نتنياهو يطلب السلم وإن في موسكو

نتنياهو يطلب السلم وإن في موسكو

نتنياهو يطلب السلم وإن في موسكو

 لبنان اليوم -

نتنياهو يطلب السلم وإن في موسكو

بقلم : عريب الرنتاوي

ما الذي يبحث عنه نتنياهو في موسكو، ولم يعثر عليه في باريس وواشنطن؟
سؤال أثار اهتمام مراقبين ومحللين سياسيين، بعد أن هيمنت قضية الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي على جدول أعمال زيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية الثانية للعاصمة الروسية في غضون شهرين ... هل قرر نتنياهو حقاً، “تلزيم” موسكو “عملية سلام الشرق الأوسط”، منهياً عقوداً خمسة من “الوكالة الأمريكية الحصرية” لهذا الملف؟ ... هل استيقظ الرجل فجأة على حقائق ومضامين مبادرة السلام العربية التي مضى على إقرارها في بيروت أكثر من أربعة عشر عاما؟ ... أم أن الرجل الذي خبر شق الطرق الالتفافية- الاستيطانية في فلسطين، قرر على ما يبدو، تدشين طريق التفافي جديد لمواجهة ما بات يعرف في إسرائيل بـ “تسونامي” الحراك الدبلوماسي الدولي الهادف فتح ملف القضية الفلسطينية من جديد؟
نفهم أن تتحمس موسكو لهذه البادرة الإسرائيلية، فالكرملين يرغب في منازعة البيت الأبيض، أدواره الدولية بأي ثمن، و”القيصر” يريد أن يُفهم العالم، بأن بلاده باتت ندّاً للولايات المتحدة، لا في الأزمة السورية فحسب، بل وفي العديد من أزمات المنطقة ... والكرملين، الذي عانى التهميش في إطار “الرباعية الدولية” بعد أن تحوّل إلى شاهد زور على جولات جون كيري ومبادراته، يريد أن يعيد الاعتبار لهذا الإطار، الذي قد يشكل نافذته الأوسع، للاطلاع بأدوار أكبر على مسرح المفاوضات وعملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

ونفهم أيضاً، أن علاقات وطيدة تربط موسكو بروسيا، وبوتين بنتنياهو، مع أن هذا الكلام سيزعج كثيرين ممن يطلقون على أنفسهم اسم: “معسكر المقاومة والممانعة”، علماًبأن موسكو لم تدع فرصة تمر من دون أن تبادر إلى تبديد أي وهم حول عضويتها في هذا المعسكر أو دعمها له، وإثبات رغبتها على إقامة علاقات متوازنة بين طهران وتل أبيب، والأولى ودمشق، والثانية والرياض ... هذه هي السياسة الروسية، التي وإن بدت منحازة لمحور إقليمي بعينه، إلا أنها في واقع الحال، لا تترك مناسبة تمر دون توظيفها لتنويع علاقاتها مع مختلف اللاعبين.

بيد أننا نجد صعوبة فائقة، في قبول زعم أن “نتنياهو تغير”، وأن ريش الحمام بدأ يكسو جناحيه، سيما وأنه يقف على رأس أكثر الحكومات يمينية في تاريخ إسرائيل،فالرجل الذي أكثر مؤخراً من رؤية “الجوانب الإيجابية” في مبادرة السلام العربية، قرر على ما يبدو إفراغ المبادرة من مضامينها، وإحالتها إلى مجرد عملية تفاوض، تستثني القدس والجولان واللاجئين، وتقضم ما يقرب من نصف الضفة الغربية، تحت ذريعة “احتياجات إسرائيل الأمنية”.

من يرفض المبادرة الفرنسية برغم نواقصها وعلّاتها الكثيرة، لا يمكنه أن يقبل بمبادرة السلام العربية ... ومن يرى في فرانسوا أولاند وباراك أوباما، وسطين غير نزيهين بين إسرائيل والفلسطينيين، لا يمكن أن يقبل بوساطة فلاديمير بوتين، أو حتى عبد الفتاح السيسي ... من رفض جميع مرجعيات عملية السلام وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، لا يمكن أن يكون عرض على الكرملين، قبولاً غير مشروط بالمبادرة إياها.

من اللافت للانتباه، أنه في الوقت الذي لم تدخر حكومة المتطرفين في إسرائيل من وسيلة إلا ولجأت إليها لتفريغ المبادرة الفرنسية من مضامينها، وقطع الطريق على أية محاولة لـ “تصفية الحساب” يمكن أن يقدم عليها الرئيس الأمريكي في الهزيع الأخير من ولايته، تبادر هذه الحكومة، إلى إطلاق رسائل الترحيب بالمبادرة العربية للسلام، وتثمين مبادرة السيسي للتوسط بين إسرائيل والفلسطينيين، بل ويذهب رئيسها إلى “طلب ترياق السلام” من موسكو، وبمبادرة منه، وبصورة ربما تكون قد فاجأت سيد الكرملين ووزير خارجيته النجيب سيرغي لافروف.

إغراق المنطقة بالمبادرة، وتشجيع التزاحم والتنافس بين المبادرين والوسطاء، أمر سيمكن نتنياهو من “الهرب إلى الأمام”، وتكتيكه قائم على ضرب هؤلاء اللاعبين أحدهم بالآخر، إذ بمقدوره القول اليوم، أن السيسي أولى من هولاند بالوساطة، وأن قنوات إسرائيل مع العرب، مفتوحة بالاتجاهين، ومن دون حاجة للوسطاء، وأن مبادرة السلام العربية، يمكن أن تكون إطار للتفاوض، إن تخلى العرب بالطبع عن بعض من مبادئها الرئيس، وتحديد حيال القدس واللاجئين والجولان وغور الأردن وغيرها من عناوين.

نتنياهو الذي توصل منذ زمن، إلى أن ثمة “دوافع” لدى عرب الاعتدال للتقارب مع إسرائيل وتطبيع العلاقات معها، لمواجهة إيران وحلفائها، ما زال يراهن على أنه سيجد لدى هؤلاء، أذناً صاغية لإدخال تعديل جوهري على مبادرة قمة بيروت ... وهو إذ يتوجه صوب “العرب ومبادرتهم”، فإنه يراهن على كسر عدد من الخطوط الحمراء، التي طالما رسمها العرب حول “حل الحد الأدنى” المقبول لإنهاء الصراع العربي – الإسرائيلي ... واحسب أن “بالونات الاختبار” التي يطلقها الرجل في الفضاء العربي، إنما تستهدف من ضمن ما تستهدف، سبر أغوار العرب والتعرف على الحدود التي يمكن أن تصل إليها تنازلاتهم المتعاقبة والمتراكمة.

أما المجتمع الدولي، فيخطئ إن هو سمح لنتنياهو بالإفلات هذه المرة، وقديماً قيل: عارٌ عليك إن خدعتني مرة، وعارٌ عليّ إن خدعتني مرتين” ... نتنياهو مخادع، وحبل أكاذيبه قصير للغاية، وسيكتشف العالم بعد زمن ليس بالبعيد، بأن الرجل كان يشتري الوقت، ويلعب على التناقضات وصراعات الأدوار، وأن حل القضية الفلسطينية، ليس أمراً ضاغطاً على جدول أعماله، وإن كل ما يفعله إنما يستهدف بالضبط، درء استحقاق المبادرات الدولية وإبعاد شبحها الذي يحوم فوق الكنيست والحكومة والرأي العام الصهيوني في إسرائيل.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نتنياهو يطلب السلم وإن في موسكو نتنياهو يطلب السلم وإن في موسكو



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 09:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:05 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 08:48 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

أبرز العطور التي قدمتها دور الأزياء العالمية

GMT 15:27 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

علي ليو يتوج بلقب "عراق آيدول" الموسم الأول

GMT 11:57 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

برومو ”الاسكندراني” يتخطى الـ 5 ملايين بعد ساعات من عرضه

GMT 16:26 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:28 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لاستغلال زوايا المنزل وتحويلها لبقعة آسرة وأنيقة

GMT 09:37 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

طرق تنظيم وقت الأطفال بين الدراسة والمرح

GMT 14:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

متوسط أسعار الذهب في أسواق المال في اليمن الجمعة

GMT 19:03 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منى عبد الوهاب تعود بفيلم جديد مع محمد حفظي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon