سلفيون من دون أن ندري

سلفيون من دون أن ندري!

سلفيون من دون أن ندري!

 لبنان اليوم -

سلفيون من دون أن ندري

بقلم : عريب الرنتاوي

موجة اللجوء الأخيرة إلى ألمانيا، ربما تكون رفعت أعداد المسلمين في هذا البلد الكبير، إلى ما يقرب من خمسة ملايين مسلم، التقديرات الرسمية تتحدث عن 3.5 – 4 ملايين مسلم، قبل موجة الهجرة التى أفضت إلى إضافة مليون مسلم جديد إلى أعداد المسلمين القدامى ... الغريب أن الجهات الأمنية والبحثية الألمانية، تقدر أعداد السلفيين منهم، بأقل من تسعة آلاف، البعض يعطيك أرقاماً دقيقة، إلى درجة تشعر معها بأن لديه كشفاً بأسماء هؤلاء، ومتابعة لسجل الولادات والوفيات في صفوفهم.

لا أدري ما هي الأسس التي يجري الاعتماد عليها لتصنيف الجمهور العريض من المسلمين، وتحديد من منهم سلفيّ الانتماء والولاء، ومن منهم ليس كذلك ... هل هم «سلفيون حركيون»، تتوزعهم مساجد مصنفة على أنها سلفية، ويقارب عددها المائة مسجد في ألمانيا، تتوزع ما بين كبير وصغير، مؤقت ودائم؟ ... وكيف يمكن اعتماد معايير للفرز والتصنيف، وما هي هذه المعايير؟ ... وبهذا المعنى، ومن باب «الشيء بالشيء يذكر»، كم يبلغ عدد السلفيين في الأردن، وهل لدينا أرقام وقوائم كتلك التي يتوافر عليها الألمان على سبيل المثال؟
في ظني أن أحداً ليس بمقدوره أن يصل إلى خلاصات دقيقة في هذا الصدد ... ربما بالإمكان إحصاء أعداد النشطاء والحركيين ذوي المرجعيات السلفية، الذين تنتظمهم جمعيات وجوامع، ولديهم نشاط دعوي واجتماعي بارز ... لكن ماذا عن القاعدة الشعبية لانتشار «القراءة» السلفية في مجتمعاتنا العربية، ومن بينها الأردن، وفي أوساط الجاليات العربية والإسلامية في الخارج، ومن بينها الجالية في ألمانية؟

أحسب أن المدارس السلفية على اختلاف مشاربها، قد نجحت في «تعميم» قراءاتها الخاصة بالإسلام في أوساط القاعدة الشعبية الأوسع والأكبر ... أحسب أن «الإسلام الشعبي» في الأردن، وعديد من دول المنطقة ومجتمعاتها، وفي أوساط الجاليات، قد بات «إسلاماً سلفياً» بامتياز ... وهذا أمرٌ قد لا يظهر في استطلاعات الرأي العام ومحاولات قياس توجهاته واتجاهاته، فالكثرة الكاثرة من السلفيين، لا تعرف أنها كذلك، بعد أن باتوا يعتقدون أن هذا هو الإسلام الصحيح، وأن ما كان عليه أباؤهم وأجدادهم، في خمسينيات القرن الفائت وستينياته، وحتى أواخر ثمانينياته، لم يكن إسلاماً صحيحاً، وفي أحسن الأحوال، لم يكن إسلاماً متكاملاً.
إن مناهج قياس مستوى نفوذ ومدى تغلغل المدارس الدينية المختلفة في المجتمع، ربما تكون بحاجة لثورة حقيقية ... الأسئلة المباشرة في هذا المجال، تعطي إجابات مضللة، فالمستطلعة آراؤهم هنا، لا يجيبون إما خوفاً أو جهلاً ... علينا أن نفترض بأن هناك من يخشى تبعات «البوح» بهويته السلفية» هذه ... وهناك أناس كما قلنا، سلفيون من دون أن يدركوا ذلك ... كما أن «أسئلة المشترك» بين المذاهب والتيارات والمدارس الإسلامية، من نوع عدد مرات الصلاة في المسجد، او المواظبة على أداء صلاة الفجر في المسجد، ربما تقيس مستوى الالتزام الديني، بيد أنها لا تكفي للتفريق بين المدارس المختلفة، على هذا الصعيد.

ثمة «سرديات» يجري تداولها على نطاق واسع في المناسبات الاجتماعية، وثمة سلوكيات وأنماط في اللباس والتخاطب والعلاقة بين الجنسين، وثمة «نظرات» للموروث الديني خصوصاً في مجال التعامل مع الآخر في الدين والمذهب والجنس، انتشرت خلال السنوات الثلاثين الأخيرة وغيّرت الكثير من عاداتنا وأنماط سلوكنا  الثقافية والاجتماعية، تدفع على الاعتقاد، بأن المدرسة السلفية هي الأكثر انتشاراً من بين مختلف مدارس «الإسلام السياسي/ الحركي»، وأن هذه القراءة، هي الأكثر شيوعاً وتأثيراً في تشكيل معتقدات المسلمين عامة، والمتدينين منهم بخاصة، وهذا ما يجري اختزاله عادة، عند الإشارة إلى مظاهر التطرف والغلو، الآخذة في الانتشار في مجتمعاتنا.

حتى المدارس الإسلامية الأخرى، كالإخوان المسلمين، فقد سجّل أكثر من باحث ومختص، بأنها تعرضت لعملية «سلفنة» أو «تسليف» خلال العقود الثلاثة أو الأربعة الفائتة، واسعة النطاق، إلى الحدّ الذي كادت تمّحي معه الفوارق بين المدرستين، وربما هذا ما يفسر حالة التساكن (وأحياناً التحالف) القائمة بينهما، لا في الأردن فحسب، بل وفي العديد من الساحات والمجتمعات العربية والإسلامية.

ثم يأتي بعد ذلك، من يعرض عليك رقماً دقيقاً وصحيحاً عن أعداد السلفيين في بلاده ... أية منهجية هذه؟

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سلفيون من دون أن ندري سلفيون من دون أن ندري



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 09:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:05 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 08:48 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

أبرز العطور التي قدمتها دور الأزياء العالمية

GMT 15:27 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

علي ليو يتوج بلقب "عراق آيدول" الموسم الأول

GMT 11:57 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

برومو ”الاسكندراني” يتخطى الـ 5 ملايين بعد ساعات من عرضه

GMT 16:26 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:28 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لاستغلال زوايا المنزل وتحويلها لبقعة آسرة وأنيقة

GMT 09:37 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

طرق تنظيم وقت الأطفال بين الدراسة والمرح

GMT 14:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

متوسط أسعار الذهب في أسواق المال في اليمن الجمعة

GMT 19:03 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منى عبد الوهاب تعود بفيلم جديد مع محمد حفظي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon