استفتاء كردستان من زاوية أخرى

استفتاء كردستان... من زاوية أخرى

استفتاء كردستان... من زاوية أخرى

 لبنان اليوم -

استفتاء كردستان من زاوية أخرى

بقلم : عريب الرنتاوي

دول جوار كردستان في أقصى حالات التأهب والاستنفار، تحسباً لتداعيات اليوم التالي للاستفتاء، والاستفتاء بخلاف أمثاله من الاستفتاءات جرت في دول عديدة، تبدو نتائجه محسومة سلفاً، والأرجح أن أغلبية ساحقة (تذكر بالاستفتاءات الرئاسية العربية ولكن من دون حاجة للتزوير هذه المرة) ستصوت بنعم لاستقلال كرد العراق في دولة خاصة بهم، مستقلة وذات سيادة.

أسباب التأهب والاستنفار عديدة، سنتوقف أمام اثنين منها: الأول، ونجده محقاً، ويتعلق بخشية بعض جوار كردستان، إيران وتركيا أساساً، من احتمالات تحول الدولة الكردية إلى خندق متقدم لمشاريع أمريكية وغربية وإسرائيلية تستهدفها، وهي دول مشتبكة بعلاقة عدائية مع واشنطن وتل أبيب (إيران)، وفي الحد الأدنى بعلاقة مفتوحة على شتى الاحتمالات والتقلبات كما في الحالة التركية.

كرد العراق لم يفعلوا الشيء الكثير لتبديد مخاوف الجوار من سيناريو كهذا، بل على العكس من ذلك، رأينا أعلام إسرائيل ترفرف في مواكب ومهرجانات الاحتفاء بالاستفتاء والاستعداد له ... وربما لهذا السبب بالذات، رأينا إيران أكثر من غيرها، وقبل غيرها، تتخذ إجراءات عقابية ضد الإقليم، وتلوح بالمزيد منها، قبيل الاستفتاء وبعده.

السبب الثاني، ونعفي الإقليم من تبعاته وأوزاره، والمتصل بخشية الدول المجاورة من مفاعيل “مبدأ الدومينو” على وحدتها الوطنية وأمنها واستقرارها، كأن يتحرك أكراد سوريا وتركيا وإيران للمطالبة بكيانات مستقلة عن دولهم، وربما استعادة حلم “كردستان الكبرى” الموزعة بين الدول الأربع المتجاورة.

ونقول إننا نعفي الإقليم من تبعات هذا السيناريو وتداعياته، لأنه في حال حصل أمر مشابه في أي من هذه الدول، فإن التبعة والمسؤولية تقع بالأساس على كاهل هذه الدول ذاتها .... فتنامي الميول الاستقلالية لأكراد هذه الدول، نبع وينبع من فشل هذه الدول في نسج علاقة صحية، متزنة ومتوازنة مع جميع مواطنيها ومكوناتها ... فالكردي – التركي، لا يفكر بالانفصال لو أنه شعر بأن حقوقه الجمعية فضلاً عن حقوقه الفردية محترمة بالكامل ... والكردي – الإيراني، لن يقلد إخوانه العراقيين، لو أنه يتمتع بكامل حقوق “المواطنة” و”الوطنية”، كفرد وجماعة في بلده، وما ينطبق على تركيا وإيران والعراق، ينطبق بالقدر ذاته، على اكراد سوريا.

صراخ دول الجوار الُمنافح عن وحدة العراق وسيادته واستقلاله، صراخ زائف وكاذب ومفتعل ... فالدول التي ينطلق منها هذا الصراخ والضجيج، هي أول من انتهك سيادة العراق واستقلاله، وهي أول من عاث به تقسيماً وتفتيتاً على أسس مذهبية وقومية وعرقية وطائفية ... وهي بالدرجة الثانية، بعد الولايات المتحدة ونظام ما بعد 2003، مسؤولة إلى أقصى حد، عن انزلاق العراق نحو ضفاف الدولة الفاشلة، فلا نظامها السياسي قادر على جمع جميع أبنائها تحت مظلة العدالة والمساواة والمشاركة والمواطنة الفاعلة، ولا نظامها الاقتصادي والمالي قادر على تأمين المستلزمات الأساسية للعيش اللائق والكريم، من الكهرباء وحتى المياه مروراً بمختلف المرافق والبنى التحتية التي ظلت على حالها منذ سقوط نظام صدام حسين وحتى يومنا هذا.

لسنا نبرئ كرد العراق من المسؤولية في استعجال الصدام ودفع العلاقات مع المركز إلى حافة الهاوية ... كان يمكن إجراء الاستفتاء في المناطق المتفق على أنها جزء من الإقليم، وأرجائه في المناطق المتنازع عليها لحين حسم الخلاف مع المركز ... وكان يمكن التجاوب مع نداءات المجتمع الدولي، كل أطراف المجتمع الدولي بلا استثناء، لإرجاء الاستفتاء وتوفير فسحة من الوقت للحوار والتوافق، أقله إلى مرحلة ما بعد الانتهاء من داعش ... لكن دوافع الرئيس مسعود البرزاني الشخصية والحزبية، وعناده غير المفهوم، قاد الأمر إلى نتيجة لا تحمد عقباها.

المرجح أن الاستفتاء، سيما أن جرت ترجمة نتيجته إلى إعلان استقلال الإقليم في دولة منفصلة عن العراق، ستكون له تداعياته المتواترة، بداية بالعراق نفسه، حيث تشعر مكونات وأطراف عديدة، بحاجتها ورغبتها بـ “الفدرلة”، وانتهاء بدول جوار العراق، حيث ستتشجع كثير من الكيانات والمكونات، للسير على هذا الطريق، ولن يتوقف الأمر عند حدود دول جوار كردستان الأربع، بل قد يتعداها إلى الفسيفساء المذهبية والجهوية والمناطقية والقومية في دول أبعد قليلاً عن السليمانية وأربيل، ومن يعش ير.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استفتاء كردستان من زاوية أخرى استفتاء كردستان من زاوية أخرى



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon