عندما يعجز التحليل السياسي عــن فـــهــــم أردوغـــــان

عندما يعجز "التحليل السياسي" عــن فـــهــــم أردوغـــــان

عندما يعجز "التحليل السياسي" عــن فـــهــــم أردوغـــــان

 لبنان اليوم -

عندما يعجز التحليل السياسي عــن فـــهــــم أردوغـــــان

بقلم : عريب الرنتاوي

يعجز “التحليل السياسي” عن تفسير وفهم كنه الهجوم الشخصي اللاذع، الذي شنّه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ضد رئيس الوزراء العراقي الدكتور حيدر العبادي، الذي تجاوز أخلاقيات التخاطب وآداب البروتوكول وأبسط حسابات “حسن الجوار” ... نحن هنا بالذات، ربما نكون بحاجة لـ “تحليل نفسي” للرجل وما صدر عنه من انفعالات، تشعرك بأنك بإزاء حالة مرضية تستوجب المعالجة.

“من أنت”؟ ... “أنت لست نداً لي ولا في مستواي” ... “إلزم حدودك” ... غيض من فيض ما قيل في لحظة اهتياج وهذيان، لا يليق برئيس دولة إقليمية كبرى، وينتمي إلى القاموس السياسي للعقيد معمر القذافي (مجنون ليبيا على حد وصف السادات)، وصديق أردوغان حتى الأسابيع الأولى من اندلاع الثورة الليبية.

الغطرسة وجنون العظمة، هي بعض عناوين “التحليل النفسي” الذي نقترح على المختصين الإسراع في إجرائه، بما في ذلك “لغة الجسد” و”ملامح الوجه المتغيرة بتسارع شديد” ... غطرسة سرعان ما تتحول إلى نقيضها، عندما يجد صاحبها نفسه أمام قوى أكبر منه، وقادرة على تلقينه دروساً قاسية، ألم نشهد ذلك في رسائل الاعتذار لموسكو وفي الهرولة الزاحفة صوب تل أبيب زمن الاستدارات والمصالحات الكبرى؟

العراق في وضع لا يحسد عليه ... هنا يمكن للتنمر والغطرسة أن يصلا أبعد ذروة، لا خشية من ردة فعل، ولا خوف من أثمان تدفع، أقله في المدى المنظور، إذن لماذا لا يقذف الزعيم، بكل ما في جوفه من عبارات التنّمر ومشاعر العظمة والتفوق والكراهية المذهبية والأحلام والطموحات المستقاة من بطون الكتب العثمانية الصفراء القديمة ... لماذا لا يذهب باستعراضاته حتى منتهاها طالما أن “لا ضريبة على ممارسة هذه الطقوس” بخلاف الحال مع روسيا وإسرائيل.

على أية حال.تصر الرواية التركية على أن وجود قوات لها في معسكر بعشيقة، أنما جاء استجابة لطلب من الحكومة العراقية أو استناداً إلى توافق ثنائي بين الجانبين ... الرواية التركية، طالما لوحت بنشر بالبراهين والأدلة على وجود تفاهم أو طلب من هذا النوع، من دون أن تفعل شيئاً حتى الآن، وهو أمرٌ تنفيه حكومة بغداد جملة وتفصيلاً.

تعود الرواية التركية في أحيان أخرى، لطرق أبواب أخرى لـ “شرعنة” وجودها العسكري في العراق، فتلقي بالكرة على كاهل حكومة إقليم كردستان ... حكومة الإقليم، تتحدث “علم” وزارة الدفاع العراقية بوجود المعسكر، ولا تتحدث عن طلب أو اتفاق مع أنقرة على استجلاب القوات ... المؤكد أن أنقرة استجابت لطلب “الأخوين النجيفي، أسامة وأثيل”، للمساعدة في تشكيل ميليشيا سنية، تخضع لإمرتهما، وهما اللذان، خاضا معارك طاحنة مع كثير من الأطراف العراقية، بمن فيها أطراف سنيّة، دع عنك حكايات الفساد، التي يصعب أن تجد سياسياً عراقياً واحداً غير متهم به.

بصرف النظر عن النظر عن الظروف التي لابست نشر القوات التركية على الأرض العراقية، فقد انتهى الأمر بعد أزيد من عامين على وجودها، أن طلبت الحكومة العراقية “الشرعية” رسمياً ولمرات عدة، من هذه القوات أن تعود إلى وطنها ... وأيد البرلمان العراقي بغالبيته العظمى، الموقف الحكومي، وباستثناء “الأخوين النجيفي”، لاذت المكونات السنية بالصمت أو أيدت بصوت خفيض الموقف الحكومي من أنقرة ... خمسة أحزاب كردية من أصل ستة أحزاب كبرى، أصدرت بياناً مشتركاً تطلب فيه إلى أنقرة سحب قواتها ... أكثر من ثلاثة أرباع الشعب العراقي، لا يريد هذه القوات .... ومع ذلك، ما زالت أنقرة، تصر على تقديم “المساعدة” للعراقيين، رغم أنوفهم.
ولكيلا تدع بغداد مجالاً للشك في جدية طلبها، توجهت إلى الجامعة العربية ومجلس الأمن الدولي، من دون أن يحرك ذلك ساكناً في أنقرة، بل زادها صلفاً وغطرسة وإنكاراً، وبلغ الأمر حد الإعراب عن “الدهشة” لهذا المطالبات العراقية، واعتبار الوجود التركي العسكري في شمال العراق من النوع غير الخاضع للجدل، إلى أن انتهينا بالحملة الشخصية المهينة لرئيس الوزراء والدولة والشعب العراقي التي صدرت عن أردوغان أمس الأول.

لدى العراق أوراق قوة كثيرة يمكنه اللجوء إليها في مواجهة تركيا ... تبدأ بقطع العلاقات وسحب السفراء أو تخفيض التمثيل الديبلوماسي والبحث عن مخارج جديدة للنفط العراقي وأسواق جديدة للواردات العراقية، تجارة العراق مع تركيا تزيد عن 15 مليار دولار، بمقدور بغداد أن تستغني عنها، إن هي قررت المضي في التصدي لما وصفته بـ “قوات الاحتلال التركي” ... سيتأذى العراق بعض الشيء، لكن الخبراء يؤكدون أن خطة الاستجابة الاقتصادية والنفطية، لقرارات من هذا النوع، ستجعل تركيا وليس العراق، من سيتضرر ويعتذر.

العراق منهمك حالياً في مطاردة داعش، وتخليص البلاد من شرورها ... وهذه مهمة قد تتحقق عسكرياً مع نهاية العام الجاري، لتظل في جوانبها الأمنية والفكرية والاجتماعية والسياسية، بحاجة لسنوات طوال... أردوغان، يقامر بإثارة غضب كثير من العراقيين، عرباً وكرد، سنة وشيعة، المسألة دخلت أو ستدخل قريباً في سياق “الكرامة والسيادة الوطنيين”، ولتركيا في العراق، قاعدة عريض من “الكارهين”، من المرجح أن تتسع في ضوء هذه المواقف والتصريحات الفوقية الاستعلائية المقيتة ... وأحسب حينها، أن أردوغان نفسه، سيبادر إلى إعطاء الأوامر لقواته بالانسحاب، فهو شخصياً وليس العبادي، القائد الأعلى لهذا القوات، وهذه وحدها الجملة المفيدة اليتيمة التي قالها الرجل في لحظة نادرة من لحظات الانفعال والهذيان.

الولايات المتحدة وتحالفها الثلاثيني لم تستطع أن تبقى في العراق لأكثر من خمس سنوات، وعلى الرئيس التركي أن يبرهن بأنه قادر على البقاء هناك، مدة أطول ... الأيام وحدها ستجيب على هذه الرهانات، وهي وحدها الكفيلة بوقف كل من تجاوز حدود بلده عن حده.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عندما يعجز التحليل السياسي عــن فـــهــــم أردوغـــــان عندما يعجز التحليل السياسي عــن فـــهــــم أردوغـــــان



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon