن نبذل كل جهد متاح، من أجل استرداده سالماً معافى، وفي أسرع وقت ممكن.
ننتظر إعلان داعش عن خياراتها وقراراتها، بعد سلسلة الاجتماعات التي عقدتها الجهات الأمنية والشرعية فيها بشأن الطيار الأسير ... ونأمل أن يتغلب صوت العقل والحكمة على هؤلاء، وأن يحتكموا إلى تعاليم الإسلام الصحيح في التعامل مع أسرى الحروب، وأن يفكروا بمساومات ومقايضات «واقعية»، تجعل تحرير الكساسبة أمراً ممكنا، حتى وإن اضطررنا لتجرع السم، والقبول بما لم نتمن القبول به من قبل، فالأولوية لحياة الأسير وحريته قبل أي شيء آخر.
نعرف أن «داعش» عودتنا على الرسائل الوحشية، والمطالب غير الواقعية ... رأينا شروطاً تعجيزية يتقدم بها التنظيم في مناسبات مختلفة، ومع أطراف أخرى، انتهت جميعها بكوارث، من دون أن تستفيد «داعش» شيئاً، سوى إضفاء المزيد من الوحشية على صورتها المتوحشة أصلاً ... نأمل أن يكونوا قد تعلموا الدرس، وأن يجنحوا للخيارات الواقعية في التعامل مع قضية الأسير، ونريد أن نرى بعض داعمي داعش، ومقدمي التسهيلات لها من شتى الأنواع، وقد تصرفوا بقدر من الحكمة، وسيّروا وسطائهم و»ضباط اتصالاتهم» لدى تنظيم الدولة، لتسهيل مهمة تحرير الأسير الأردني.
الأردنيون ماضون في طريقهم، ومتوحدون أكثر من أي وقت مضى، وهم إذ يعتبرون قضية معاذ الكساسبة، قضية كل واحد منهم، إلا أنهم يتخلون عن مواقعهم ومواقفهم وتحالفاتهم وأولوياتهم ... والتأكيد على هذه الحقائق، هو الذي سيختصر معاناة الكساسبة، ويضمن عودته سالماً إلى أهله وذويه.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معاذ الكساسبة  ابن لكل أسرة أردنية معاذ الكساسبة  ابن لكل أسرة أردنية



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon