لبنان على خط النار مع الإرهاب

لبنان على خط النار مع الإرهاب

لبنان على خط النار مع الإرهاب

 لبنان اليوم -

لبنان على خط النار مع الإرهاب

بقلم : عريب الرنتاوي

تحتدم المواجهات متعددة الأطراف في القلمون الغربي، على جبهة الحدود السورية اللبنانية، بين الجيش السوري وحزب الله والجيش اللبناني من جهة، وعناصر داعش وجبهة النصرة ومن يتبعهما من جهة ثانية ... رسمياً الجيش اللبناني لم يدخل المعركة بعد، وهو لا ينسق مع نظيره السوري أو مع حزب الله، لاعتبارات تتعلق بالانقسام اللبناني الداخلي، لكن عملياً، يدرك الأعمى والبصير، أن تنسيقاً متقدماً يجري على قدم وساق بين هذه الأطراف، وإلا لما تزامن هجوم الجيش السوري وحزب الله، مع استكمال الجيش اللبناني نشر وحداته وحشد قواته وأخذ استعداداته.

مواقف بعض اللبنانيين تتكشف عن قدر من “الطهرانية” المُدّعاة، والتي لا مطرح لها في عالم المصالح والسياسية ومقتضيات الميدان ... فهم يؤيدون قيام الجيش بعملية لتطهير جرود عرسال من الإرهاب والإرهابيين، شريطة ألا ينسق مع الطرف الآخر من الحدود، حيث تنتشر داعش والنصرة على مساحة تقارب الثلاثمائة كيلومتر مربع، موزعة على ضفتي الحدود بين البلدين ... وهؤلاء يطالبون حكومة بلادهم، ومعظمها ممثلون فيها، بحل مشكلة اللجوء السوري الكثيف على الأرض اللبنانية، من دون “صلح أو تفاوض أو اعتراف” بالنظام السوري ... لكأنهم يريدون أحداً غيرهم، ان ينوب عنهم في التصدي لهذه الملفات حتى لا تمس “طهارتهم” بأي خدش أو دنس.

نحن أمام بازار مفتوح للمزايدات، أفرقاء كثر لا يريدون إزعاج حلفائهم الإقليميين، فيترفعون على مخاطبة الحزب أو دمشق، حول قضايا لا يمكن حلها أو حتى بحثها، من دون ضوء أخضر من الطرفين وحلفائهما الإقليميين والدوليين، وأقصد على نحو خاص، إيران وروسيا ... وإذا كانت مثل هذه المواقف “المترفعة” و”المتعالية” قابلة للفهم والتفهم، في الأعوام 2012-2104، فإنها بعد التدخل الروسي في سوريا (أيلول 2015)، وبعد تطورات العام الفائت على وجه الخصوص وما شهده من تحولات في المواقف الإقليمية والدولية من الأزمة السورية، ومن ضمنها التقارب الروسي الأمريكي بشكل أخص، لم تعد ذات مغزى وهي فاقدة لقيمتها السياسية.

الأنباء عن جبهة القلمون الغربي، تتسارع على نحو مثير، والتقدم الذي سجله الجيش السوري والحزب اللبناني، ينبئ بأننا أمام معركة قد لا تطول ... وسيتعين على الجيش اللبناني، من منظور ميداني صرف، أن يتتبع مجريات المعارك الدائرة هناك، وأن ينسق عملياته مع الجانب الآخر، أقله لتفادي أي احتكاك بين القوات المتحاربة فوق رقعة صغيرة  من التلال... لكن المؤسف أن بعض اللبنانيين ما زال يتصرف بحسابات “البقّال” ومنطق الحارات والمصالح الضيقة.

حتى بعض التغطيات الإعلامية اللبنانية والحليفة، ما زالت تتحدث عن عناصر النصرة وداعش، بوصفها جماعات مسلحة وقوات معارضة، مع أنها عصابات إجرامية بغطاء “جهادي”، حتى أن أحد قادتها أبو مالك التلي، لم يتردد في تقديم صفقة للجانب اللبناني، يخرج بمقتضاها هو وأتباعه إلى تركيا عبر مطار بيروت، مصطحباً معه ثلاثين مليون دولار، جمعها من أموال “الفدية” والدعم المباشر الذي طالما تلقاه من جماعات وحكومات عربية تتبادل الاتهامات فيما بينها اليوم، حول من يدعم الإرهاب ومن يقاومه.

لن تكون للبنان مع سوريا، منطقة “تخفيف تصعيد”، فالحدود باتت مسيطراً عليها من قبل الجيش السوري و”القوات الرديفة”، وعندما تنتهي عملية جرود عرسال، ستكون السيطرة كاملة على كامل خط الحدود، لكن لبنان بحاجة لترتيبات لتفكيك مخيمات اللجوء السوري العشوائية، وإعادة مئات الألوف منهم إلى وطنهم، وكثير من هؤلاء دفعتهم الضائقة الاقتصادية، وليس الحرب أو الاعتبارات الأمنية للجوء إلى لبنان، وجزء كبير منهم، يقوم بزيارات إلى سوريا ليعود منها لمواصلة أعماله أو للاستمرار في تلقي المساعدات الدولية.

لهذا لا بد من التنسيق المباشر أو غير المباشر، مع الحكومة السورية أساساً من أجل إنجاز ترتيبات عودة هؤلاء، وهذا ما أدركه رئيس الجمهورية الذي كلف أحد قادة الأجهزة الأمنية اللبنانية، القيام بالمهمة بعيداً عن الأضواء، واللواء عباس إبراهيم، هو رجل أمن وسياسة في الآن في ذاته، وهو يحتفظ بعلاقات وثيقة مع كل أطراف الأزمة السورية، ومع دول عربية وإقليمية متحاربة فيما بينها ... أما الاكتفاء بالقول: سنرمي كرة اللاجئين في ملعب الأمم المتحدة، فعلى اللبنانيين أن يدركوا، وهم أصحاب تجربة في هذا المجال، بأن المنظمة الدولية أعجز من أن تنجح في فتح ملفٍ هذا الحجم.

لقد أنجز الأردن مع كل من روسيا والولايات المتحدة اتفاقاً ثلاثياً لتخفيف التصعيد على الجبهة الجنوبية، وجود روسيا على الخط، كفل تنسيقاً غير مباشر مع دمشق وحلفائها، ووجود أميركا بدوره، كفل مصالح إسرائيل وحساباتها، بصرف النظر عن تراجعات نتنياهو عن الاتفاق في أثناء زيارته الباريسية، والمأمول أن يأخذ الاتفاق طريقه إلى حيز التنفيذ، وأن ينتهي بإعادة 200 – 300 ألف لاجئ سوري إلى بلدهم.

الشيء ذاته، بمقدور لبنان أن يفعله في ملف اللاجئين، فإن كان هناك حرج شديد من حل المشكلة في الإطار الثنائي السوري - اللبناني، فإن إشراك موسكو وواشنطن، كفيل بضبط إيقاع بقية الأفرقاء، وفتح قنوات تواصل غير مباشرة مع كل الأطراف ذات الصلة، وتفكيك هذه العقدة، بعيداً عن الحسابات والمزايدات الداخلية، التي وإن أفادت حزباً أو جماعة بعينها بعض الشيء لبعض الوقت، إلا أنها ستلحق الضرر بكل لبنان طوال الوقت.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان على خط النار مع الإرهاب لبنان على خط النار مع الإرهاب



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 17:54 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 لبنان اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد

GMT 21:25 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 06:17 2014 الثلاثاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

السيسي يجدد دماء المبادرة العربية

GMT 09:55 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي سعد لمجرد يُروج لأغنيته الجديدة "صفقة"

GMT 08:41 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

مكياج مناسب ليوم عيد الأم
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon