“النكاية” بديلاً عن السياسة

“النكاية” بديلاً عن السياسة

“النكاية” بديلاً عن السياسة

 لبنان اليوم -

“النكاية” بديلاً عن السياسة

بقلم : عريب الرنتاوي

تتحول السياسة إلى “نكاية” في عالمنا العربي، حتى التصويت في الانتخابات العامة، والمفروض أنه يحتكم للبرامج والتوجهات، يأخذ طابعاً “نكائيا” مناكفاً، في بعض الأحايين .

.. في فلسطين صوتوا لحماس نكاية بفتح، وفي لبنان، صوتوا لقوائم عوائلية ومدنية، نكاية بالأحزاب السياسية الكبرى، أحزاب الطوائف وأمرائها، وكذا الحال في أماكن وأوقات أخرى.

أهل السلطة الفلسطينية، بعضهم على الأقل، فرحون بالتقارب التركي – الإسرائيلي، تشتم ذلك من رائحة تعليقاتهم وردود أفعالهم، وكتاباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي “الكاشفة” لبواطن الأمور وظواهرها ... مع أن تقارب دولة إقليمية بحجم تركيا مع إسرائيل، أمر ينبغي أن يدفع على القلق والتحسب، وليس على البهجة والحبور ... أما لماذا هم فرحون بهذا التقارب، فـ “نكاية” بحماس، التي بلغت علاقاتها بأنقرة، حداً عظيماً في السنوات الأخيرة، وأصبحت بعد القطيعة مع إيران، أهم حليف إقليمي للحركة.

الشعور ذاته، تجده عند بعض أنصار “محور المقاومة والممانعة”، الذي نشأ بحكم تعريفه، على قاعدة العداء لإسرائيل ومقاومتها ... ثمة احتفالية مضمرة، بعودة العلاقات بين أنقرة وتل أبيب إلى طبيعتها، مع أن اقتراب دولة بحجم تركيا وهرولتها صوب إسرائيل، أمر ينبغي أن يتسبب بانزعاج هؤلاء ... لكنهم وقد أبرموا فيما بينهم، أوراق “الوكالة الحصرية” لـ”المقاومة والممانعة”، لا يريدون لأحدٍ أن يشاطرهم وكالتهم هذه، ولا يترددون في إظهار الفرح الشامت بـ “عودة الابن الضال” إلى أحضان معسكره القديم، وكل ذلك على خلفية الأزمة السورية وانقساماتها السياسية والمذهبية العميقة، التي أطاحت بالعقل والوعي، قبل أن تزهقأرواح مئات ألوف الأبرياء في أتونها الدامي.

تعددت الأسباب و”النكاية” واحدة ... أركان في 14 آذار، يجهدون اليوم لـ “تبرئة” داعش من “فرية” استهداف قرية القاع المسيحية البقاعية/ الشمالية ... مع أن الهجمات الانتحارية المتعددة التي شهدتها البلدة، تنهض كشاهد بشع ودامٍ على ضراوة الاستهداف، الذي لا هدف من ورائه، سوى القتل من أجل القتل، وترويع الأبرياء وضرب نظرية الأمن اللبناني وإشاعة الفوضى والانقسامات الطائفية والمذهبية والتحريض على فريق من اللبنانيين ... حزب الله وجدها مناسبة لتأكيد مقولته القديمة بأن لبنان مستهدف من قبل “الدواعش” الكثر، سواء صعد بمقاتليه إلى سوريا أم بقي في خنادقه في لبنان ... هذا أمر لا يروق لساسة لبنانيين من المعسكر الآخر، فتراهم ينبرون لتفنيد مقولة الحزب، حتى وإن اقتضى الأمر، إصدار صكوك غفران للتنظيم الإرهابي من تهمة استهداف البلدة المسيحية، كل ذلك من باب “النكايات” و”المناكفات”، لا أكثر ولا أقل.

داعش” يتفوق على نفسه في عملية الكرادة الإرهابية، من حيث “إدارة التوحش”، وهو الذي لم يعد يجد من ينافسه أو يتفوق عليه، من بين جميع الجماعات الإرهابية ... إحدى صحفنا المحلية، تفضل الصدور بمانشيت يتحدث عن “طرد العبادي” من الكرادة التي جاءها متفقداً، ولكأن هذه الواقعة، هي “الخبر”، مع أن جوهر الخبر، يقع في مكان آخر، حيث تتناثر أشلاء مئات العراقيين من الجرحى والشهداء، لكن مقتضيات “النكاية” تقتضي تركيز الانتباه في مكان آخر، طالما أن رئيس الوزراء العراقي، ينتمي لمعسكر آخر ومذهب مغاير.

في مصر، يبدو منطق “النكايات” حاكماً لسلوك بعض السياسيين من المعارضات المهجوسة بـ “عقدة السيسي”... ترى أخبارهم وتصريحاتهم تتمنى الخراب لمصر والمصريين، طالما ظل السيسي متربعاً على رأس هرم السلام في “المحروسة”، لا تمييز هنا بين “وطن” و”مصالح وطنية” و”ثوابت”، وتكتيكات سياسية، ولا فرق بين خلاف مع النظام وصراع من أجل السلطة من جهة، وحرب على الدولة والكيان والشعب من جهة ثانية ... من بعدي الطوفان، هو الشعار النظام لعمل هؤلاء وتفكيرهم ... و”النكاية” هي البديل الوحيد للسياسة في سلوكهم ومواقفهم ... وما ينطبق على الحالة السورية بـ “قراط واحد”، تجده متجلياً على الساحة السورية بـ “24 قيراط” ... هنا النكاية، والنكاية وحدها، هي من يحكم سلوك قوى محتربة ومصطرعة، دخلت منذ أعوام في لعبة “الخيار الصفري”.

في زمن “حروب الجميع ضد الجميع”، لا منطق يحكم السياسة والمواقف، ولا تمييز بين “عدو حقيقي” وآخر “مفتعل” أو “مفبرك” ... في زمن الانقسامات والصراعات المذهبية والطائفية و”الاقوامية”، يغيب العقل والمنطق، وتغيب السياسة، لتحل محلها النكايات والمناكفات.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

“النكاية” بديلاً عن السياسة “النكاية” بديلاً عن السياسة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 09:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:05 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 08:48 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

أبرز العطور التي قدمتها دور الأزياء العالمية

GMT 15:27 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

علي ليو يتوج بلقب "عراق آيدول" الموسم الأول

GMT 11:57 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

برومو ”الاسكندراني” يتخطى الـ 5 ملايين بعد ساعات من عرضه

GMT 16:26 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:28 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لاستغلال زوايا المنزل وتحويلها لبقعة آسرة وأنيقة

GMT 09:37 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

طرق تنظيم وقت الأطفال بين الدراسة والمرح

GMT 14:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

متوسط أسعار الذهب في أسواق المال في اليمن الجمعة

GMT 19:03 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منى عبد الوهاب تعود بفيلم جديد مع محمد حفظي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon