بقلم - عريب الرنتاوي
على مبعدة أيام، ستلتئم قمة إسلامية خماسية في كوالالمبور ... الدول المشاركة هي إلى جانب ماليزيا، الدولة المضيفة، كل من إندونيسيا والباكستان وتركيا وقطر ... مهاتير محمد ورجب طيب أردوغان، هما عرّابا القمة ... الأول، قال إن «القمة الخماسية» ليست ناديا مغلقا، وأنها مفتوحة في المستقبل لعضويات جديدة ... أما الثاني، فذكرنا مساعده، ياسين أقطاي، بأنها ليست المرة الأولى التي تلتئم في هذه المجموعة.
سكانياً، يزيد تعداد سكان الدول الخمس الأعضاء عن النصف مليار نسمة، ما يقرب من 40 بالمئة من مجموع المسلمين في العالم ... وإلى جانب القادة والوفود الرسمية، ستستضيف القمة، في مؤتمرات موازية، ما لا يقل عن 500 شخصية إسلامية فكرية ودينية وإعلامية وثقافية ... نحن إذاً، أمام حدث هام على المستوى الإسلامي.
الدول المشاركة مثيرة للانطباع ... ثلاث منها، هي الأكبر سكانياً في العالم الإسلامي (غير العربي)، نظمها السياسية تراوح ما بين «الملكية السلالية» والدكتاتورية والديمقراطية الناشئة ... جيوش بعضها تلعب دوراً حاسماً في السياسة والحكم والمال والأعمال (عسكريتاريا)، وجيوش بعضها الآخر، تكتفي بأدوارها التقليدية ولا تتخطاها ... بعضها متقدم اقتصادياً، وقد انضم مبكراً إلى نادي «النمور الآسيوية»، وبعضها الآخر، بنى «مجده» على «الهيدروكربون» وبعضها الآخر ما زال في مرتبة متدنية نسبياً على سلم التنمية البشرية ... ثمة تفاوت نمو كبير بين هذه الدول... والدول الخمس متباعدة وغير متصلة جغرافياً... وليس ثمة ما يشير إلى أن هذا التكتل قد نشأ على فرضية «تكامل المصالح»، كأن تكون بعض الدول الأعضاء منتجة لسلع استراتيجية تحتاجها دول أخرى، مع أن أمراً كهذا، ممكن الحدوث مستقبلاً على أية حال.
تطرح كل هذه الفوارق، وهي ذات أهمية يصعب إنكارها، سؤالاً حول المعيار/ المعايير، التي جرى على أساسها اختيار هذه الدول لتكون نواة لتكتل دول جديد، تحت مظلة إسلامية ... ما الذي «جمع الشامي على المغربي» ... هل نحن أمام محور سياسي، أم «منظمة اقتصادية»؟ ... وإن كانت السياسة في خلفية الاختيار والقاسم المشترك بين الدول الخمس، فما هو الهدف الأهم والأسمى لهذا التحالف، ومن هي الدول/المحاور المستهدفة بتشكيله؟
نفهم أن منظمة التعاون الإسلامي، تكاد تواجه المصير ذاته، لجامعة الدول العربية، ونُزكّي حق مجموعة من الدول الأعضاء في التكتل و»التشبيك» بهدف تحقيق أغراض فشل المنظمة الأم في تحقيقها ... ولكن هل يكفي القول بـ»النهضة الإسلامية» و»استنهاض العالم الإسلامي» حتى يصبح هذا اللقاء مبرراً ومفهوماً؟
ثمة غياب لافت لبعض الدول العربية عن هذا اللقاء: مصر أكبر دولة عربية، السعودية موطن الحرمين الشريفين، الإمارات والأردن، بقيادته الهاشمية الراعية للحرم القدسي الثالث، وصاحب رسالة عمان ومدرسة الوسطية والاعتدال في الإسلام ... ثمة سؤال عن «سر» تغييب هذه الدول.
هل نحن أمام مجموعة دول «غاضبة» أو «غير مرتاحة» للسياسة السعودية، الباكستان ليست كذلك، وكذا أندونيسيا، وافترض ماليزيا كذلك ... لماذا تُستثنى مصر، والإمارات كذلك ... إن كان الأمر كذلك، فنحن أمام محور جديد في العالم الإسلامي، وليس قيادة جديدة لهذا العالم ... أو ربما، أننا لسنا أمام مبادرة جدية ومستدامة، بل ربما نكون أمام إطار ولد ميتاً.