مــوسكــو وواشنـطــن  حدود التلاقي والاختلاف

مــوسكــو وواشنـطــن ... حدود التلاقي والاختلاف

مــوسكــو وواشنـطــن ... حدود التلاقي والاختلاف

 لبنان اليوم -

مــوسكــو وواشنـطــن  حدود التلاقي والاختلاف

مــوسكــو وواشنـطــن ... حدود التلاقي والاختلاف
عريب الرنتاوي

في معرض تعقيبها على «تعليق» اجتماعات «جنيف 3» بين النظام والمعارضة السوريين، شددت واشنطن، ومن ورائها باريس، على ضرورة أن «تركز» موسكو ضرباتها الجوية ضد تنظيم «داعش» الإرهابي، الذي يجتمع العالم على وصفه بالخطر الأكبر الذي يتهدد الأمن والسلم الدوليين، وتفادي ضرب «المعارضة المعتدلة» و»المدنيين» السوريين ... جون كيري الذي اجتمع بنظيره الروسي كما يجتمع مع أي مسؤول دولي آخر، قال إن النظام في دمشق، مدعوماً من موسكو، برهن على تفضيله الحل العسكري على الحل السياسي للأزمة السورية. مثل هذه الانتقادات، رافقت التدخل العسكري الروسي منذ يومه الأول، حتى أن وزير الدفاع الفرنسي يظل يتتبع «النسب المئوية» المتحركة للضربات الجوية الروسية لأهداف تتبع «داعش»، مقارنة مع الضربات الموجهة لـ «المعارضة المعتدلة» و»المدنيين»، وظلت هذه النسب تراوح حول حاجز الخمسة بالمائة، إلى أن انصرف الوزير الفرنسي عن حاسبته الالكترونية، وترك «رياضيات» التدخل العسكري الروسي لغيره من «الخبراء». والحقيقة أن الضربات الجوية الروسية كما نتتبعها، وبالحدود التي تتوفر لنا معلومات حول أهدافها، أولت الاهتمام والتركيز على ضرب «الفصائل المسلحة» في المناطق الأكثر حيوية واستراتيجية من منظور أمن النظام ومؤسساته ومناطق سيطرته ... «داعش» لا تتركز في هذه المناطق، ونفوذها الرئيس يكاد ينحصر في شمال شرق سوريا ومناطق البادية الشرقية ... موسكو كما دمشق، تعتبر «داعش» تهديداً يمكنه الانتظار، بيد أن تهديد «الفصائل المسلحة» في ريف اللاذقية ومحيط دمشق وحمص وحلب وإدلب وحماة، أكثر خطورة واستعجالاً، ولهذا جاء تركيز الضربات الجوية الروسية على هذه المناطق والأهداف، مع أنها وجهت ضربات مؤلمة لداعش، خصوصاً لصناعة استخراج النفط وتكريره وتهريبه إلى تركيا. في المقابل، لم نجد اهتماماً من قبل قوات التحالف الدولي باستهداف «جبهة النصرة»، وبعض حلفائها من المنظمات التي تشاطرها ذات الخلفية السلفية الجهادية، في مناطق «سوريا المفيدة» للنظام ... هذا لا يعني أن التحالف كما يقول خصومه، على صلة قرابة مع «النصرة»، أو أنه متواطئ معها وداعم لها ... هناك «قاعدة» تحرك التحالف الدولي، مفادها أن «داعش» أخطر على السلم الإقليمي والدولي من «النصرة، ولذلك يوليها التحالف اهتماماً وتركيزاً أكبر في عملياته وضرباته الجوية ... ثم، أن التحالف، وبالنظر لتداخل مناطق سيطرة «النصرة» وتواجدها، مع مناطق سيطرة فصائل محسوبة على حلفاء واشنطن، يجري التعامل مع «النصرة» كتهديد يمكنه الانتظار... وثمة رهان لم تثبت نجاعته بعد، ما زالت واشنطن ودول التحالف تستمسك به، مفاده «دع المنظمات المتطرفة يقتل بعضها بعضاً» كما يحصل مع «النصرة» وحلفائها بين الحين والآخر ... وثمة «نظرية» أخرى، تصنف الإرهاب من حيث درجة شدته ووحشيته وخطورته، فتفضل التعامل مع الأخطر ومن ثم الأقل خطورة. روسيا قلقة من تنامي خطر الإرهاب، وهذا أمرٌ لا يمكن التشكيك فيه، وتدخلها في سوريا، ليس محصوراً فقط بدعم النظام وحفظ نظام الأسد، بل من منطلق أن سوريا «خط دفاع أول» عن أمنها واستقرارها، وعن 20 مليون مسلم هم جزء من سكانها ... ولا شك أن روسيا ما زالت مسكونة بهاجس الفراغ الناجم عن سقوط مؤسسات الدولة، والذي لم ينجح في ملئه سوى الجماعات الإرهابية. والولايات المتحدة، لا تريد أن تعطي أي هامش «استرخاء» للنظام في دمشق، حتى وإن أدى ذلك، إلى إرجاء لحظة الحساب مع «النصرة» وحلفائها ... وهي لهذا السبب تفصل التركيز على «داعش» أولاً، ومن بعد ذلك لكل حادث حديث. روسيا وواشنطن، تتقاربان حيال العديد من عناوين في الملف السوري، لكن «الشقة» ما زالت كبيرة بين الجانبين، ولا أظن أن هناك تفاهماً روسياً أمريكياً مكتملاً، أو أن هناك اتفاقا «مكتوب» بين الجانبين ينتظر الإخراج والإعلان ... ثمة تباين في الأولويات بين العملاقين، وأهم التباينات التي تباعد ما بينهما: مصير الأسد. لقد اقتربت واشنطن خطوة كبيرة من موسكو بقبولها «دور ما» للأسد في المرحلة الانتقالية ... وعلى موسكو أن تتخذ بدورها خطوة مقابلة، تتعلق بإفهام حلفائها في دمشق، بأنه من غير المقبول بحال من الأحوال، أن يظل مصير سوريا وشعبها وأزمتها، رهناً بمستقبل ومصير رجل واحد ... روسيا تستطيع أن تحمل الأسد على أكتافها لمرحلة انتقالية، لا نعرف كم ستمتد واقعياً، لكن هل من مصلحة روسيا، أن تخاصم العالم لقاء استمرارها في حمله، أبعد من ذلك؟ وكما أن موسكو مضطرة لمراعاة مواقف بعض حلفائها في الأزمة السورية: إيران اساساً، فإن واشنطن مضطرة كذلك، لأخذ مواقف حلفائها بنظر الاعتبار، وإن إلى حين (تركيا والسعودية وآخرين) ... حلفاء لا تجد العاصمتان الدوليتان من صداقتهما بُدّ، صحيح ... لكن الصحيح كذلك، أنه بوجود حلفاء من هذا النوع، لا تبدو أن أي منهما بحاجة للأعداء. ستظل الأزمة السورية تراوح بين صعود وهبوط، إلى أن تكتمل عناصر التوافق والتفاهمات الروسية الأمريكية، والتي سيكون لها وحدها، الأثر الحاسم في لجم اندفاعة الأطراف الإقليمية الفاعلة في سوريا (السعودية، إيران وتركيا)، قبل ذلك، ومن دون ذلك، سنظل ندور في حلقة مفرغة، وستظل مسار جنيف، نوعاً من «تقطيع الوقت». -

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مــوسكــو وواشنـطــن  حدود التلاقي والاختلاف مــوسكــو وواشنـطــن  حدود التلاقي والاختلاف



GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

GMT 13:57 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

نقطة ومن أول السطر.. انتهى مهرجان 45 وبدأ 46!

GMT 13:54 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

ألف سؤال.. وسؤال

GMT 13:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كنز في أسيوط!

GMT 13:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الزلزال الأمريكى

GMT 13:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

منال عوض ميخائيل!

GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon