لقاء عباس – رجوي أيــة رسـائـــل

لقاء عباس – رجوي... أيــة رسـائـــل؟!

لقاء عباس – رجوي... أيــة رسـائـــل؟!

 لبنان اليوم -

لقاء عباس – رجوي أيــة رسـائـــل

بقلم : عريب الرنتاوي

أن يلتقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالسيدة مريم رجوي، زعيمة مجاهدي خلق في باريس، فهذا تطور “نوعي” في العلاقات “الفاترة” أصلاً، بين منظمة التحرير والسلطات الإيرانية ... وسوف تكون لهذا اللقاء النادر، وربما غير المسبوق، ارتدادات وتداعيات خطيرة على ما تبقى من هذه العلاقات، وسيتعين على السلطة من الآن فصاعداً، أن ترقب عن كثب، كيف ستتعامل طهران مع أمرٍ كهذا، وكيف ستكون ردة فعلها، على أي مستوى وبأي وسائل وعلى أية جبهات.

لن يقلل من شأن اللقاء، قول بيان السلطة، أن الرئيس الفلسطيني وضع “الرئيسة المنتخبة للمعارضة الإيرانية”، في صورة التطورات الأخيرة على الساحة الفلسطينية، ونتائج التحركات والمبادرات التي نشطت مؤخراً بشأنها، فهذا آخر ما تريد السيدة رجوي سماعه، ولا أحسب أن الرئيس عباس بدوره، مهتم بالإصغاء لمحاضرة طويلة حول “همجية نظام الملالي ودمويته”، فلديه ما يكفيه من متاعب وهموم، بالكاد يقوى على “إدارتها” ولا نقول “حلها”.

والمؤكد أن الرئيس “لو ترك على راحته”، لما اختار اللقاء بالسيدة رجوي أبداً، وهو “الضائق ذرعاً” باجتماعات رام الله الماراثونية، والمعروف أصلاً بضيقه من هذه الاجتماعات ... لكن المصادر التي تداولت الخبر وعلقت على اللقاء، أرجعت الأمر برمته، إلى ضغوط خارجية لتوفير شبكة دعم وإسناد للسيدة رجوي و”معارضتها” في المهجر، من ضمن استراتيجية هجومية، سبق وأن تحدثنا عنها في هذه الزاوية بالذات، وتقضي بنقل المواجهة مع إيران إلى “دواخلها”، وعدم الاكتفاء بالتصدي لإيران على الساحات العربية المفتوحة لحروب الوكالة: من اليمن وحتى لبنان، مروراً بالعراق وسوريا والبحرين وغيرها.

وإذ انبرت فصائل فلسطينية محسوبة على “الممانعة والمقاومة” في دمشق، للتنديد باللقاء والتبرؤ منه، والهجوم على الرئيس عباس، متهمة إياه بـ “تسديد فواتير للسعودية”، فقد أظهرت هذه الفصائل بدورها، أنها “تسدد فواتير” لحلفائها الإقليميين، من طهران وحتى دمشق، وصولاً لضاحية بيروت الجنوبية ... وبهذا المعنى، “ما حدا أحسن من حدا”، لكننا للأسف أمام فصل جديد من فصول الانقسام الفلسطيني، ليس بين فتح وحماس هذه المرة، بل وداخل أطر منظمة التحرير وحولها كذلك.

خلال الأعوام القليلة الفائتة، بدا أن العلاقات بين رام الله وطهران، في طريقها “للتطبيع”، قام مسؤولون فلسطينيون رفيعو المستوى بزيارات متكررة لطهران، وشاركوا في مؤتمرات إسلامية ومناسبات أخرى، أحيتها العاصمة الإيرانية، وحرص هؤلاء المسؤولين، وعلى مستوى رفيع، على زيارة السفارات الإيرانية، للمشاركة في احتفالاتها بأعياد إيران الوطنية، وفتحت قنوات تواصل لى مستوى أقل، من أجل البحث في بعض أوجه التعاون بين الجانبين، ولم تكن الرئاسة الفلسطينية بعيدة عن كل هذه الاتصالات، بل كانت على علم بها، وتتابع تطوراتها، وإن كانت تعاملت بحذر وتحفظ، مع بعض من العروض الإيرانية “السخيّة”، خشية أن تكون “مفخخة” بحسابات أخرى.

لم يمنع ذلك الفلسطينيين، من المشاركة بوفود من الدرجة الثانية، في المهرجانات الباريسية التي تنظمها العاصمة سنوياً في العاصمة الفرنسية، وقد شارك وفد فلسطيني في آخر مؤتمر للمعارضة قبل بضعة أسابيع في باريس، وظلت مشاركتهم من ذات طبيعة المشاركات العربية الأخرى، كالأردن ومصر والمغرب وغيرها، وزراء سابقون ونواب وشخصيات عامة، لا صفة رسمية لها ... هذه المرة، تبدو القصة مختلفة تماماً، فالرئيس شخصياً هو من يلتقي بزعيمة “المجاهدين”، والمطلوب من اللقاء، ليس أكثر من صورة تذكارية، يجري توزيعها على الصحف والمواقع ووكالات الأنباء... لكأن هناك من يريد أن يبعث برسالة مفادها: أن “راية فلسطين” ليست حكراً على النظام الإيراني، وأن معارضي هذا النظام، جديرون بها كذلك، طالما أن فلسطين لم تعد أكثر من “راية” و”قميص عثمان” جديد، يتمسح به جميع أصحاب الأجندات المتصارعة في المنطقة.

نعرف أن ضغوطاً هائلة ربما يكون الرئيس عباس قد تعرض لها لإتمام اللقاء، ويمكن ملاحظة ذلك من “لغة الجسد وتعابيره” إذ بدا الرئيس شديد التجهم في بعض ما نشر له من صور مع السيدة “المبتسمة” ... لكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: هل كان يتعين على الرئيس أن يرضخ لتلك الضغوط ويضرب عرض الحائط، بـ “ثوابته” هو بالذات، القائمة على “عدم التدخل في الشؤون الداخلية” والابتعاد عن الصراعات والمحاور التي تضرب الإقليم برمته، وتكاد تُشعل كل دولة من دوله؟

الفلسطينيون يكثرون من ترديد معزوفة “أننا ضيوف”، و”لا نتدخل في الشؤون الداخلية” و”القضية الفلسطينية فوق الانقسامات وأكبر منها” ... بيد أن تجربة السنوات الخمس الفائتة، أظهرت أنهم لم يتعلموا دروس تجربتهم الخاصة، وأنهم كلما أكثروا من ترديد هذه الشعارات، كلما ازدادوا تورطاً في الصراعات الداخلية لدول الإقليم، وانظروا كيف انتهت علاقات حماس بكل من مصر وسوريا، وكيف ستنتهي علاقات عباس بإيران، وقبلها كيف جرى اعتماد سياسات انتقائية وتفضيلية للتعامل مع الكيانات السياسية التونسية، وغير ذلك كثير.

إيران ستنظر للقاء باريس الرئاسي، بوصفه ضربة فلسطينية “تحت الحزام”، وسترد عليه بضربة من “تحت الحزام كذلك”، وسنرى ذلك في أرقام الدعم التي ستقدم لفصائل واجنحة وكتائب فلسطينية، بمن فيها بعض تلك التابعة لفتح والسلطة والمنظمة، وستجد من بين الفلسطينيين، من “سيتطوع” للقيام بذلك، بكل أريحية وحماسة.

قد يقول قائل: إن إيران تتدخل في الشؤون الفلسطينية الداخلية قبل اللقاء، وأنها ستستمر بالتدخل بعده، وهذا صحيح، بل وصحيح للغاية، ولكن من قال إن لقاء عباس – رجوي سيلجم هذه التدخلات، ومن قال إن الانخراط النشط في محور ضد محور آخر، يمكن أن يكون سياسة فلسطينية صائبة، وهل أنجز الفلسطينيون جدول أعمالهم الحافل بالتحديات والخصومات، حتى يضيفوا إلى قائمة أخصامهم، دولة بحجم إيران، المعروفة بميلها التوسعي من جهة، وقدراتها الضخمة على التدخل والتوسع من جهة ثانية.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لقاء عباس – رجوي أيــة رسـائـــل لقاء عباس – رجوي أيــة رسـائـــل



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon