هل يعتذر أردوغان من السيسي

هل يعتذر أردوغان من السيسي؟

هل يعتذر أردوغان من السيسي؟

 لبنان اليوم -

هل يعتذر أردوغان من السيسي

بقلم : عريب الرنتاوي

بعد «المصالحة المزدوجة» مع كل روسيا وإسرائيل، تتجه الأنظار صوب العلاقات المصرية – التركية، التي شهدت تأزماً بلغ حد القطيعة، إثر الإطاحة بنظام الرئيس محمد مرسي وحكم الإخوان، وتولي الجنرال عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم في بلاده ... تركيا اتخذت موقفاً عدائياً شديداً، ودخلت في معارك سياسية وإعلامية ضد نظام الحكم المصري الجديد، ورفع «السلطان» رجب طيب أردوغان «شارة رابعة» في إشارة لتضامنه مع جماعة الإخوان المسلمين المصرية، واستضافت أنقرة وإسطنبول، عدداً كبيراً من قيادات الجماعة الهاربة وكوادرها، وتحولت «عاصمة الخلافة العثمانية» إلى مقر لوسائل إعلام مصرية معادية بشدة لنظام السيسي.

في البدء، استقبلت القاهرة الهجمات التركية الشديدة عليها، بكثير من ضبط النفس، من موقع إدراك عميق، لأهمية العلاقات التركية – المصرية، والتقدير الموضوعي لدور تركيا الإقليمي الوازن ... لكن صبرها بعد ذلك أخذ في النفاذ، خصوصاً مع «تطوع» النظام التركي للتصدي لمصر في مختلف المحافل الإقليمية والدولية، وبدأت القاهرة تكيل الصاع صاعين لحكومة العدالة والتنمية، وتتهمها بالتدخل في الشؤون المصرية الداخلية، وصولاً إلى دعم بعض الجماعات الإرهابية العاملة في سيناء وفي عمق «الوادي»، إلى أن وصلنا إلى محطة «التسليم والاستلام» لرئاسة قمة منظمة التعاون الإسلامي، التي غاب عنها السيسي لانعقادها في تركيا، وتصرف الوزير المصري سامح شكري، بصورة خارجة عن مألوف البرتوكول، إذ أدار ظهره للرئيس التركي ولم يتلفظ باسمه، وغادر المنصة (والمؤتمر) قبل أن يصلها الرئيس الجديد للمنظمة.

وإذ كان من غير الواضح ما الذي تريده أنقرة من القاهرة لإعادة تطبيع العلاقات الثنائية بين البلدين (اللهم إلا إذا كانت تأخذ على محمل الجد مطلب إعادة مرسي للحكم)، فقد كانت للقيادة المصرية مطالب محددة من نظيرتها التركية، أهمها ثلاثة: أولاً؛ تسليم عناصر مطلوبة من جماعة الإخوان ومتهمة بالتورط بأعمال إرهابية في مصر ... ثانيا؛ إغلاق قنوات البث الفضائي لقوى وفصائل معادية للنظام المصري وفي مقدمها جماعة الإخوان المسلمين بالطبع ... ثالثا؛ الكف عن التدخل في الشؤون المصرية الداخلية.

ولقد شهدت الأعوام الثلاثة الأخيرة، محاولات للتوسط بين البلدين، قام بها وسطاء و»سعاة خير» إقليميون كثر إلا أن إحجام أنقرة عن الاستجابة لبعض الشروط والمطالب المصرية، ولا نقول جميعها، قد حال دون نجاح هذه الوساطات والمساعي الحميدة ... وظلت العلاقات بين البلدين على حالها المتأزم، طوال الأعوام الثلاثة الفائتة.

لا شك أن في أنقرة من يدرك كذلك، أهمية مصر وثقلها النوعي على الساحتين العربية والإقليمية، واستتباعاً، أهمية العلاقات الثنائية بين البلدين الكبيرين، على الرغم من الظروف الصعبة التي تعيشها مصر في هذه المرحلة ... لكن أردوغان الذي فُجِعَ بانهيار حكم الإخوان المسلمين، وسقوط جميع رهاناته على القيام بدور «الزعيم التاريخي» للمنطقة، قد دفعا بالرجل للتصرف من موقع «النزق» و»الغضب»، فتعطلت جميع المحاولات الرامية لرأب الصدع بين البلدين.

اليوم، ومع عودة العقل والعقلانية للسياسة التركية، وجنوح الرئيس والحكومة والحزب الحاكم، إلى المقايضات والتسويات والاعتذارات لتعظيم دائرة الأصدقاء وتقليص دائرة الأعداء، هناك من يتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة على خطوات تركية باتجاه مصر ... ويستند هؤلاء إلى التلميحات التي صدرت عن رئيس الحكومة التركية الجديد بن علي يلدريم، والتي أعرب فيها عن أمل حكومته ورغبتها في تصحيح العلاقات مع القاهرة.

قد لا يحتاج أمر تصحيح العلاقة بين البلدين إلى اعتذارات وتعويضات كتلك التي صدرت عن تركيا (باتجاه موسكو) أو تلقتها (من إسرائيل)، لكن الأمر الذي لا جدال فيه، هو أن القاهرة لن تقبل، بأن تظل إسطنبول، ساحة يسرح فيها خصومها ويمرحون، أو منصة يتناولون من فوقها، كل ما يمس مواقف وسياسات ومصالح العهد المصري الجديد.

وسيكون على الإخوان المسلمين المتواجدين في تركيا، أن يستمعوا باهتمام لما سيقوله لهم خالد مشعل عن لقائه الأخير مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حتى يتجهزوا من الآن، لأسوأ الخيارات والسيناريوهات، علماً بأن زيارة مشعل الأخيرة لتركيا، بخلاف بقية زياراته، استهدفت احتواء أية ردات فعل غاضبة، كان يمكن أن تصدر عن الحركة الفلسطينية، التي شعرت بالخذلان من دون شك.

تركيا تواصل استدارتها، وربما بوتيرة أسرع مما توقعنا وتوقع غيرنا ... والأرجح أنها لم تعد بحاجة لمواصلة دور «الراعي الرسمي» لحماس والإخوان المسلمين... اولويتها إتمام المصالحات والتسويات مع خصوم الأمس، حتى وإن أفضى ذلك إلى تضييق الخناق على الجماعة الابنة والجماعة الأم اللتين سيتعين عليهما التعامل مع وجه جديد من وجوه السياسة والقيادة التركيتين.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل يعتذر أردوغان من السيسي هل يعتذر أردوغان من السيسي



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon