فائض جنون أم فائض انتحاريين

فائض جنون أم فائض انتحاريين؟

فائض جنون أم فائض انتحاريين؟

 لبنان اليوم -

فائض جنون أم فائض انتحاريين

بقلم: عريب الرنتاوي

حتى بالنسبة لأولئك الذين يؤمنون بأن “الأضرحة” ضرب من الشرك بالله، وهم كثر، بدا استهداف الحرم النبوي الشريف في المدينة المنوّرة من قبل انتحاريي “داعش”، ذروة الجنون والفلتان ... فمن يجرؤ على استهداف ثاني أقدس مسجد للمسلمين في العالم، وفي الأيام الأخيرة من شهر رمضان المبارك، حيث تعج المدينة بمئات ألوف المصلين والمعتمرين، الذين يأتون إليها “على كل ضامر” ومن كل “فج عميق”.
كنا قرأنا مواقف منسوبة لـ “تنظيم الدولة”، تضع الحرمين الشريفين في دائرة استهدافاتها ... ولقد شهدنا على شاشات التلفزة ومواقع التواصل الاجتماعي، أفلاماً توثق تدمير “داعش” لمراقد الصحابة والأولياء والأنبياء من دون أن تطرف لهم عين أو يهتز لهم رمش ... دع عنك استهدافهم المنهجي المنظم، لكل الإرث الإنساني في سوريا وبلاد الرافدين ... لكننا لم نصدق أن أحداً ستبلغ به “الجرأة” حد التطاول على قبر نبي المسلمين، وفي الأواخر من رمضان، وبحزام ناسف، يستهدف المسلمين الركع السجود.

صحيح أنها ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها الحرمان الشريفان، إلى الاعتداء والاستهداف ... فقد سبق للكعبة المشرفة أن تحولت لمسرح قتال مع جهيمان العتيبي في نوفمبر 1979، وقبلها قيل وكتب الكثير عن الحجاج وعبد الله بن الزبير، وتناول التاريخ حكاية القرامطة مع الحجر الأسود ... لكنها المرة الأولى، منذ اندلاع الموجة الإرهابية المعاصرة، التي يتعرض فيها أحد أهم ثلاثة مساجد في الإسلام، لهجوم إرهابي من هذا الطراز.
ما الذي يريده هؤلاء، وأية رسائل يريدون تمريرها بمقارفة مثل هذه الأفعال النكراء؟ ... هل يمكن البحث عن أجوبة “منطقية” عن هذه الأسئلة المنطقية تماماً؟ ... أم ان الجماعة مسّهم الجنون، وذهب “غسيل الدماغ” بعقولهم وفطرتهم وحسّهم وقدرتهم على التمييز بين الخطأ والصواب؟
إن هم أرادوا استهداف المملكة العربية السعودية، أمنيا وسياسياً، فثمة مئات وألوف الأهداف التي يمكن التفكير فيها في طول البلاد وعرضها ... وإن هم أرادوا البرهنة على أن حكومتها غير قادرة على تأمين “الحرمين الشريفين”، فهذه أسوأ طريقة لفعل ذلك، فالمملكة بعد الجريمة، حصدت تعاطف خصومها قبل أصدقائها، والإرهابيون وحدهم دون غيرهم، من سيتلقى لعنات الناس على امتداد العالمين العربي والإسلامي.

يرفعون راية الإسلام و “لا إله إلا الله محمد رسول الله”، وهم يضربون مسجد محمد، ويستهدفون عباد الله والمسلمين في ثياب الإحرام ... لقد تحوّلوا فعلاً إلى “آلة قتل عمياء”، لا تميز بين عسكري ومدني، امرأة ورجل، شاب ومسن وطفل، مسلم وغير مسلم، سنّي أو شيعي، عربي أو كردي أو تركي أو فارسي، غربي أو شرقي ... الناس جميعهم، باتوا أهدافاً شرعية ومشروعة لهؤلاء، حتى أنهم إن لم يجدوا من يطلقون النار عليه، استداروا ببنادقهم إلى بيئتهم الحاضنة وعناصرهم المشكوك في “ثباتها” و”بيعتها”.
هم الذين استفادوا كثيراً من “لعبة الأمم” و”حروب الإخوة الأعداء” على امتداد الجبهات وخطوط التماس بين المذاهب والطوائف في الإقليم المحترب والمنقسم على نفسه ... وهم الذين عرفوا بغبائهم و”دوغمائيتهم” و”دمويتهم” الفائضة عن الحاجة، كيف يستعدون كل دول الإقليم والعالم، وكيف يدفعون بمن بسطوا لهم الأيدي بالأمس، إلى الاستدارة لقتالهم اليوم، ونقل بنادقهم من كتف إلى كتف ... فعلوا ذلك مع تركيا من قبل، ويكررون الشيء ذاته، مع دول عربية وخليجية من بعد.

لكأننا بالتنظيم الأشهر والأكثر دموية، يندفع إلى “خيار شمشون” عن سبق الترصد والإصرار ... يدرك أن آجاله باتت قصيرة، وهوامش مناورته باتت ضيقة، فقرر الخروج في رحلة الانتحار الجماعي، يوزع الموت على عناصره وأتباعه، ومن تصلهم شظايا المفخخات والأحزمة الناسفة ... الموت بات مطلوباً بذاته، حتى وإن اقتصر على “انتحاريي” التنظيم و”انغماسييه”، فقد شهدنا في القطيف وجدة السعوديتين، والقاع اللبنانية، انتحاريين يقتلون أنفسهم فقط، رأينا عمليات تنتهي بقتلى من الانتحاريين يزيد عددهم عن عدد القتلى من المستهدفين، في دلالة على سوء اختيار الأهداف، و”الخفة في التخطيط” والتسرع في التنفيذ، ما يشي بوجود فائض من الانتحاريين ونقص ذريع في الأهداف التي يمكن الوصول إليها ... لقد خرجوا للبحث عن أقرب “بوابة للجنة والحور العين”، حتى وإن كانت النتيجة، موتهم وحدهم دون سواهم ... والمتوقع لحلقات هذا المسلسل أن تطول وتتوالى، بما يتخطى الدراما التركية أو المكسيكية، وكلما ضاقت أرض سوريا والرافدين عليهم بما رحبت.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فائض جنون أم فائض انتحاريين فائض جنون أم فائض انتحاريين



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon