«طبقات الصراع» في حلب وأكنافها

«طبقات الصراع» في حلب وأكنافها

«طبقات الصراع» في حلب وأكنافها

 لبنان اليوم -

«طبقات الصراع» في حلب وأكنافها

بقلم : عريب الرنتاوي

ليس الصراع في حلب وعليها، بين معسكرين مفروزين ومتقابلين فحسب، بل هو صراع “مركب”، يعتمل داخل كل معسكر منها، ونتيجته، رهن بحسم الاختلافات والخلافات بين حلفاء الخندق الواحد أولاً، ومن ثم بين المعسكرين المتحاربين ... مالات الحرب في حلب وحولها، رهن بالنتيجة التي سيؤول إليه الصراع “متعدد الطبقات” الدائر بضراوة للسيطرة على المدينة التي باتت مفتاحاً لحل الأزمة السورية أو تعقيدها، فيما البعض يعتقد، أنها “أم معارك” الحروب الإقليمية الدائرة في المنطقة، ونتيجتها ستقرر أي من المحورين ستكون له اليد العليا.

في المعسكر المعارض، المدعوم من تركيا ودول خليجية وبعض عواصم الغرب، ثمة محاولات تركية – خليجية للتفلّت من قيود التهدئة وإعادة بناء توازنات القوى، توطئة لإعادة صياغة مسار جنيف ... هذه الأطراف، لم تبد رضاها على تفاهمات فيينا ولا القرار 2254 وقبله القرار 2253، وهي بكل تأكيد ليست مرتاحة للتفاهم الروسي – الأمريكي، وتحمّل واشنطن علناً، وزر إفلات نظام الأسد من السقوط الحتمي، وتتهم إدارة أوباما بتسليم سوريا لروسيا وقيصر الكرملين، واستتباعا، لإيران ونظام الولي الفقيه.

في معسكر النظام وحلفائه، ثمة حالة من “التلاوم المتبادل”، مثلثة الأضلاع، النظام وإيران ومن خلفها حزب الله، لم يظهروا حماسة ظاهرة للتهدئة والتفاهم الروسي – الأمريكي الذي قطع الطريق على اختراقات الجيش السوري على الجبهتين الشمالية – الغربية (ريفي حلب واللاذقية) والجنوبية (درعا والقنيطرة) ... وهم يحملون روسيا المسؤولية عن “الوقوع في شرك الخديعة” الذي نصب لها بإحكام من قبل الولايات المتحدة، عندما ضغطت على حلفائها لتثبيت “وقف الأعمال العدائية”، ما أعطى النصرة وحلفائها من فصائل جهادية، الوقت الكافي لاستجرار الدعم التركي والسعودي والقطري، وبكثافة، وإعادة تشكيل جيش الفتح بنسخته المطورة الجديدة، وصولاً لاسترداد السيطرة على العيس وتلتها الاستراتيجية ولاحقا خان طومان والخالدية، وصولاً لبلدة الحاضر، بوابة حلب، تحت ستار التهدئة ووقف إطلاق النار.

الاتهامات بهذا المعنى “التقني” تخفي وراءها اتهامات ذات طبيعة سياسية أكبر، تتصل بالأولويات والرهانات ... إيران وحزب الله، يخوضان معركة “الأسد خط أحمر”، وروسيا تحرص في المقابل على التذكير بأنه “ليس حليفها” .... روسيا معنية بعلاقاتها بواشنطن، وتوسيع نافذة علاقاتها مع دول خليجية، أهمها السعودية، فيما إيران وسوريا وحزب الله، تضع هذه الأطراف، في صدارة لائحة الخصوم والأعداء ... من منظور الفريق الأول، كل تقدم في الميدان، يخدم هدف إبقاء النظام ورئيسه، ومن منظور روسيا، التفاهم مع واشنطن، هو ما يمكن أن يوفر لموسكو فرصاً لكسر العقوبات الدولية والاعتراف بدورها العالمي، ويساعد في “حلحلة” أزمات أخرى، بدءاً بأوكرانيا، وليس انتهاء بأسعار النفط.

نجاح جبهة النصرة على رأس “جيش الفتح” الذي يضم أيضاً الجبهة الشامية وأحرار الشام وكتائب زنكي والتركمان، في تحقيق اختراقات “نوعية” على جبهة حلب، أمرٌ يصب في مصلحة وجهة النظر السورية – الإيرانية، ويضعف المقاربة الروسية، ولا شك أن إعلانات طهران المتكررة عن سقوط “شهداء” لها على هذه الجبهة، وبصورة احتفالية، متزامنة مع زيارة علي أكبر ولايتي كبير مستشاري المرشد الأعلى لدمشق، إنما تعد بمثابة تمهيد لانتصار المقاربة الداعية للحسم العسكري للمعارك على أطراف المدينة، وإخضاع أحيائها الشرقية لحصار محكم، بعد تقطيع طرق إمداد المعارضة الممتدة إلى “العمق الاستراتيجي” التركي.

في المقابل، يواصل وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري سياسة “الجلوس على مقعدين”، فلا هو قادر على مجاراة حلفائه الإقليميين التوّاقين للحسم والمناطق الآمنة وإسقاط الأسد، ولا هو قادر على الوفاء بالتزاماته المترتبة على تفاهماته مع نظيره الروسي سيرغي لافروف ... ويبد أن سياسة التأرجح كالبندول، ستظل حاكمة للموقف الأمريكي طيلة المدة المتبقية لإدارة الرئيس باراك أوباما.

من بعيد يأتي صوت أيمن الظواهري، زعيم القاعدة السادر في غيابه وغيبوبته، داعياً أنصار “قاعدة الجهاد” للالتحاق بـ “الجهاد الصحيح على أرض الشام”، ونصرة “النصرة” ... ومن قريب تتوارد الأنباء التي تتحدث عن عودة “داعش” لاعتماد استراتيجية “الهجوم خير وسيلة للدفاع”، فتندفع جحافله بقوة نحو حقول النفط في شرق حمص، وتذهب أخرى لاسترداد معاقل له، سقطت في يد وحدات الحماية الكردية وقوات سوريا الديمقراطية في الشمال الشرقي ... تطوران خطيران، يدعمان بصورة غير مباشرة، خيار المواجهة المسلحة والاحتكام إلى الميدان.

الكلمة العليا الآن، وحتى إشعار آخر، للرصاص والمدافع ... ومصير مسار جنيف سيتقرر في خان طومان والكاستيلو، ومن حلب سيأتي النبأ الأخير، حول مسارات الأزمة السورية وتحولاتها المستقبلية اللاحقة ... والمرجح أن يستمر الحال على هذا المنوال، إلى ما بعد رمضان القادم، وبعدها لكل حادث حديث.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«طبقات الصراع» في حلب وأكنافها «طبقات الصراع» في حلب وأكنافها



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 09:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:05 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 08:48 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

أبرز العطور التي قدمتها دور الأزياء العالمية

GMT 15:27 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

علي ليو يتوج بلقب "عراق آيدول" الموسم الأول

GMT 11:57 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

برومو ”الاسكندراني” يتخطى الـ 5 ملايين بعد ساعات من عرضه

GMT 16:26 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:28 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لاستغلال زوايا المنزل وتحويلها لبقعة آسرة وأنيقة

GMT 09:37 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

طرق تنظيم وقت الأطفال بين الدراسة والمرح

GMT 14:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

متوسط أسعار الذهب في أسواق المال في اليمن الجمعة

GMT 19:03 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منى عبد الوهاب تعود بفيلم جديد مع محمد حفظي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon