ما الذي تريده إسرائيل للبنان

ما الذي تريده إسرائيل للبنان؟

ما الذي تريده إسرائيل للبنان؟

 لبنان اليوم -

ما الذي تريده إسرائيل للبنان

بقلم : عريب الرنتاوي

يعيش اللبنانيون، المثقفون منهم على وجه الخصوص، تداعيات صدمة القبض على المخرج والممثل المسرحي المعروف زياد عيتاني بتهمة التخابر مع "الموساد" الإسرائيلي ... وبين مُصدق للخبر ومُكذب له، تمضي التحقيقات مع المتهم، وتتوالى اعترافاته، لتكشف جانباً من "مستور" النوايا الخبيئة والخبيثة للإسرائيليين حيال لبنان وأهله.

لا شيء مثير للدهشة في حكاية تجنيد العيتاني ... القصة باتت معروفة، فتاة جميلة تتواصل بك عبر شبكات التواصل الاجتماعي، تطلب صداقتك وتحاورك في الشأن العام، وتسعى في "تخليق" مشتركات بينك وبينها، ولا بأس من ممارسات جنسية حميمة عبر أثير الفيسوك والمسانجر، تنتهي إلى ابتزازك بنشر "غسيلك الوسخ"، وإن كنت تورطت في البوح بما تعتقده معلومات حساسة عن جهات خاصة أو عامة، سيُستخدم ضدك ولابتزازك ... هذا ما حصل مع المخرج الشاب، المعروف في الأوساط الفنية والثقافية والسياسية.

لكن ما يثير الاهتمام حقاً في قصة العيتاني، أن "مشغلته"، الضابطة الحسناء في "الموساد" الإسرائيلي كوليت فيانفي، كلفت "الفنان" بالتقرب من شخصيتين لبنانيتين سنيتين معروفتين، وإن معسكرين مختلفين ... الأول، هو وزير الداخلية الحالي وأحد المقربين من الرئيس سعد الحريري، نهاد المشنوق، من خلال مدير مكتبه محمد بركات ... والثاني، هو الوزير السابق عبد الرحيم مراد، الناصري السابق، من خلال نجله حسن، الذي صادف أنه من معارف المخرج – المتهم.

لا أدري لماذا استعجلت الأجهزة الأمنية لإلقاء القبض على العيتاني، وهو الذي كان على موعد مع الضابطة الإسرائيلية في لبنان بعد بضعة أيام، في فندق البستان الجميل، في بلدة برمانا الجبلية المذهلة، حيث كان بالإمكان ضبط "المُشغل" و"المشتغل به" بالجرم المشهود، بما يمثل جائزة كبرى للبنان وأجهزته الأمنية ... يبدو أن ثمة تفاصيل عديدة، لم نعرفها بعد عن مجريات التحقيق.

السؤال الذي يجد إجابته من دون بحث وكبير عناء، هو: لماذا تهتم إسرائيل بجميع بيانات تفصيلية عن مسؤوليين لبنانيين، ليسا مندرجين في قائمة أعدائها الألداء، وهما بكل تأكيد ليسا متورطين في أية أعمال "إرهابية" ضدها، ولا من يومياتهما، متابعة تجنيد وتدريب وتسليح وتمويل، خلايا المقاومة في الضفة والقدس وقطاع غزة وداخل الأخضر ... وإذا كان الوزير مراد من بيئة حزب الله السياسية، فإن الوزير المشنوق، من زعماء المعسكر المناهض لحزب الله البارزين.

التفسير الذي يُجمع اللبنانيون عليه، هو أن إسرائيل باستهدافها لهاتين الشخصيتين أو أي منهما، تسعى في إشعال الصراع المذهبي في لبنان ... وإعادة البلاد إلى مناخات "حرب الاغتيالات" التي أعقبت اغتيال الرئيس رفيق الحريري في العام 2005 ... لو أن "المُشغلة" الحسناء، وصلت إلى بيروت، واستطلعت أهدافها، وأعطت أوامرها لفرق القتل والتنفيذ والاغتيال، لكان لبنان، غرق في بحر من الفوضى وحروب الاتهامات، ولكان انزلق إلى المستنقع الذي أُريد له أن ينزلق إليه، بعد حكاية الحريري وغيبته واستقالته وبقية القصة المعروفة.

تعلمنا هذه الواقعة، التي تتولاها أجهزة أمنية غير محسوبة على فريق حزب الله وجماعة 8 آذار، أن إسرائيل يمكن أن تتورط  في مسلسل اغتيالات، ويمكن أن تطيح بوجوه وزعامات وشخصيات، ليست من نادي "مقاوميها"، بل من خصومهم ... فكيف يجرؤ كثيرون على رفض التفكير بمسؤوليتها عن جرائم سابقة وقعت في لبنان، وكانت سبباً في انقسام أبنائه واصطراعهم، ووصولهم إلى حافة الحاوية منذ العام المشؤوم لاغتيال الحريري.

قد يتقبل كثيرٌ من اللبنانيين اليوم، فرضية أن إسرائيل تخطط لإذكاء الفتنة الطائفية والمذهبية في لبنان، في ضوء التحقيقات التي جرت مع زياد عيتاني، ولكن أغلب هؤلاء، ما كانوا ليصدقوا هذه الفرضية، أو حتى يستمعوا لهذه الرواية، لو أنها كشفت بعد اغتيال المشنوق ومراد – أمدّ الله في عمريهما – قبل الجريمة الرواية قابلة للتصديق، أما بعدها، فهيهات أن تجد من يصغي لها.

قديماً كنا نحمّل إسرائيل وزر أي جريمة من هذا النوع، باعتبار أنها صاحبة مصلحة، وأن ذراعها طويلة، ورغبة منّا في البحث عن "مشجب" نعلق عليها أخطاءها وخطايانا ... لكن السنوات العشر الأخيرة، شهدت بروز ظاهرة معاكسة تماماً: فأي اتهام لإسرائيل في حالات من هذا النوع، يقابل بالسخرية والتشكيك، وننسبه إلى من نرى فيه خصماً من أهل البيت أو الأشقاء والأصدقاء والجيران ... إن أنت قلت أن اسرائيل تدعم النصرة، قوبلت بالإدانة والاستهجان، وأن أنت إشرت إلى دور إسرائيلي في العراق أو سوريا أو لبنان أو في الانقسام الفلسطيني، قيل لك أن تبحث عن مشجب، وأنك "تغمس خارج الصحن"... تصدمنا التحقيقات مع العيتاني وأمثاله كثر في لبنان على وجه الخصوص، من دون أن تعدل في أنماط تفكيرنا، أو تعيد توجيه بوصلتنا صوب الخطر الحقيقي والتهديد الماثل.

ميزة لبنان، ان لديه مساحة واسعة من الحرية، تسمح بنشر التحقيقات والكشف عن المعطيات أولاً بأول ... ما يجري في لبنان، يجري مثله وأضعافه في معظم إن لم نقل جميع الدول العربية، ولكن بصمت ومن وراء أبواب موصدة ... لا نعرف عنها سوى القليل الأقل ... وربما لدى لبنان، أجهزة أمنية أكثر احترافية في الكشف عن شبكات التخابر والتجسس مما هو عليه الحال بالنسبة لدول عربية أخرى ... وربما لبنان مستهدف إسرائيلياً أكثر من غيره، لوجود حزب الله على أرضه ومن بين شعبه، وهو الكابوس الذي تحسب له إسرائيل ألف حساب، حتى وإن خرج علينا من يحاول إقناعنا، بأنه "أداة إسرائيل وذراعها"، طالما هو "أداة إيران وذراعها".

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما الذي تريده إسرائيل للبنان ما الذي تريده إسرائيل للبنان



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان - لبنان اليوم

GMT 07:17 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
 لبنان اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
 لبنان اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
 لبنان اليوم - اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:51 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

طرح فيلم "الإسكندراني" لأحمد العوضي 11يناير في سينمات الخليج

GMT 22:27 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

شاومي يطرح حاسوب لوحي مخصص للكتابة

GMT 14:06 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حمية مستوحاة من الصيام تدعم وظائف الكلى وصحتها

GMT 15:32 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 14:00 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

أفخم 3 فنادق في العاصمة الايرلندية دبلن

GMT 05:39 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار لتنسيق أزياء الحفلات في الطقس البارد

GMT 05:24 2022 الأحد ,10 تموز / يوليو

قواعد في إتيكيت مقابلة العريس لأوّل مرّة

GMT 12:50 2022 الإثنين ,18 تموز / يوليو

ببغاء يُفاجئ باحثي بممارس لعبة تُشبه الغولف

GMT 07:05 2014 الخميس ,03 تموز / يوليو

إلغاء الانتخابات؟

GMT 20:09 2021 الإثنين ,26 تموز / يوليو

مهرجان الرقص في دورته الثانية في صور

GMT 20:24 2019 الثلاثاء ,18 حزيران / يونيو

كارمن سليمان تستفز الجمهور بصورها مع ابنها
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon