«كلمة السر» في جيب ترامب

«كلمة السر» في جيب ترامب

«كلمة السر» في جيب ترامب

 لبنان اليوم -

«كلمة السر» في جيب ترامب

بقلم : عريب الرنتاوي

ثمة إجماع بين المراقبين للمشهد الفلسطيني على أن المصالحة بين فتح وحماس، ما كانت لتقطع أولى خطواتها في القاهرة كما حصل بعد أول جولة من الحوار، لولا توفر «دوافع قوية» عند طرفي الانقسام الفلسطيني والوسيط المصري على حد سواء ... دوافع جعلت الوساطة حاجة، ومكّنت الأفرقة من تذليل عقبات لم تنجح محاولات عديدة سابقة في تذليلها.

بعض المراقبين يقترح أن طرفي الانقسام الفلسطينيين، إنما ذهبا إلى المصالحة من دون تردد، تحت ضغط الخشية مما ينتظر القضية الفلسطينية من «خطط» و»مبادرات»، يسود اعتقاد واسع بين الفلسطينيين، بأنها تستهدف «تصفية» قضيتهم بدل «تسويتها» ... مثل هذه المقاربة، ينقصها الدلائل والبراهين، وهي وإن كانت «حافزاً من الحوافز التي دفعت الفريقين لتجشم عناء السفر إلى القاهرة، إلا أنها وحدها لا تكفي لتفسير التقدم الحاصل على هذا الطريق... وحتى بفرض وصول الفلسطينيين إلى قناعة من هذا النوع، فهل هذه هي القناعة المتشكلة عند الوسيط المصري، وإن كان الأمر كذلك، فلماذا يجري الإصرار في القاهرة على الربط بين المصالحة وفرص السلام التي ترفرف فوق البيت الأبيض؟ ... أليست المصالحة مطلوبة بذاتها في كل الظروف والأحوال؟ ... وكيف يمكن تفسير إحجام دول عربية على «تجميد» سياساتها العدائية، سواء حيال حماس أو عباس؟ هل للأمر صلة بتسهيل خطوات المصالحة، أم هي محاولة لتعبيد الطريق أمام «صفقة القرن»؟ ... واستتباعاً هل المصالحة خطوة تمت في مواجهة «مشروع ترامب» أم لتسهيل هذا المشروع وجعله ممكناً؟
في ظني، كما في ظن كثيرين غيري، أن «كلمة السر» في هذه الانعطافة التي جعلت المستحيل ممكناً، إنما تتمثل في «مشروع ترامب» الذي طاف موفدون أمريكيون عواصم المنطقة، لاستكمال عناصره وترويجه واستطلاع فرص نجاحة واحتمالات فشله ... ووفقاً لما تناهى إلينا من معلومات، فإن المشروع المذكور لا يختلف كثيراً عمّا احتشدت به الجعبة الإسرائيلية من أفكار ومشاريع خلال السنوات الماضية، وأهمها على الإطلاق: تغيير الوضع القانوني للسلطة لتصبح دولة، من دون زيادة جدية او نقصان في ولايتها العامة وحدودها «التدريجية» على حد تعبير جارد كوشنر، في تحايل مفضوح على عبارة «الحدود المؤقتة»، على أن يجري إعادة ربط بقايا الضفة الغربية (42 بالمائة) منها، تشكل مناطق (أ و ب) بموجب تقسيمات أوسلو، مع قطاع غزة، لتبدأ بعد ذلك، مفاوضات بين «دولتين» لحسم القضايا العالقة، وهي عملياً كافة موضوعات الحل النهائي للقضية الفلسطينية.

إن كانت هذه هي دوافع الوسيط، فضلاً عن وجود أهداف أخرى تتعلق بسيناء والحرب على الإرهاب وغيرهما، فما هي دوافع الأطراف ذاتها؟ ... عباس على ما يبدو أدرك وإن متأخراً المآلات الصعبة التي انتهى إليها خيار التفاوض، وهو يعرف ما ينتظره من ترامب وإدارته، وهو يتحضر لتعزيز أوراقه إن لتحسين شروط «صفقة القرن» أو لتوزيع دم القضية الفلسطينية على الفصائل الفلسطينية والقبائل العربية.

في المقابل، يبدو المحرك الرئيس لخطوات حماس باتجاه المصالحة، نابع من مطرح آخر، يتصل أساساً بمأزقها في قطاع غزة، ومأزق القطاع تحت قيادتها، سيما بعد أن انفض الجمع من حولها، وباتت تجد صعوبة حتى في ترتيب زيارة لوفد منها إلى إحدى العواصم الحليفة لها سابقاً، من طهران ودمشق وضاحية بيروت الجنوبية، مروراً بانقرة والدوحة، وانتهاء بالقاهرة التي جرى الرهان عليها لتكون بوابة إلى أبوظبي تحت جنح المصالحة مع العقيد المنشق محمد الدحلان... ولو كانت حماس في وضع مغاير، لتركت السلطة وغريمتها «فتح» تغرق في أوحال «صفقة القرن»، ولعملت على تجهيز نفسها لوراثة الجمل الفلسطيني بما حمل.

اختلاف الدوافع والمحركات التي حدت بالأطراف المختلفة، بمن فيها الوسيط، لم يمنع من الالتقاء في نقطة واحدة، ليس مهماَ إن كانت في منتصف الطريق أو أقرب إلى رام الله منها إلى غزة ... لكن لهذا السبب بالذات، ستظل المصالحة قلقة وهشة، فإن أخفق أي من الأطراف في الحصول على مبتغاه من المصالحة، سيكون سهلاً عليه، نفض اليد منها أو حتى الانقلاب عليها، ينطبق ذلك على الأطراف بذات الدرجة التي ينطبق فيها على «الرعاة» العرب، وليس الوسيط المصري وحده هو المعني هنا.

إدراك الأطراف لهذه المسألة، ومعرفتهم باختلاف دوافعهم ومحركاتها، يدفع بهم من الآن، لأخذ احتمالات النكوص والانتكاس بنظر الاعتبار، لذا تراهم يتحدثون عن أطيب النوايا وأعمق التنازلات من جانبهم، بانتظار أمر مماثل من الجانب الآخر ... فيما ورقة العقيد الدحلان، لم تحرق بعد، ولم يجر التخلي عنها، بل ركنت على الرف، ربما لزمن لاحق، قد تشتد فيه الحاجة إليها ... مرة أخرى، كلمة السر في جيب دونالد ترامب، وليس في مكان آخر.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«كلمة السر» في جيب ترامب «كلمة السر» في جيب ترامب



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon